إطـــــلاق صنـــــدوق دعـــــم الصّحافـــــة..اعتمـــاد ميثـــاق مهنــــــــي وتنصيــــــــب المجلـــــــــس الأعلــــــــــى للأخلاقيــــــــات
إدراج المهنــــــــــــــــة ضمــــــــــن المهــــــــــــــــن الشّاقـــــــــــــة.. وتطهــــــــــــــــــــــير القطــــــــــــــــــاع مــــــــــــــــــــــن الدّخـــــــــــــــــــــــــلاء
التكويـــــــن المستمــــــــر..وتسطـــــــير استراتيجيـــــــــة شاملـــــــــــــــــــــــــــة للإتّصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــال المؤسّساتــــــــــــــــــــــي
أثمر اللقاء الجهوي الأول للصحفيين والإعلاميين الجزائريين بعاصمة الغرب، وهران، عن العديد من التوصيات والمقترحات التي من شأنها المساهمة في مواجهة التحديات التي يفرضها قطاع الإعلام بشقيه «التقليدي» و»الجديد»، سعيا نحو بناء إعلام وطني راسخ، قوي في مبادئه، سام في أهدافه، يصدح بصوت الحق والمسؤولية.
الحدث الإعلامي المتميز، الذي يُعد الأول من نوعه منذ الاستقلال، شكّل مناسبة هامة لتبادل الأفكار والرؤى، وإيجاد حلول عملية تتجاوز التفكير التقليدي حول قضايا جوهرية طرحتها أربع ورشات، وهي: «الترسانة القانونية الجديدة المنظمة لقطاع الاتصال وأخلاقيات المهنة»، «واقع الصحافة السمعية البصرية والصحافة المكتوبة والإلكترونية في ظل التحديات الجديدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس»، «الاتصال المؤسساتي ودوره في الترويج لصورة الجزائر»، و»التكوين المتخصص والمتواصل واستشراف مهن المستقبل»، وذلك بمشاركة ممثلين عن وسائل الإعلام والجمعيات والنقابات الوطنية، من 18 ولاية من الجهة الغربية ومن الجنوب الغربي للوطن.
نحو حماية أكبر وتنظيم أدق
دعا المشاركون في ورشة «الترسانة القانونية الجديدة المنظمة لقطاع الاتصال وأخلاقيات المهنة»، إلى ضرورة تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية للصحفيين من خلال الإسراع في إعداد وإصدار النصوص القانونية المنظمة للقانون الأساسي للصحفي.
كما شدّدوا على ضرورة الإسراع في إعداد النصوص التطبيقية الخاصة بصندوق دعم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، وإعادة النظر في مهام المكلف بالإعلام في الإدارات والهيئات العمومية، فضلا عن مراجعة الحجم الساعي المخصص لمادة التشريعيات وأخلاقيات الصحافة ضمن المناهج المعتمدة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، باعتبارها ركنا أساسيا في ممارسة العمل الإعلامي وضمان نزاهته.
وفي السياق ذاته، أكّدوا على ضرورة اعتماد المؤسسات الإعلامية ميثاقا داخليا خاصا بأخلاقيات المهنة، مع الإسراع في تنصيب المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات المهنة، وتسريع إصدار النص القانوني الذي يحدّد شروط منح البطاقة الوطنية للصحفي المحترف.
وطالبوا أيضا بإدراج مهنة الصحافة ضمن المهن الشاقة للاستفادة من الامتيازات المقررة في هذا الإطار، ناهيك عن تطهير القطاع من الدخلاء، وحث المؤسسات والهيئات الإدارية الرسمية على التعامل حصرا مع وسائل الإعلام المرخّصة قانونا.
كما اقترحوا في هذا السياق، التفكير في آليات قانونية تتيح للمؤسسات الناشئة العاملة في قطاع الإعلام الاستفادة من دعم الدولة، مع وضع إطار قانوني لتنظيم الإشهار وضبطه وفق معايير واضحة.
الورشة الثانية التي تناولت «واقع الصحافة السمعية البصرية، المكتوبة، والإلكترونية في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس»، خلصت إلى مجموعة من التوصيات المهمة، أبرزها التأكيد على ضرورة التكوين المستمر للصحفيين والعاملين في المجال، خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة.
وشدّدت الورشة على أهمية توفير بيئة عمل مناسبة للصحفيين، وعدم التخوف من الذكاء الاصطناعي، بل الاستثمار في تكوين الصحفيين وتخصيص ميزانيات لهذا الغرض، إلى جانب اقتراح عقد شراكات بين وزارة الاتصال والمؤسسات الناشئة كإحدى الحلول لدعم تطوير الصحافة الرقمية.
