طباعة هذه الصفحة

جـــــزائـــــر الـــــثـــــورة..وطـــن بـــرائــحـــة الــشــهـــــداء..

بقلم: جلال محمد حسين نشوان
جـــــزائـــــر الـــــثـــــورة..وطـــن بـــرائــحـــة الــشــهـــــداء..
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

 

حقّا يا سادة، كيف نشفى من عشقنا الأبدي لجزائر العزّة والشرف والكبرياء؟! فالجزائر وشعبها الشقيق العظيم له مكانة خاصة جدّا في قلوب الفلسطينيين وعقولهم، وفي فلسطين نشعر بمكانة الجزائر وحبّ الجزائريين لنا، فنحن وهم تربطنا علاقات أخوية..وتلاحم مصيري، لقد كانت فلسطين ومازالت قضية جزائرية وخطاً أحمرَ بإجماع مختلف شرائح الشعب الجزائري وقيادته الحكيمة، ومناضلو فلسطين خطاً أحمر جزائرياً لا تتهاون مع من يحاول المسّ به..


لم تبخل الجزائر، حتى وهي تمرّ في أحلك الأزمات، من تقديم الدعم لفلسطين وللشعب الفلسطيني. لقد كانت الجزائر ولا تزال الحضن الدافئ للشعب الفلسطيني وكانت الجزائر العاصمة المكان الأكثر أمنا ونزاهة لعقد المجالس الوطنية الفلسطينية، فهي لم تسعَ لمرة واحدة توجيه الأمور في دورات المجلس بل كانت توفر للمجتمعين البيئة الإيجابية الضرورية للنجاح والخروج بأفضل القرارات لما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني.
يمكن هنا أن نتخيل دور الجزائر الإيجابي والنزيه دائما إذا ما قارناه مع دول عربية أخرى كان شغلها الشاغل استخدام ورقة القضية الفلسطينية والسيطرة على القرار الوطني الفلسطيني..
لن ننسى:
عندما هبطت في مطار بومدين الدولي ثلاث طائرات وعلى متنها الأسرى المحرّرين أبطال معركة بيروت 1982، كان استقبالهم الرسمي والشعبي يشكل حكاية لا يمكن وصفها بالكلمات، وقد ألقيت كلمات الترحيب بهم وعلت الهتافات لهم، ولم يكن هذا غريبا عن الجزائر التي مثلت ساحة تاريخية عملاقة ومفتوحة لمساندة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وانعكس هذا على الشعب الجزائري، حيث احتلت فلسطين مكانة مميزة وخاصة في كلّ بيت جزائري، وعمل الإعلام الجزائري بكل أنواعه على الانتصار للقضية الفلسطينية عامة ولقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال خاصة، ولم تؤثر العولمة وتغيير موازيين القوى وقطبية العالم والهيمنة الأمريكية والضعف العربي، على الموقف الجزائري، بل من العدل والحقّ وجوب أن نذكر أن الإعلام الجزائري يعتبر قضية عام إقليمي ودولي مقروء ومسموع ومرئي، ولذا أصبح صوت الأسير الفلسطيني، ينطلق من الجزائر ليسمع العالم كله ماذا تعني قضية الأقصى وأنات الأسرى ومطالبه العادلة وعنجهية وظلم وعنصرية السجان الصهيوني.
لقد سجلت الجزائر الحبيبة حضوراً في أبناء شعبنا الفلسطيني فهي دائما قريبة من الحضور والنضال والحلم والفعل الفلسطيني، إنها الجزائر، الدولة والشعب وقصة المعاناة من الاستعمار، احتضنت القوات والأسر الفلسطينية حين أجبر الفلسطيني أن يغادر من لبنان إلى الشتات مرة أخرى بعد مجازر رهيبة وتآمر واضح ضدّ الوجود الفلسطيني والصمود العربي، وبعد عدة سنوات كان الحلم الفلسطيني يقترب، وصفقت الجزائر كما صفق كلّ فلسطيني بل كل عربي وبل كلّ حر حين قالها الرئيس الشهيد أبوعمار (نعلن قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف)..
