طباعة هذه الصفحة

أطباء المناوبة في العيد

جنــــــــود فـــــــــــــي الخطـــــــــــــــــوط الأمامـيـــة لخدمـــــــة المـــــــرضى

موسى دباب

 




 في الوقت الذي تعيش فيه العائلات الجزائرية أجواء العيد وسط الأهل والأحباب، يجلس البعض حول موائد الإفطار محتفلين بهذه المناسبة الدينية، فيما يتبادل آخرون الزيارات والتهاني، هناك فئة من المجتمع تواصل عملها بصمت وتفان، بعيدا عن أسرها وأجواء الفرح العائلي، هؤلاء هم الأطباء والممرّضون، وسائر العاملين في القطاع الصحي، الذين يلازمون مواقعهم في المستشفيات والمراكز الصحية، مقدّمين خدمة لا تتوقف، لأنّ المرض لا يأخذ عطلة، ولا يعرف معنى للمناسبات.


 مع حلول العيد، تدخل المستشفيات في حالة استنفار، حيث يتم تقسيم الفرق الطبية وفق نظام مناوبات، يضمن الحدّ الأدنى من الخدمات الصحية للمواطنين.
وفي المستشفيات الكبرى، يتزايد الضغط بشكل ملحوظ، خاصة في أقسام الاستعجالات، التي تستقبل خلال هذه الفترة عددا كبيرا من الحالات الطارئة، نتيجة لحوادث المرور، والتسمّمات الغذائية، ومضاعفات بعض الأمراض المزمنة، إلى جانب الحالات العادية التي تستوجب تدخّلا طبيا عاجلا.
يقول أحد الأطباء المناوبين بأحد مستشفيات الجلفة “خلال الأعياد، تزداد وتيرة العمل بشكل لافت، هناك مرضى يعانون من مضاعفات السكري بسبب تغير النظام الغذائي، وآخرون يصلون إلينا بسبب إصابات ناتجة عن الألعاب المختلفة، ناهيك عن جرحى حوادث المرور، التي نستقبلهم في مثل هذه الأيام”.
ورغم أنّ نظام المداومة يهدف إلى ضمان استمرارية العمل، إلاّ أنّ الفرق الطبية تعمل في ظل ظروف مرهقة، نظرا لنقص عدد الأطباء، حيث يتوجّب على كل فرد من الطاقم المناوب التعامل مع عدد كبير من المرضى.
يؤكّد أحد الممرّضين العاملين في مصلحة الاستعجالات قائلا: “العمل خلال أيام العيد مختلف عن الأيام العادية، لأنّ الضغط يكون مضاعفا، في بعض الأحيان، نضطر للعمل لساعات طويلة دون راحة، بسبب تزايد عدد الحالات الواردة، وقلة الأطباء والممرّضين المناوبين”.
رغم هذه التحديات، يبقى الأطباء والممرّضون صامدين في أداء واجبهم، مدفوعين بروح المسؤولية التي تفرضها عليهم مهنتهم الإنسانية، ففي الوقت الذي تجتمع فيه العائلات حول موائد العيد، يكتفي بعض الأطباء بمكالمة هاتفية خاطفة مع ذويهم، قبل أن يعودوا إلى غرف العمليات أو قاعات الطوارئ لمواصلة عملهم.
ويقول أحد الأطباء “العيد بالنسبة لنا ليس كغيره من الأيام، صحيح أننا نشتاق لأجوائه العائلية، لكننا نعلم أنّ مهمتنا هنا ضرورية. المرضى بحاجة إلينا، وهذا يجعلنا نشعر بأنّ وجودنا هنا له قيمة حقيقية”.
الواجب الإنساني قبل كل شيء
 ومع انتهاء يوم العيد، يعود بعض أفراد الطاقم الطبي إلى منازلهم مرهقين، لكنهم يشعرون بالرضا، لأنهم أدّوا واجبهم تجاه المجتمع، وبينما تتلاشى أجواء الاحتفالات تدريجيا، تبقى المستشفيات تستقبل المرضى، ويستمر الأطباء والممرّضون في أداء رسالتهم، بعيدا عن الأضواء والتقدير الكافي، ولكن بقناعة راسخة فإنّ واجبهم الإنساني يسمو فوق كل شيء. ليبقى هؤلاء الجنود المجهولون في الخطوط الأمامية، يضحّون براحتهم من أجل راحة المرضى، ويضعون ضمائرهم المهنية فوق كل اعتبار، لتستمر الحياة حتى في أكثر الأيام خصوصية.