كما طالبت بتوفير كافة الموارد المادية واللوجستية والفكرية للإعلاميين، مع ضرورة تصفية القطاع من الدخلاء عبر جرد وإحصاء الصحفيين المحترفين، وتنظيم الصحفيين فيما بينهم لضمان التغيير من القاعدة، بهدف حماية صورة الجزائر وفق معايير محددة مسبقا.
ودعت التوصيات المتمخّضة عن هذه الورشة إلى تطبيق القانون الذي يُلزم الناشرين بتخصيص جزء من عائدات الإعلانات لتدريب الصحفيين، خصوصا خريجي الجامعات، بالإضافة إلى تشجيع الدعم الإعلامي للمشاريع الاستراتيجية، عبر تعزيز دور الصحفي كشريك أساسي في العملية التنموية.
وأسفرت الورشة التي حملت عنوان «الاتصال المؤسساتي ودوره في الترويج لصورة الجزائر» عن عدة توصيات جوهرية، أبرزها ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة للاتصال المؤسساتي، مع إنشاء هيئة وطنية عليا تُعنى بهذا المجال، إلى جانب تخصيص ميزانية تتماشى مع متطلبات التحول الرقمي وبناء شركات استراتيجية مع وسائل الإعلام، إضافة إلى تفعيل دور الدبلوماسية العامة بصفة استباقية.
كما شدّد المشاركون على أهمية وضع ميثاق للهوية البصرية المشتركة، إلى جانب تطوير وحدات اتصال مؤسساتي فعالة في جميع المؤسسات، مع التركيز على الاستثمار في الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي. وأكدوا في هذا السياق على أهمية تسهيل مهام الصحفيين والباحثين ومسؤولي الإعلام والاتصال، وذلك من خلال تعزيز قنوات التواصل الفعالة، إلى جانب إنشاء منصة رقمية تربط بين الصحفيين ومسؤولي الاتصال، فضلا عن عقد لقاءات منتظمة لتعزيز التعاون والتنسيق بينهم. وقد خلصت ورشة «التكوين المتخصص والمتواصل واستشراف مهن المستقبل» إلى مجموعة من التوصيات المهمة، أبرزها ضرورة مراجعة السياسة العامة للتكوين لضمان توافق التخصصات مع متطلبات سوق العمل، مع التأكيد على أهمية تحديث البرامج الجامعية بشكل مستمر.
كما أوصت بإنشاء لجنة قطاعية مشتركة بين وزارات التعليم والتعليم العالي والاتصال بهدف استشراف المهن المستقبلية، وإعادة تصنيف الوظائف في مجال الاتصال، إلى جانب تأسيس وحدات متخصصة بهذا المجال.
وشملت التوصيات أيضا إنشاء خلية لليقظة المعلوماتية على مستوى وزارة الاتصال، مع التركيز على تطوير مهارات التقنيين وتعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات ذات الصلة لضمان جودة التكوين.
كما تمّ التأكيد على أهمية إنشاء منصة إلكترونية لتعزيز التكوين، إلى جانب إطلاق مراكز تكوين جهوية ومنصات للتكوين المستمر عن بعد، مع التركيز على تنفيذ المخططات السنوية للتكوين داخل المؤسسات لضمان استمرارية التطوير والتأهيل.
إضافة إلى ذلك، شدّدت الورشة على ضرورة الحفاظ على مهنة الإخراج الإذاعي والتلفزيوني، من خلال تنظيم دورات تكوينية متخصصة في هذا المجال وتعزيز متابعة الكفاءات المكتسبة من التدريب.
أبرز وزير الاتصال، مزيان محمد، خلال إشرافه على الاختتام الرسمي لورشات هذا اللقاء التاريخي، للصحفيين والإعلاميين الجزائريين «حرص قطاعه على إعداد تقرير مرحلي يمثل خطوة أولى ضمن سلسلة من اللقاءات المبرمجة لاحقا في قسنطينة وورقلة، لتختتم في الجزائر العاصمة». وأوضح أن «التقرير النهائي الشامل سيتم إعداده بالتعاون مع مسؤولي وزارة الاتصال، مع الأخذ في الاعتبار جميع الاقتراحات والمساهمات المقدمة من مختلف الأطراف، لضمان تقديم رؤية متكاملة تسهم في تطوير العمل الإعلامي وتعزيزه».