كان ذلك في قلب الجزائر في 15 نوفمبر 1988 مع نهاية الإعلان عزفت موسيقيات الجيش الجزائري النشيد الوطني الفلسطيني (فدائي)، إنّها الجزائر ملهمة الأحرار التي تحتضن حرية فلسطين ودولتها وقيادتها، ولهذا ليس غريبا أن ينظر الاحتلال الصهيوني الإرهابي النازي إلى الجزائر كعدوّ رئيسي، حتى أنّ جولدا مائير رئيسة الحكومة الصهيونية الاحتلالية السابقة كانت تقول من حسن حظ دولتها الإرهابية أنّه لا توجد حدود مشتركة مع الجزائر، وهي بالفعل مصدر خطر عليه لأنّ التاريخ القريب يذكر أنّ المشاركة الجزائرية دوما كانت ولازالت المميزة والقوية، في الحروب العربية المتعلقة بنصرة القضية الفلسطينية، سواء على الصعيد السياسي والدبلوماسي (ميلاد الدولة الفلسطينية بالجزائر) تطبيقا للشعار الرسمي الذي يرفعه كلّ جزائري حكومة وشعبا وقيادة مع فلسطين ظالمة أو مظلومة ومن بداية استقلال الجزائر وتحررها من قبضة الاستعمار رفع الشعار الذي لازم سياساتها ودعمها المطلق للحق الفلسطيني “لن تستكمل الجزائر استقلالها، إلا باستقلال فلسطين” في العام 2012 ومن نيويورك، وحين استطاعت فلسطين أن تنتزع اعترافا دوليا بأنها عضو مراقب في الأمم المتحدة، وقفت الجزائر موقفا بطوليا ورائعا ومشكورا مع فلسطين، وبذلك ربطت الماضي بالحاضر، فللجزائر قيادة وحكومة وشعبا مواقف بطولية وفارقة في الحياة والمسيرة النضالية الفلسطينية، فهي أول دولة فتحت مكتبا لحركة فتح في العالم عام 1964 وهي أول من فتح مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية مع الصفة الدبلوماسية الكاملة، وهي أول دولة تعترف بدولة فلسطين حينما أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني إعلان الاستقلال وكانت هذه الدورة منعقدة في الجزائر، والجزائر صاحبة أول طلقة رصاص انطلقت على الاحتلال وأول الدول التي قامت بتدريب العسكريين الفلسطينيين والمتطوعين من منظمة التحرير الفلسطينية، والشعب الفلسطيني لن ينسى بل يستذكر بكل الفخر والامتنان لجزائر الحرية أنّ الرئيس زعيم الأمة (هواري بومدين) قام بترتيب زيارة الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات أبوعمار التاريخية إلى الأمم المتحدة عام1974، بل ووفر له الطائرة التي أقلته إلى هناك، وفي كلّ يوم تقدّم الجزائر المساعدات للشعب الفلسطيني، وهي من الدول العربية الملتزمة بدفع حصّتها المالية لجامعة الدول العربية.
وفي الحقيقة:
تتميّز سفارة دولة فلسطين في الجزائر بأنها سفارة رائدة في العمل الدبلوماسي لما تبذله من جهود رائعة، وذلك لتعميق وتعزيز العلاقة الجزائرية الفلسطينية، والأخ السفير الدكتور فايز أبوعيطة سفير دولة فلسطين في الجزائر، الذي يعمل وعلى مدار الساعة لتعميق العلاقة التاريخية بين الشعبين، وهنا لا يفوتني أن أتوجه بالفخر والاعتزاز من الأخ المناضل خالد صالح الذي يقوم بدور ريادي ووطني بملف الأسرى في السفارة والذي استطاع أن يفرد مساحات واسعة في الصحف الجزائرية الأقلام والعقول الفلسطينية إلى اتجاه تفعيل قضية الأسرى إعلاميا وعربيا وعبر الصحف الجزائرية في ملاحق زاخرة بالإبداع والمصداقية والانتماء الحقيقي لفلسطين ولقضايا المركزية ولقضية الأسرى كأولوية إنسانية وسياسية وحقوقية الفلسطينية عبر كلّ المنابر الجزائرية، لفضح كافة ممارسات دولة الاحتلال الإرهابية النازية ضد الشعب الفلسطيني عامة والأسرى خاصة، ولقد أعلنها الشعب الجزائري حكومة وشعباً بأنّ أرض المليون ونصف مليون شهيد، تؤكّد للأبطال الأسرى، أنهم ليسوا وحدهم، بل الجزائر معهم في معركتهم وصبرهم.
