التكالب القذر يفجّر الساحة السياسية بفرنسا.. يقسّم الحكومة ويحشد الأغلبية ضد حملة الأحقاد والكراهية
الجاليـــــة الجزائريــــة.. مستــوى عال من الوعي والتجنيد لمواجهة محاولات التشويه والاستهداف
تواصل الجزائر المنتصرة التأكيد على مواقفها الثابتة والراسخة في مواجهة أي محاولة للابتزاز والضغط الخارجي، وخاصة تلك الصادرة عن أطراف في فرنسا تحاول توظيف ملف العلاقات الجزائرية- الفرنسية لأغراض سياسية داخلية ضيقة، فمن رفض التعاطي مع قائمة الأشخاص الصادر بحقهم قرار الترحيل، بطريقة تعسفية، إلى تأكيد سيادة القضاء الجزائري.
انقسمت الطبقة السياسية الفرنسية إلى قسمين في موضوع العلاقة مع الجزائر، فإلى جانب أقلية حاقدة تروج لفكرة «تسلق الأبراج» التي تحيل مواصلة التصعيد وفرض منطق القوة إلى غاية تحقيق شروط، منها إطلاق الكاتب العميل وقبول المرحّلين قسرا من التراب الفرنسي.
سمع مؤخرا صوت الأغلبية في فرنسا، التي تؤكد أن الجزائر دولة ذات سيادة لا تعمل تحت الضغط، بل إنه يستحيل أن يفرض عليها منطق القوة، في أي ملف من الملفات الثنائية، ويمثل هذا الطرح سياسيون ونخب مثقفة ومؤرخون، يفهمون إلى حد ما حقيقة الجزائر.
وأمام استفراد اليمين الفرنسي الحاقد والمتشبع بمنطق نكران استقلالها، تواصل الجزائر ترسيخ منطق السيادة وإعلاء المصلحة الوطنية، متجاهلة كل ما يصدر عن أولئك الذين يشتغلون لأجندات شخصية سياسية.
وقد انتهت محاكمة، الكاتب المدعو صنصال، إلى ما يؤكد سيادة البلاد واستقلالية قضائها، رافضة كل أشكال التدخل الخارجي، من قبل قوى سياسية فرنسية معروفة الولاء والتوجه أو من قبل البرلمان الأوروبي، الفاقد للمصداقية والأهلية السياسية بعد كل تلك الفضائح التي لوثت سمعته وجعلتها في الحضيض.
كان مؤكدا، أن الجزائر تمضي في طريق العدالة وتكريس استقلالية مؤسساتها دون تأثر بأي ضغوط خارجية. ولم يكن ممكنا لدولة تقدس ذاكرتها الوطنية وأرواح شهدائها، أن تصم آذانها، أمام من يتجرأ على المساس بالوحدة الترابية، عن طريق تزوير التاريخ ومحاولة صياغة واقع بديل لا يمتّ للحقيقة التاريخية بصلة.
وأثبت الحكم القضائي، الصادر بحق الكاتب العميل، أنه لا يمكن اختبار الجزائر على مبادئها وثورتها وسيادتها، ناهيك عن محاولة ضرب مصالحها عن طريق المنشورات والفيديوهات التضليلية التحريضية.
وإلى جانب ما يمثله من تتويج لمسار قضائي مستقل فقط، كان أيضًا رسالة قوية لمن يحاولون التأثير على القرار الوطني من الخارج. فالجزائر المنتصرة السيدة في قراراتها، لم تسعَ إلى تسييس هذه القضية، بل تم التعامل معها وفقًا للقوانين الجزائرية المعمول بها، بما يحفظ وحدة البلاد وأمنها. وهو ما يعكس بوضوح أن مؤسسات الدولة الجزائرية، وعلى رأسها القضاء، تتحرك وفق سيادة القانون لا وفق الإملاءات أو الحسابات السياسية، عكس ما يحاول الطرف الفرنسي القيام به من خلال التدخل في شأن داخلي خالص.
في المقابل، تشهد فرنسا اليوم حالة من الانقسام السياسي الحاد والمزمن بشأن خطاب اليمين المتطرف وتصعيده المستمر تجاه الجزائر والجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا. وأصبح وزير الداخلية الفرنسي برينو روتايو، الذي تبنى خطابًا تحريضيًا ومتصاعدًا ضد الجزائر، محط انتقادات لاذعة من أطراف سياسية فرنسية عديدة، على غرار حزب «فرنسا الأبية» الذي حمّله مسؤولية تدهور العلاقات مع الجزائر.
ووصف ممثلو هذا التيار، خطاب وزير الداخلية الفرنسي بأنه «أداة انتخابية» هدفها كسب أصوات اليمين المتطرف، حتى وإن كان ذلك على حساب العلاقات الاستراتيجية لفرنسا في المتوسط. كما شددوا على أن الجزائر تعتبر شريكًا ضروريًا لا يمكن تجاهله، نظرًا لدورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة، فضلًا عن أبعادها الاقتصادية والسياسية المؤثرة في شمال إفريقيا.
لا تهاون في قضايا السيادة
علاوة على ذلك، أكد عديد المراقبين أن الجزائر معروف عليها عدم رضوخها للتهديدات وعدم قبولها للمساومات في المسائل المتعلقة بسيادتها ووحدتها الترابية، حتى قبل هذه العاصفة السياسية المفتعلة مع فرنسا، حيث لطالما أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن السيادة خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو الاقتراب منه.
وعلى عكس المواقف الفرنسية، التي تسعى إلى تسييس قضايا داخلية جزائرية خالصة، تلتزم الجزائر بالاحترام التام لمبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لكنها في الوقت ذاته تقف بحزم أمام أي تدخل خارجي في شؤونها.
في هذا السياق، أظهرت الجالية الجزائرية في الخارج، وخاصة في فرنسا، مستوى عاليًا من الوعي والتجنيد لمواجهة محاولات تشويهها واستهدافها من قبل بعض الأصوات السياسية المتطرفة. وقد أعلنت منظمات ومجموعات من الجالية عزمها اتخاذ كل الأشكال القانونية للتصدي لحملات الكراهية والتمييز التي تستهدفهم في الفترة الأخيرة.
وهو ما يتقاطع مع تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي أكد غير ما مرة، أن الجزائر ملتزمة بالدفاع عن مصالحها ومصالح جاليتها في الخارج، في إطار احترام قوانين الدول المضيفة والاتفاقيات الثنائية التي تحكم العلاقات الدولية.
وفي ظل هذا التوتر المتصاعد، يطرح مراقبون تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقات الجزائرية- الفرنسية، خاصة إذا ما استمرت بعض التيارات اليمينية الفرنسية المتطرفة في توظيف هذه العلاقة كورقة انتخابية، وصبّ البنزين على النار.
وفي المقابل، تواصل الجزائر التمسك بثوابتها ومبادئها، وتُثبت، مرة أخرى، أنها لا تقبل الإملاءات ولا تستجيب للاستفزازات، أيًّا كانت الجهة التي تصدر عنها، والجزائر ماضية قدما على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وماضية كذلك في تطوير شراكتها الإقليمية والدولية وفق مبدإ رابح- رابح.