طباعة هذه الصفحة

رمضان سـيدي بلعباس

أطفال يـتنافسون على صيام اليوم الأوّل

نسرين. ب

يستقبل سكان ولاية سيدي بلعباس شهر رمضان الكريم في أجواء احتفالية وهم متشبثون بعاداتهم وتقاليدهم، وقد بدأت ربات البيوت التحضيرات للشهر الفضيل أياما قبل انقضاء شهر شعبان، حيث نظفت البيت واقتنت الاواني لاستقبال الضيف.
تترقب العائلات على المستوى الوطني اعلان لجنة الفتوى عن انقضاء شهر شعبان وبدء شهر رمضان، وكذلك الأمر بالنسبة للعائلات بسيدي بلعباس. في تلك الاثناء تقوم ربة العائلة بتحضير السفة للسحور، ويستعد الولد أو البنت لصيام اليوم الأول ولن يثنيهم عن ذلك نصيحة أو دراسة، فالتنافس كبير وشديد مع أبناء الجيران وأصدقاء الدراسة.
في صباح اليوم الأول للصيام، وعلى غير العادة يستيقظ أفراد العائلة ساعة أو ساعتين متأخرين عن الموعد المعتاد، ويبدأ تحضير الافطار، فيكون أول ما تقوم به صاحبة البيت طهي الحريرة التي تعتبر الطبق الرئيسي على المائدة والتي تأخذ الكثير من الوقت، وفي الظهيرة يتم تحضير المعقودة التي هي من ضمن الاطباق المفضلة للعائلات العباسية، ثم طبق لحم لحلو لأوّل يوم، متكوّن من البرقوق والزبيب ولحم الخروف أو الدجاج.
ومن العائلات من تفضل تحضير المملحات على البوراك، اضافة الى تنويع السلطات والمقبلات والشامية وأنواع من المشروبات الغازية والعصير.
ولتشجيع الطفل الصائم للمرة الأولى وفي اليوم الاول، يتضاعف تنويع الأطباق بحسب ما يشتهيه طيلة اليوم، فكل أفراد العائلة فرحين به على صبره على الجوع والعطش وحبه الصوم منذ الصغر. كما تلبس البنت الصائمة اللباس التقليدي (الشدة) الخاص بالمنطقة ويلبس الطفل لباسا تقليديا وتوضع لهم الحنة وتؤخذ لهم صور ويفرح بهم الكبير والصغير حتى ان الجيران يقومون بتكريمهم.
قبيل آذان المغرب يخرج الرجال للمسجد لأداء صلاة المغرب، بينما تؤدي النسوة صلاتهن بعد تناول حبات من التمر وكأس من الحليب، ثم تجتمع العائلة بأكملها على مائدة واحدة لتناول وجبة الافطار. وبينما تنهمك الفتيات في غسل الاواني وترتيب المطبخ، يجلس الكبار أمام التلفاز للتمتع بالبرامج التي تقدمها القنوات الجزائرية ومنهم من يفضل سماع الاخبار أو المسلسلات. وتستمر السهرة بعد صلاة العشاء حول صينية القهوة أو الشاي والحلويات.
ومن العائلات من تنام لتستيقظ لتناول السحور وشرب الماء قبل الامساك ومنهن من تفضل البقاء مستيقظة وتستمر الى ان تتناول السحور. وتقول السيدة زواوية ربة بيت إن من عادة أهل زوجها اجتماع كل الاولاد المتزوجين بالبيت العائلي في اليوم الأول، للإفطار على مائدة واحدة وتكون اللّمة ممتعة.
ويمضي الاسبوع الأول، لتبدأ العائلات في تبادل الزيارات بعد الافطار للسهر والتسامر أو الخروج الى الساحات العمومية وبحيرة سيدي محمد بن علي إن كان الجو لطيف، لقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق للترويح عن النفس ومنح الأطفال فرصة للعب بعد يوم متعب في الدراسة، ومن العائلات من تعكف في بيوتها لقراءة القرآن الكريم وقيام الليل للصلاة.
وعلى حسب قول احدى المتزوجات حديثا إنها ستزور بيت أهلها في الاسبوع الأول من الشهر الفضيل لقضاء بضعة أيام عندهم حتى تستذكر أياما مضت في كنف عائلتها وبين أهلها.
شهر رمضان الذي يجمع الناس على عموم البركة والتسامح بين العائلات، والتضامن بين الأهل والجيران فيما بينهم، فتفتح أبواب البيوت بعد الافطار للتزاور بين الجيران وتبادل أطراف الحديث بالخصوص عن الأطباق التي يتم تحضيرها وتبادل الوصفات وكيفية تحضيرها، واستذكار نكهة رمضان في زمن مضى وخلال أيام الصبا.
فهو شهر فيه تتزايد فيه الزيارات وتوطّد فيه علاقات المحبة ويكثر فيه الناس من الصدقات وقراءة القرآن، حيث يذهب الاطفال بعد صلاة العصر لتعلم القرآن بالمدارس القرآنية والمساجد ولا يعودون إلا بضع دقائق قبل آذان المغرب.