حقيقة مهما تحدثنا عن الدور الجزائري لفلسطين الثورة والسياسة والقضية، لن نتمكن، فهذا الشعب الجزائري البطل الذي يتميز بأنه، عاشق لفلسطين، ولقد فتحت أبواب الجامعات الجزائرية لأبناء الشعب الفلسطيني من كل أماكن تواجدهم، ومنحوا البعثات العلمية، بل فتحت الأراضي الجزائرية ليتم تدشين الثكنات العسكرية لتخريج كفاءات وقيادات عسكرية فلسطينية، حملت على أعبائها مسيرة الثورة والدخول إلى أرض الوطن وبناء السلطة الوطنية الفلسطينية نواة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، حيث استمر الدور الجزائري الرسمي والدبلوماسي لدعم القرار الفلسطيني المستقل والحق في اعتراف العالم بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وهنا نسجل اعتزازنا وتقديرنا لدور الجزائر في المحافل الإقليمية والدولية، وداخل مؤسّسات هيئة الأمم المتحدة، وتنبيهها الدائم لخطورة المشروع الصهيوني على الوجود العربي والفلسطيني، وأنّ التهاون في الذود عن فلسطين يعني التفريط في أولى القبلتين وثرى الشهداء ودرة الشام ومهبط الأنبياء والرسل. لقد ساهمت الحبيبة الجزائر في أرجاء للعلاقات الأخوية بين الدول العربية والاسلامية وقواها الوطنية والديمقراطية والتقدمية، وعملت على تفعيل أشكال التضامن الشعبي العربي والاسلامي مع الشعب الفلسطيني وقضيته، ومن هذا المنطلق فإنّ الموقف الجزائري من قضية أسرانا، يلتحم مع الموقف الفلسطيني، فأسرانا أسرى الأمة، وليسوا سجناء عاديين وليس لهم أية صفة أخرى سوى أنّهم أسرى نضالات هذه الأمة الشامخة، إنهم لم يقاوموا الاحتلال إلا حفاظا على الكرامة والمقدسات، بل يفضحوا الاحتلال الصهيوني الارهابي النازي الذي ينتهج سياسة عدم اعتبارهم أسرى حرب، وبالتالي فهي تتعامل معهم على أنهم أرقام وقتلة ومخربون وإرهابيون أو خارجون عن القانون أو خطرون أو أعضاء في تنظيمات معادية، وهذه التسميات لا يستخدمها الكيان الصهيوني جزافا أو عبثا، فهي تتهرب من تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة وفي شقها المتعلق بحقوق الأسرى وحق المدنيين تحت الاحتلال، وفي نفس الوقت أيضا هي لم توقع على هذه الاتفاقيات حتى يومنا هذا، فهي خارج القانون الدولي الإنساني. يوجد في المعتقلات الصهيونية الآن أكثر من عشرة آلاف أسير موزعين في سجون ومعتقلات الاحتلال، هؤلاء الأسرى الأبطال من كبار السن والشباب والنساء والأطفال تُمارس عليهم إدارة السجون الاحتلالية هجمة مسعورة، وهناك العشرات في العزل الانفرادي، وعلى رأسهم قادة المعتقلين.
إنّ قضية الأسرى يجب أن تكون أولى أولوياتنا، لأنهم حماة المشروع الوطني، فهم سطروا التاريخ الوطني للقضية الفلسطينية بتضحياتهم وصمودهم أمام الجلاد، وليس من الغرابة أننا نتحرك حين يتحركون، مع أنه يجب أن نتحرك لهم ليتحرك العالم كله معنا لأجل رفع الظلم عنهم وإطلاق سراحهم، وهنا لابد من توسيع دائرة التضامن مع الحركة الأسيرة، لتستمر قضيتهم في كافة المحافل الدولية وفضح الجرائم التي تمارس بحقهم من قبل إدارة السجون، ومن هنا تبرز أهمية الإعلام في تلك المعركة، ولذلك فإنّ الإعلام الجزائري هو إعلام مقاوم ضدّ الظلم والاحتلال والاعتقال، وهو منبر الأحرار، ويعزز الثقافة الوطنية الخاصة بالأسرى ومعاناتهم وحقوقهم، ويحتضن أفكار وكتابات النخب المثقفة.

نقولها باعتزاز وشموخ
عاشت الجزائر قاهرة الطغاة
وملهمة الأحرار
عاش الرئيس السيد عبد المجيد تبون
عاش شعبنا الجزائري البطل
عاشت حكومة الجزائر الرقيقة