طباعة هذه الصفحة

رئيس الجمهورية دشّن محطات وهران والطارف وتيبازة وبومرداس

تأسيس مدرسة جزائرية في تحلية المياه

سفيان حشيفة

إنجازات إستراتيجية ومكاسب تاريخية تضع بلادنا على سكة البــلدان الناشئة

ا لكفاءات الجزائريــة أثبتت مكانتها في تنفيـــذ المشاريــع الكبرى

وقـت قياسي في التسليم..والأمن المائي يتحقّق بأياد وطنية تستحق العرفان والتقدير 

”سوناطراك” و” سونالغـاز” و” كوسيدار”.. تجربة نموذجية كبيرة في انجاز المشاريع الكبرى

 دشّن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، رابع مصنع لتحلية مياه البحر، من أصل 5 مصانع، تم الانطلاق في إنجازها قبل أقل من 3 سنوات، تعزيزا لجهود مكافحة الجفاف وتغيّرات المناخ الحادّة، من خلال بعث استراتيجية كبرى لتشييد مركبات صناعة المياه المحلاة على امتداد ساحلها البحري. وتم الاعتماد في بنائها على كفاءات جزائرية عملت دون انقطاع، وأثبتت قدرتها على تنفيذ مشاريع كبرى لفائدة البلاد.

 بدخول محطة كاب جنات حيّز الخدمة، يكون قطاع الموارد المائية في الجزائر، قد حقّق طفرة صناعية نوعية في تحلية مياه البحر، استهلّها بتجسيد برنامج ضخم سيسمح بتأمين إمدادات مائية يومية لفائدة 15 مليون مواطن جزائري في ولايات ساحلية وداخلية عديدة.
وقام  رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأول، بالإشراف على تشغيل محطة ولاية بومرداس، وقبلها أشرف الرئيس على تدشين محطة الطارف (كدية الدراوش)، ومحطة تحلية المياه بولاية تيبازة (فوكة 2)، ومحطة وهران (الرأس الأبيض)، ثمّ سيأتي الدور لاحقا على محطة ولاية بجاية (تيغرمت)، بطاقة إنتاجية سعتها 300 ألف متر مكعّب يوميًا لكل واحدة منها على حدة (1.5 مليون متر مكعب يوميًا)، وهو ما يعادل مليار ونصف لتر تضخّها المركبات الجديدة بشكل يومي.
وشكّلت هذه المُنجزات التنموية التاريخية بالجزائر المستقلة، ورقة عبور حقيقية نحو تحقيق الأمن المائي القومي، سترفع تلبية حاجيات مياه الشرب المحلاة من 18% إلى 42%، في خطوة من شأنها احتواء مشكل تضخّم الطلب على الماء بسبب الزيادة الديموغرافية السكانية، ونمو القطاعات السيادية على غرار الفلاحة والصناعة وغيرها من القطاعات الإنتاجية الوطنية.

إنجازات عملاقة بكفاءات جزائريـة

 وفي هذا الخصوص، أكّد الخبير الإقتصادي، البروفيسور مراد كواشي، أنّ مشاريع تحلية مياه البحر لا تعد حلاً إضافيًا، بل هي رؤية استراتيجية تبنتها الدولة، بهدف تغطية 60% من احتياجات البلاد المائية، مشيرًا أنّ الجزائر تمكّنت في 18 شهرًا من إنجاز خمس محطات جديدة لتحلية مياه البحر، بسواعد وكفاءات محلية، عكَس مدى القدرة الوطنية على انجاز المشاريع الكبرى في وقتٍ قياسي.
وفي جميع المحطات، أثنى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كثيرا على الأطقم الجزائرية التي تولّت تحقيق هذا الإنجاز الضخم وفي آجال زمنية لم تتجاوز 26 شهرا، معتبرا أنه “حلم كل جزائري”.
وأوضح البروفيسور مراد كواشي، في تصريح خصّ به “الشّعب”، أنّ الشركات العمومية مثل “سوناطراك” و«سونالغاز” و«كوسيدار”، أصبح لها تجربة كبيرة في إنشاء مركبات تحلية المياه، وإنجاز مشاريع كبرى أخرى في شتى القطاعات، بالاعتماد على الإطارات الوطنية الجزائرية في بناء وتشغيل وتسيير هذه المنشآت.
وكان رئيس الجمهورية، قد صرّح من بومرداس، أنّ إنجاز مصانع تحلية مياه البحر “أسس لمدرسة جزائرية في تجسيد المشاريع الكبرى”، مفيدا بأنّ ما تحقّق في هذا المجال، يمكن أن يتحقّق في قطاعات أخرى تعرف مشاريع هيكلية.
وبذلك، تكون الجزائر قد كسبت رهانا مزدوجا بتأمين حاجياتها من المياه، والاستفادة من رصيد معتبر لمواردها البشرية الوطنية، التي أثبت أنها قادرة على تحقيق المعجزات، في حال تمكينها من الإمكانات اللازمة وإحاطتها بالرعاية والثقة الضروريّتين.
وبخصوص الأثر التنموي الإيجابي لمحطات تحلية مياه البحر، مثلما أضاف كواشي، سيمسّ كثير من الولايات الداخلية بعمق يمتد من 150 إلى 200 كلم، ممّا سيعزّز التنمية الاجتماعية والفلاحية والصناعية، ويُسهم في تحقيق الأمن الغذائي والمائي في المناطق البعيدة عن السواحل.
التعويل على مصادر تحلية المياه، يساعد في تقليل الضغط على الموارد التقليدية الطبيعية مثل السدود، والحفاظ على استدامة وتوازن الإمدادات المائية للمواطنين عبر كل التراب الوطني، بحسب المتحدث ذاته. كما لفت المتحدّث، إلى ضرورة توطين صناعة آلات ومعدات وقطع غيار منشآت تحلية المياه داخل أرض الوطن، من أجل ضمان سرعة الصيانة الدورية للمركبات، وكذا تحقيق الاستقلال المائي على أكمل وجهٍ.
الجزائر بتشييدها محطات عملاقة لتحلية مياه البحر، تمكّنت بنسبة كبيرة من إيجاد حلول لمشكل الجفاف وضمان أمنها المائي والزراعي والغذائي المستدام، لكن لابد من العمل وفق سياسات وأساليب متناسقة لتعزيز الجهد الوطني في هذا الجانب، من خلال زيادة وتيرة تدوير المياه المستعملة في الصرف الصحي وإعادة استخدامها، وصيانة السدود والمجمعات المائية الطبيعية بإستمرار، وتقليل الهدر والتبذير المفرط في الأوساط المجتمعية، وتهيئة شبكات أنابيب النقل المهترئة في المدن وغيرها من العوامل المساعدة، يقول الخبير الإقتصادي، البروفيسور مراد كواشي.
للإشارة، تستهدف السلطات العمومية رفع الطاقة الكلية لتحلية المياه إلى حدود 5.6 مليون متر مكعب يوميًا في غضون السنوات القليلة القادمة، بما يعادل 60% من احتياجات البلاد، وذلك ببناء محطات أخرى لصناعة المياه المحلاة.