طباعة هذه الصفحة

تصريحات بارو تعكس مستوى تردّد وتردّي فرنسا..حسام حمزة لـ«الشعب»:

جزائر الأحرار أعلى وأقـــــوى مــــــــن أيّ ابتزاز فرنســـــــــي

آسيا قبلي

 

اختارت الحكومة الفرنسية، التصعيد القذر مع الجزائر، مؤكّدة خضوعها لأيديولوجية اليمين المتطرّف والقوى الكولونيالية، وتلوّح باريس عبر أعضاء في حكومتها باستخدام «أوراق ضغط» وهمية على الجزائر، لكنّها في وضع المتوهّم، لأنّها أوراق بالية تعكس الترنّح والانقسام الداخلي، وتقهقر دور فرنسا الدولية خاصّة في إفريقيا.

وفي السياق، يقول أستاذ العلاقات الدولية بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، الدكتور حسام حمزة، في تصريح لـ»الشعب»، إنّ إعلان وزير الخارجية الفرنسي لهذه الإجراءات التي تستهدف حملة جواز السفر الدبلوماسي من الجزائريين «دون تقديم التفاصيل اللازمة لفهم مدى جديته توحي بحالة من التردّد أو حتى الخوف من ردّ الفعل الجزائري خاصّة وأنّ الجزائر أثبتت في عدّة أحداث مشابهة بأنّها لن تتوانى عن الردّ وفق مبدأ المعاملة بالمثل، لذا قد يكون ردّ الفعل الجزائري المحتمل هو ما يخيف بارو». وأضاف حمزة بأنّ هذا الإجراء «المعلن على استحياء» يثبت فعلا حالة الإفلاس التي وصلتها السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الجزائر، في دليل واضح على أنّ فرنسا اليوم لا تمتلك أيّة أوراق ضغط حقيقية يمكن أن تغيّر بها مواقف الجزائر أو تدفعها بها إلى القبول بمطالب باريس، واعتبر أنّه «لو كان بيد فرنسا أدوات قوية تخوّلها الضغط على الجزائر لما توانت عن استخدامها في هذه الظرفية». وربط أستاذ العلاقات الدولية بين هذا الإجراء وحالة الانقسام الحاصلة داخل الحكومة الفرنسية بين وزير الخارجية من جهة ووزير الداخلية من جهة أخرى، ففي حين يتبنّى الأول خطابا مستفزا يذكي المواجهة بين الجزائر وباريس، يبدي الثاني نوعا من الرفض لهذا الخطاب ويصرّ على أنّ التصعيد ضدّ الجزائر يضرّ بالمصالح الاستراتيجية الفرنسية أولا وقبل أيّ شيء.
مكانة فرنسا..تقهقر متواصل
يضاف إلى هذه الانتكاسات الداخلية، خيبات على المستوى الخارجي دوليا وإفريقيا، فأمّا على المستوى الإفريقي، فقد وجدت فرنسا نفسها خارج اللعبة السياسية في إفريقيا التي طالما اعتبرتها فناءها الخلفي، تتدخل فيه كيفما شاءت، غير أنّ تلاعبها الذي كشفته تقارير تفيد بدعمها للإرهاب وإذكاء الانفلات الأمني عبر قواتها وعملياتها الخاصة في دول الساحل، جعل هذه الأخيرة تنقلب عليها، وتنهي تواجدها على أراضيها، بل وتلغي الاتفاقيات الموقعة معها عند استقلال مستعمراتها السابقة.
وفي وقت دحرت الدول الإفريقية فرنسا، عن أراضيها، حازت الجزائر بفضل مصداقيتها الدبلوماسية، واستماتتها في الدفاع عن مصالح الإفريقية، وأهمّها في ذلك مصلحة أفريقيا أولا وأخيرا، وآخر مواقف الثقة التي أعدّتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي هو تحويل مهمّة تنفيذ قراره المتعلق بتصنيف الاسترقاق والترحيل والاستعمار، جرائم حرب ضدّ الإنسانية وجرائم إبادة جماعية ارتكبت في حقّ الشعوب الأفريقية، ونقله إلى الصعيد الدولي.  وكانت الجزائر قد قادت قبل سنتين مساع لدفع الاتحاد الإفريقي إلى تدويل ملف تجريم الاستعمار الفرنسي والغربي في القارة الإفريقية وفي كلّ مناطق العالم. هذا النجاح والثقة التي أصبحت تحوزها الجزائر على المستوى الإفريقي، جعل فرنسا تتخبّط وتهذي ولا تدري ما تفعل، وهو ما انعكس في خرجاتها غير المدروسة، وتهديداتها التي لن تتعدّى حدود المقرات الوزارية التي أصدرتها.