فتح سوق حي غراسة أبوابه لأول مرة بعد عدة أسابيع من الغلق الإداري بسبب انتشار وباء الحمى القلاعية، وعرف توافدا معتبرا للموالين والزبائن الذين تنقلوا من شتى أرجاء إقليم ولاية بشار، تحسبا لعيد الأضحى المبارك. ودبت الحركة في السوق منذ الساعات الأولى وعرفت مداخله ازدحاما كبيرا للسيارات والمركبات تحمل ترقيم ولايات الجنوب كلها. التفاصيل في استطلاع قامت به «الشعب»...
عند دخولنا السوق، تدافع علينا الموالون للومنا عن تناول بعض الزملاء لادّعاءات غلاء أسعار الأضاحي، حيث تأسف أحدهم، لماذا المبالغة؟ لماذا تدّعونا أن الأسعار مرتفعة ولماذا تنشرون التّهم بحقنا، نحن أضعف حلقة في شعبة تربية المواشي، تجولوا في السوق وتأكدوا بأنفسكم من انخفاض الأسعار؟
وأضاف ثانٍ، أسعار الماشية تتراوح ما بين 26 ألف دينار إلى 50 ألف دينار وعلى العموم، فإن الزبون بإمكانه اقتناء أضحية العيد تستوفي كامل شروط الأضحية في حدود 35 ألف إلى 40 ألف دينار جزائري، حسب الوزن. لينتفض ثالث قائلا: هل من المعقول أن يكون سعر الكبش بـ35 ألف دينار؟ كيف نعوض تكاليف تربية وإطعام ورعاية صحية لمدة سنة ونصف بهذا السعر؟ الكل يتهم الموال ولا أحد ينصت إلى انشغالاته وكأننا نحن سبب التهاب السوق، في حين أننا ضحايا لامبالاة جشع الوسطاء.
تحولنا بعدها إلى السوق الجديد الذي تم فتحه بطريق القنادسة، وجدناه يعج بالوسطاء والتجار، في حين عدد الموالين والزبائن قليل، حيث ينتظر المواطن عادة اقتراب عيد الأضحى لشراء الأضحية. وما لاحظناه في هذا السوق، أن معظم التجار قدموا من الولايات المجاورة كالبيض والنعامة، بالإضافة إلى موالي بشار الذين يرتكزون في منطقة زوز.
كانت الخيبة بادية على وجوه البعض، السوق غالية اليوم لم نفهم لماذا ارتفعت الأسعار؟ يقول أحد السماسرة، ليضيف: حاولت شراء أكثر من 100 خروف، وطلب مني الموال مبلغ 40 ألف دينار للرأس بسعر الجملة، وقد عمدت إلى رفع العدد إلى 200 خروف حتى يتم الاتفاق على سعر معقول، فبأي ثمن سأبيع للزبون؟ من دون شك سأطلب في الكبش من 50 ألف إلى 70 ألف دينار، يؤكد أحد الزوار من مدينة العبادلة. ويضيف آخر من ولاية سوق هراس، مقيم ببشار، «أن أسعار الكباش ارتفعت بحوالي 4 آلاف دينار للرأس، مقارنة بالسنة الماضية، فمن يقول إن كبش العيد في متناول الجميع؟».
وقفنا على عمليات شحن الأغنام في شاحنات بترقيم الولايات المجاورة، أو على عمليات بيع وشراء بالجملة، غالبا ما تعرف مفاوضات عسيرة، لكنها في جميع الأحوال تنتهي بعبارة «الله يربّح» والمواطن البسيط هو من يدفع الضريبة.
بيطري واحد لمراقبة آلاف الأغنام!؟
عند مخرج السوق يتدافع الموالون والزبائن على حد سواء على سيارة بيضاء يؤطرها مجموعة من أعوان الدرك، وعند اقترابنا منها تبين لنا أن هذه السيارة هي في الحقيقة مكتب أو عيادة بيطري مهمته منح شهادات صحية لكل رأس غنم يخرج من السوق، حتى يتسنّى لأصحابها نقلها عبر الولايات. لكن الملفت للانتباه، أن هذا البيطري كان يمنح الشهادات دون الخروج من سيارته أو تفقد المواشي المعنية؟ وهو في الحقيقة لن يكون قادرا على ذلك بسبب العدد الهائل من الأغنام التي كانت تغادر السوق في كل دقيقة. وقد اتضح أن البيطري كان يؤدي مهمّة إدارية أكثر منها وقائية، حيث صرح لنا أن الأغنام لم تصاب بداء الحمى القلاعية؟ ومصالح الدرك لاتزال تطالب بشهادات صحية من أجل حماية المواطن وللسماح بنقل الأغنام، وهو الوضع الذي أثار حفيظة رواد السوق الذين انتقدوا تجنيد بيطري واحد لآلاف الرؤوس من الأغنام؟ لأنه يعرقل نشاطهم التجاري ويؤخره إلى ساعات.
ويكشف أحد الموالين من عين الصفراء، أن الأغنام ليست مريضة وغير معنية بالوباء وهي طعامنا ومصدر رزقنا، فلماذا هذه المبالغة التي انقلبت كأنها مصابة بالحمى القلاعية. وانتقد المتدخلون في شعبة الأغنام وزارة الفلاحة التي لم تتعامل مع الوضع بموضوعية، على حد تعبيرهم، حيث «راح المحرم في جرة المجرم»، كما يقول الموالون.
محلات وسط الدبدابة لبيع الأضحية بالتقسيط
يعمل العديد من الموظفين والمعلمين ممن اكتسبوا الحرفة والخبرة، على ربط عقود اتفاق مع بعض الموالين لشراء كل ما تحمله الشاحنات القادمة من ولاية النعامة، حيث يعقدون صفقات مربحة مع الموال لترك الأغنام عندهم في مساكن فارغة أو مرائب وسط أحياء بشار الجديد أو المنطقة الزرقاء ويتولون هم عملية البيع، من خلال القيام بحملات إشهارية عن طريق الرفقاء والملصقات في المؤسسات لبيع الأضحية بالتقسيط وإغراء رؤساء الخدمات الاجتماعية بكبش «مجاني» من أجل إبرام صفقة البيع الرابحة.