طباعة هذه الصفحة

بيغاسوس.. الرشـاوي والكتائـب الالكترونية

هذه حيـل المخزن التافهة في حربه الجبانـة على الشرفــاء..

علـي عويـش

”مملكـة الحشيـش” تشـتري الذمم بعائـدات تجـارة المخـدرات والفســـاد الأخلاقـــي

في المشهد السياسي العالمي وما يعيشه من تسابق نحو التحالفات والتكتلات الاستراتيجية، يُطلُّ علينا النظام المغربي كاستثناء لكلّ قواعد القانون الدولي بتصرفات ترقى إلى “نظام مارق” يُبيح الأرض والعِرض، حيث لم يدّخر هذا النظام الهجين أدنى جُهد في سبيل نشر القلاقل والبلابل وإثارة النعرات بين الدول، مستخدما أساليب التضليل والحروب السيبرانية، مفضلا بذلك السباحة عكس العقل والمنطق في علاقاته مع الدول والمنظمات.

تروّج الرباط لنفسها على أنّها “حليفة التنمية في إفريقيا”، لكنّ خلف هذا القناع الزائف الزائل، تتستّر دبلوماسية ملوّثة بالفساد الأخلاقي، المتنافية تماماً مع الأعراف الدولية في العمل المشترك وحسن الجوار، تفوح منها رائحة المكائد التي تستهدف الدول الإفريقية لتضربها في صميم وحدتها خدمةً لأجندات خفية.
لا تتردّد مملكة الرشاوي، كما باتت تسمى من قبل عديد البلدان الإفريقية، في توظيف المال الفاسد الذي هو عائدات تجارة المخدرات في شراء الذمم والابتزاز، وهي آلية تعوّدت الرباط على استخدامها لإلحاق أقصى درجات الضرر بالمؤسّسات الدولية والقارية، مثلما حدث في قضية “مروك غايت”، أو تمويل جماعات ضغط وشراء ولاءات سياسية بثمنٍ بخس لإضعاف منافسيه، يكون مصدرها في العادة تلك المخدرات التي يهُشُّ بها على رعاياه وله فيها مآرب أخرى.
وتبرز الجزائر كأحد أقدم ضحايا هذا النظام المخزني الذي بنى اقتصاده على تجارة المخدرات وممارسة الابتزاز، فمنذ قرون من الزمن، لا يزال سيف المكائد المخزنية مُنساباً على الجزائر ويستعصي على الحصر، ذلك أنّ المغرب جعل من الجزائر شمّاعة يُعلّق عليها فشله الداخلي والخارجي، ولم يتوانى من أجل ذلك في توجيه دفّة الرأي المحلي إلى الجزائر كسبب لكلّ ما يعيشه المغاربة من هوان.ومن أجل هذه الغاية، جنّد المغرب مواقع الكترونية ومرتزقة من كتبة القصاصات، واستخدام وسائل التجسّس التي اقتناها من حليفه الاستراتيجي الجديد الكيان الصهيوني، والتحالف إعلاميا مع اليمين الفرنسي المتطرف.
لقد تبنّت المملكة المغربية نهجاً سادياً تجاه الجزائر، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان خاصّةً إذا كان من السلك الدبلوماسي في الاتحاد الإفريقي، فقد أصبحت أحقاده الدفينة تجاه بلد الشهداء شاخصةً للعيان، خلال انعقاد القمة الإفريقية 38، وهو ما خلَق صدمة في نفوس كلّ من حضر أشغال القمة التي احتضنتها أديس بابا.
والحقيقة، أنّه ليس هناك ما يدعو للعَجَب، “فلا تستغرب ما دُمتَ تتعامل مع المغرب” – قال أحدهم مُعلّقاً -  فقادة القارة السمراء لم ينسوا محاولة الرباط، بالأمس القريب، إدخال الكيان الصهيوني للبيت الإفريقي كعضو مراقب، ضاربةً بذلك عرض الحائط كلّ معاني النخوة والأعراف الدبلوماسية، وهي ذات الخطوة التي اعتبرها البعض طعنةً في ظهر نضال الشعب الفلسطيني، كما أنّ الأفارقة لم ينسوا إطلاقاً قتل المهاجرين والتنكيل بهم أمام أسوار سبتة ومليلية الاسبانيتين، جُرمُهم الوحيد أنّهم حاولوا عبثاً البحث عن حياةٍ أفضل خارج القارة، غير أنّهم أخطأوا العنوان، فكان الجلاّد المغربي لهم بالمرصاد تعنيفاً ورمياً بالرصاص الحيّ إرضاءً لأسياده في الضفة الأخرى من المتوسط.
الذاكرة الجماعية لشعوب القارة الإفريقية، تحتفظ لنظام المخزن المغربي بسجل أسود من الدسائس والمكائد التي حيكت وتُحاك ضدّ إفريقيا شعوباً وأنظمة، وما “حادثة الزوكيت”، وبعدها حرب الرمال، إلا أمثلة قليلة من شواهد كثيرة على تربّص الرباط بالجزائر، ومحاولة الإضرار بها مع سبق الإصرار والترصّد، إلى جانب ذلك، لا يزال الشعبان الموريتاني والصحراوي يعيشان ضحية الرواية المخزنية المقيتة التي تدّعي زوراً وبهتاناً امتداد “تراب المملكة الشريفة” إلى نهر السنغال جنوباً، وهو تجسيد فعلي للنزعة الكولونيالية التي تعيش على وهمها مملكة الحشيش منذ قرون.
تتناغم النظرة المتعالية للرباط في علاقاتها مع الدول الإفريقية، مع سياسة الاستغلال الاستعماري في وجهها الحديث، فاستثمارات الرباط في الزراعة والبنوك والاتصالات في إفريقيا ليست سوى أدوات لنهب الموارد الطبيعية والبحث عن منافذ لتسويق القنب الهندي، بعدما أحكمت الجزائر الخناق على رقبة كارتل المخدرات في المغرب، بل حتى أنّ “المساعدات الإنسانية” باتت وسيلة للابتزاز، كما حدث خلال جائحة كورونا، حيث ربطت المغرب تقديم الدعم الطبي بتحقيق مكاسب سياسية.
إنّ النظام المغربي بقيادته الفاسدة وملكه الغائب، بات يُشكّل سرطاناً ينهش جسد القارة الإفريقية، عبثٌ لا يعرف حدوداً ولا يعترف بأخلاق، وتدخّلات لا تحترم سيادة الدول، وأمام هذا الوضع المتردّي، بات لزاماً، اليوم، أكثر من أيّ وقتٍ مضى تحرير القارة الإفريقية ومؤسّساتها من براثن الدبلوماسية المسمومة التي تبُثُّها الرباط عبر أذرعها الإعلامية والدبلوماسية والمالية، فالقارة تستحقّ الأفضل، وقادة دول لا رؤساء عصابات.