طباعة هذه الصفحة

في ظل بوادر إيجابية على بداية حوار ليبي شامل

إجماع أممي ودولي على استبعاد التدخل الأجنبي

أمين بلعمري

بدأ المجتمع الدولي يشعر بواجبه تجاه الأوضاع في ليبيا، التي تتطلب ضرورة الإسراع في إيجاد حل سياسي يعيد قاطرة التحول السياسي الحاصل هناك إلى سكته، بعد الانحرافات الخطيرة التي شهدها هذا المسار إثر سيطرة ميليشيات مسلحة فاق عددها، بحسب مختصين، 1000، علاوة على فوضى السلاح، حيث وصل عدد قطع السلاح التي تفلت من رقابة الحكومة الليبية 20 مليون قطعة وهي معطيات تحتم على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته في إيجاد حلّ لهذه المعضلة التي تعيشها ليبيا منذ الإطاحة بالعقيد القذافي في 2011 على يد ميليشيات مسلحة مدعومة من حلف الناتو.

إن هذه الاستفاقة الدولية تجاه ما يجري في ليبيا ورغم أنها جاءت متأخرة، فإن الوقت لم يفت بعد لإيجاد حل ينقذ الليبيين من المستنقع الذي وجدوا أنفسهم فيه أو الذي أقحموا فيه رغما عنهم. وفي هذا الصدد، عقد اجتماع رفيع المستوى، الخميس، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، تناول الوضع في ليبيا وتم خلاله مناقشة كيفية إيجاد مخرج للأزمة الليبية المتفاقمة. والملفت في هذا الاجتماع، أن كل الدول المشاركة فيه اتفقت على ضرورة العمل على إطلاق حوار ليبي بيني شامل واستبعاد اللجوء إلى القوة العسكرية لحل الأزمة وهي خطوة تصبّ في المجهودات الرامية لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة ويلغي كل محاولات التدخل الأجنبي.
وهذا ما ذهب إليه الممثل الخاص للأمين العام الأممي إلى ليبيا السيد برناردينو ليون، حين أكد أنه ليس هناك حل عسكري يفرض على الليبيين الذين يقودون وحدهم جهود إنهاء الصراع. وأضاف ليون، بحسب ما جاء في بيان البعثة الأممية، الأربعاء الماضي، أن الدعوة التي أطلقها للحوار في ليبيا، لاقت قبول الأطراف الليبية للمشاركة في الاجتماع المزمع عقده يوم الأثنين 29 سبتمبر الجاري بهذا البلد، والذي سيشكل خطوة أولى - بحسب ذات البيان – للاتفاق حول النقاط التي يتم بحثها في اللقاءات اللاحقة. ويأتي هذا التوجه الأممي والدولي متناغما مع التوجه الجزائري، الرافض للتدخل الأجنبي بكل أشكاله لحل الأزمات بشكل عام والأزمة الليبية على وجه الخصوص.
إن المحاذير التي أطلقتها الجزائر حول ما هو حاصل في ليبيا اليوم، تعود إلى بداية الأحداث التي شهدها هذا البلد، بل حتى قبل الإطاحة بالقذافي، حين حذرت من الإسقاط العنيف للأنظمة وترك حالات الفراغ التي تفتح الأبواب مشرعة أمام الجماعات الأرهابية؛ فراغ وجدت فيه الفرصة للحصول على الأسلحة والتنقل بكل حرية عبر الحدود الليبية وتكثيف نشاطها عبر كل منطقة الساحل والذي كان من أسبابه المباشرة سقوط شمال مالي في أيدي الجماعات الإرهابية المتطرفة ودخول البلاد في أزمة سياسية وعسكرية حادة، عادت بعدها أطراف الأزمة إلى الالتقاء بالجزائر، أين جمعهم حوار شامل. ومن المنتظر أن يجتمع، هذه المرة كذلك، الفرقاء الليبيون شهر أكتوبر الداخل من أجل حوار لا يقصي إلا أولئك الذين لا يؤمنون بالحوار واختاروا العنف والإرهاب وسيلة للتعبير عن آرائهم أو لفرض مشاريعهم ورؤاهم.