طباعة هذه الصفحة

المنتج السينمائي الطيب توهامي لـ “الشعب”:

التّحريك يمنحنا الحريّة في الخيـارات الفنية

أمينة جابالله

 يقول المنتج السينمائي الطيب توهامي بأنّه “يمكن اليوم الحديث بكل فخر عن إنتاج أفلام سينمائية طويلة من نوع التحريك، وهذا في حد ذاته إنجاز كبير على المستوى العربي والإفريقي”.
 أوضح الطيب توهامي في تصريح لـ “الشعب”، أنّ الحديث عن فيلم التحريك في الجزائر، ليس فقط نظريا أو مجرد محاولات لأفلام قصيرة يحقق بعضها جوائز في مهرجانات دولية، بل نقصد بذلك ما حققته السينما الجزائرية من نجاح باهر في هذا النوع وفق مقاييس عالمية.
وأضاف “بأنه في شهر فيفري 2024 أتممنا إنتاج فيلم الساقية، أول فيلم جزائري في مجال الأنيميشن وهو من التحريك ثلاثي الأبعاد، حيث كان العرض الأول والرسمي في ساقية سيدي يوسف كونه يسلط الضوء على قصف طائرات المستعمر الفرنسي لبلدة الساقية في 8 فيفري 1958، وقدمنا العرض الشرفي بالجزائر في نسخة نهائية مكتملة في 1 جوان 2024 بحضور وزير المجاهدين، الذي أشرف على عملية الإنتاج حتى نهايتها.
كما أفاد توهامي بأن الفيلم الثاني والذي يستحق الإشادة، هو فيلم “خامسة بئر النسيان” من نوع الأنيميشن ثنائي الأبعاد، الذي قدّم عرضه الشرفي الأول بعد فيلم الساقية، مشيرا إلى أنه من خلال هذين المنجزين الفنيين الكبيرين، يمكن أن نقول إننا اليوم نؤسس لصناعة (الأنيميشن) في الجزائر على أرض الواقع، ولم يعد مجرد محاولات فردية لإنجاز أفلام قصيرة. وأكّد على وجود مواهب شابة تستحق الإشادة على ما حققته في هذا المجال من نجاح وتميز، بحيث تمتلك ناصية التكنولوجيا الحديثة وتتحكم بها “وهو ما سيشهد مزيدا من الإبداع في صناعة أفلام تحريك طويلة في المستقبل القريب”.
تحديات عديدة تواجه صناع أفلام التحريك يقول المتحدث “أبرزها التمويل والقدرة على تشكيل وبناء فريق من التقنيين والفنانين المتخصصين في هذا المجال”، وأضاف “هذا ليس بالأمر اليسير، فالحفاظ على الفريق وتوسيعه يتطلب سوقا للأنيميشن وتمويلا متواصلا ومستمرا للحفاظ على اليد العاملة التقنية والفنية، لذلك فهذا النشاط النادر وهو نشاط التحريك والتصميم الفني لأفلام التحريك يستدعي تدخل الدولة بالدرجة الأولى ودعم هذا القطاع الناشئ وتطويره”.
وفي ذات السياق، أفاد المتحدّث أيضا أنه من بين الصعوبات الكثيرة التي تعتري صانعي أفلام التحريك هو التعقيدات التقنية المرتبطة بالإنتاج، “والتي تحتاج إلى حلول مبتكرة لا يمكننا الحصول عليها إلا إذا كان التقنيون يتحكمون في التكنولوجيا الحديثة، ويتابعون كل المستجدات اليومية التي تتعلق بتطوير هذا القطاع من الناحية التقنية”، وأضاف “هناك تسارع رهيب في تطوير التقنيات، ولابد لنا من متابعة هذا التسارع والإلمام بالتحيينات التي تطرأ على التطبيقات والبرمجيات الاحترافية، وكذلك الإلمام بتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتكون عاملا مساعدا ومرافقا في تذليل صعوبات هذه الصناعة المعقدة”.
المنتج الطيب توهامي يقول بأنّ الجميل في صناعة أفلام (الأنيميشن)، أنّه يمكننا تسليط الضوء على عديد الحكايات والأساطير المحلية والمرويات الشعبية التي يتعذر تصويرها على طريقة الأفلام الكلاسيكية، سواء من حيث الجودة الفنية أو من حيث التكلفة التي غالبا ما تكون مرتفعة للغاية بطريقة التصوير الكلاسيكي.
فأفلام التحريك يضيف “تمنحنا هذه الحرية في الخيارات الفنية، وبتطبيق التكنولوجيا الحديثة نستطيع من خلال سينما التحريك أن نجذب الشباب إلى دور السينما كما هو حاصل في معظم الدول المتقدمة في هذا المجال”، مؤكّدا بأنه اليوم صارت أفلام الأنيميشن هي التي تصنع الفارق، وهي التي تتصدر شباك التذاكر في الولايات المتحدة والصين، وخير دليل على ذلك هو فيلم التحريك الصيني “ني دجا 2” الذي يعرض منذ أسابيع في الصين، محققا إيرادات خيالية فاقت إيرادات أهم أفلام هوليود، إذ تشير التقارير إلى تجاوزه المليار دولار في شباك التذاكر المحلي، وهو بذلك يحقق رقما قياسيا عالميا في مجال الإيرادات.
ويقول المتحدّث “هذا المثال يجعلنا نطمح إلى صناعة أفلام تحريك تجارية في الجزائر، تستطيع أن تحقق إيرادات كبيرة، في حال توفر قاعات العرض بشكل كبير، وهو الهدف الذي تسعى السلطات الجزائرية إلى تحقيقه، فرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يؤكد على إعادة بعث الصناعة السينمائية في الجزائر، وما أفلام التحريك إلا رافد من روافد هذه الصناعة، وهي اليوم أهم رافد في الصناعة السينمائية العالمية”.
وأضاف في ختام حديثه، أنّ الصناعة السينمائية هي فرصة لابد أن نستفيد منها اليوم للتأسيس لصناعة سينما التحريك، وفق معايير دولية متطورة وعصرية، يكون فيها العامل البشري المكون والمؤطر والمحترف هو المحرك الأساسي، والدافع لنشوء ثورة فنية حقيقية في هذا الميدان الخصب الذي يستقطب الشباب ويلبي متطلباتهم العصرية.