اعتبر الباحث نوال إبراهيم المختص في الفنون الدرامية بالمعهد العالي لفنون العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان، في حديث لـ«الشعب”، على هامش اليوم الدراسي المنظم بدار الثقافة حسن الحسني من طرف محافظة المهرجان الوطني الفكاهي بالمدية بعنوان “التجربة المسرحية والسينمائية في مسار الثنائي الراحل يحي بن مبروك والحاج عبد الرحمان “، أن مثل هذا اللقاء العلمي يعد بمثابة الفضاء الحميمي والبحثي من أجل عملية التوثيق، لإنجازات الفن الجزائري وبخاصة في مجالي المسرح والفكاهة.
استهل هذا الباحث حديثه من مدرج دار الثقافة حسن الحسني، برسالة وجهها للشباب بأن “الضحك ليس عملية سهلة كما يتصورها عموم الناس، بل هي أداة وميكانيزمات تطرق لها فلاسفة وباحثون، على غرار بركسون وباختين”، كما قال “أن الفنان الحاج عبد الرحمان أو المفتش الطاهر ومساعده الفنان يحي بن مبروك لبرانتي رحمهما الله، قدما كثيرا للفرجة الجزائرية وللمشهد الثقافي الفني”، مؤكدا “أن ما أبرزه هذان البطلان هي واحدة من المحطات الأساسية، التي لم تكن لأجل الضحك فقط، بل جعل هذا الثنائي محل نقاش لتساؤلات حول هموم المجتمع، سواء كانت في قالب الحوار الاجتماعي الفني أو الصراع الموجود في طبقات المجتمع، وكذا طبقات السلطة آنذاك”.
وقال نوال في هذه السانحة “من منظوري أن المفتش الطاهر كان في حقيقة الأمر يمثل القوة والسلطة والجهة الآمرة بمفهومها الفرودي وهو الآنا، بينما مساعده لبرانتي أي المتربص فقط، لم تكن له مكانة ولا مهنة ولا نفوذ، موضحا أن مثل هذه الجلسة تعنينا كباحثين أيضا لنلتمس ونبحث في الدور الحقيقي والوظيفة الاجتماعية لهذين البطلين.. كما أنه من خلال أعمال الأساتذة المشاركين في تنشيط هذا اليوم الدراسي ـ يضيف ـ سنرى أن هذا الثنائي ترك بصمات في الحقل الثقافي الفني والكوميديا الجزائرية وأعطيا بعدا شعبيا بسيطا وفي نفس الوقت متميز، حيث التحقا من خلاله بالعمالقة الذين سبقوهم في مجال الفرجة والكوميديا مثل توري، رويشد، قسنطيني، حسن الحسني وعثمان عريوات أطال الله في عمره، مستطردا حديثه بأنه يمكن القول “نستطيع الافتخار مع الشباب الذي يتعاطف ويعترف بالقوة الفنية والذكاء، ليجد هذين البطلين اعترافا متميزا ليس فقط من جيل السبعينيات والثمانينيات بل من الجيل المعاصر والجديد، فضلا على أنه ستبقى هذه الفضاءات حوارا مفتوحا بين الجامعة والباحثين من جهة، وبين المجتمع من جهة أخرى لكي نبني معا الذاكرة الجماعية”.
واختتم الباحث إبراهيم نوال حديثه بأن الجزائر بما تمتلكه من خزان وطاقات شبانية وتكوين فني مرتقي إلى الجماليات العالمية، بإمكانه أن يعطينا فنانين من هذا النوع الأصيل الشبيه بهذا الثنائي.. مشيرا إلى أن البطلين كانا متقدمين وملتزمين بفنهما وبقوة إيمانهما وبرمزية وواقعية الفن الجزائري والوظيفة الاجتماعية.. قائلا “أنا أحب وأعشق المتعة في التعلم من خلال مثل هذه الملتقيات”.