بعدما بلغ العنف في الملاعب الجزائرية ذروته مع بداية الموسم الكروي (2014-2015) بمقتل المهاجم الكاميروني لشبيبة القبائل “ألبيرت إيبوسي” بحجر غادر من أعلى المدرجات بملعب أول نوفمبر بتيزي وزو، اقتربنا من المدرب المساعد لإتحاد العاصمة واللاعب الدولي السابق محبوب أنصار الفرق الجزائرية بلال دزيري، الذي أكد لنا في هذا الحوار أنّ ما حدث لا يمثل إلا صاحبه، ورغم ذلك كانت عواقبه وخيمة ولطّخ سمعة كرة القدم الجزائرية، كاشفا في ذات الوقت أنّه على المسؤولين اتخاذ إجراءات صارمة من أجل القضاء نهائيا على هذه الظاهرة التي تنخر اللعبة الأكثر شعبية في بلادنا.
❊ الشعب: بعد نهاية الكلاسيكو بين الكناري والاتحاد، قتل إيبوسي من حجر غادر من أعلى المدرجات؟
❊❊ بلال دزيري: ما حدث أمر لا يصدّق غير معقول وغير مقبول تماما، خلال كل مسيرتي الكروية شاهدت العنف داخل وخارج الملاعب، لكن لم أكن أتصوّر يوما أن يصل يوم أشاهد فيه لاعبا يقتل من قبل أنصاره بحجر. هذا التصرف الطائش لا يمثل إلا صاحبه لأنّ الشبيبة فريق كبير وأخرج رجالا صنعوا تاريخ كرة القدم الجزائرية، ما يمكنني أن أقوله لك الآن هو أنّنا فقدنا طعم كرة القدم والفرجة في المدرجات بعد مقتل إيبوسي، ولقاء الاستئناف الذي لعبناه أمام شباب بلوزداد كان من أجل العودة إلى المنافسة ونسيان ما حدث في ذلك اللقاء، ومثلما توفي ايبوسي كنت قد أموت أنا، لأن الذي كان يرمي بالحجارة لم يكن يقصد لاعبا معينا وهمّه الوحيد كان محاولة إدخال الخوف للاعبيه، وها نحن الآن فقدنا لاعبا مميزا وقبل أن يكون لاعب كرة قدم هو إنسان قبل كل شيء لديه عائلة، وبالمناسبة أعزّي عائلته وأتمنّى لها الصّبر.
❊ لكن ظاهرة العنف كانت موجودة منذ سنوات؟
❊❊ صحيح، عندما كنت لاعبا كانت ظاهرة العنف تمارس على اللاعبين عندما نتنقّل للعب خارج الديار خاصة، فكنّا في كل مرة نعاني قبل، أثناء وبعد المباراة لا لسبب لأجل ترويعنا وفقط. بعدها تنقّل العنف إلى المدرجات أين أصبحنا في كل تنقّلاتنا نقف على مشاهد مروعة راح ضحيتها الكثيرين وخلقت حقدا لم تنطفئ جمرته لحد الآن خاصة بين الفرق العاصمية، وهو ما نريد أن يتوقّف بتظافر جهود الجميع. والآن عندما باشرت مهنة التدريب أصبحنا نشاهد اعتداءات أعنف على اللاعبين والطواقم الفنية ووصلت إلى غرف حفظ الملابس، وهناك بعض المسؤولين في كرة القدم لا مكانة لهم في الفرق لأنّهم هم من يحرّضون الأنصار بتصريحاتهم الغير مسؤولة، كما أنّه في بعض الأحيان نتعرّض للرّشق بالحجارة داخل الملعب وعندما نكون في الحافلة، والآن حضرنا لمقتل لاعب وفي السنوات القليلة الماضية عشت الجحيم مع إتحاد العاصمة، فحين أتذكّر ما حدث لنا في سعيدة لا أصدّق أنّنا على قيد الحياة، ويومها كدنا نفقد العيفاوي وقبله باجي الذي تعرّض لاعتداء بالسكين. ما حدث لإيبوسي كاد أن يحدث للجيل الذي لعبت فيه أو للجيل الذي بعده، لكن أتمنى أن يحفظ الدرس جيدا، ونقول كفانا موتى في الملاعب وخارجها، وأطلب من المسؤولين التدخل من أجل إيقاف هذه المهزلة التي نعيشها في ملاعبنا وأساءت للجزائر لأن الخبر تداولته كل وسائل الإعلام الأجنبية وأكبر المواقع الإلكترونية. كرة القدم متعة وفرجة، ومن السهل تقليد الأوروبيين، في السنوات الأخيرة نلاحظ جمهورا من نوع آخر في الجزائر، الكل يناصر فرقا أوروبية كبيرة ويحب الاقتداء بهم وبسلوكاتهم. المنتخب الوطني جلب لنا الفخر منذ أشهر في كأس العالم والجمهور الجزائري صنع الحدث في البرازيل، لكن حادثة إيبوسي لطّخت سمعة كرة القدم في الجزائر وأعادتنا للوراء.
❊ شاهدنا إجراءات جديدة في الملاعب بمناسبة مباراة الاستئناف؟
❊❊ صحيح أمام شباب بلوزداد شاهدنا أمورا جد إيجابية حيث كان الدخول ممنوعا عن القصر وببطاقة التعريف الوطنية، كما أن الأمن كان مرفوقا بكاميرات لتصوير الذين يقومون بأعمال الشغب، وفي اللقطة التي قام بها أنصار شباب بلوزداد بإشعال الشماريخ تدخّلت عناصر الشرطة بقوة وأوقفت الذين قاموا بذلك، وهي أمور توحي إلى أنه هناك عمل كبير أقيم في الأيام القليلة الأخيرة، كما اطلعت عبر الجرائد أن الوزارة نصّبت لجنة لمكافحة العنف في الملاعب، وأنه سيتم تكوين أعوان الملاعب من قبل مديرية الأمن الوطني، وهناك مشروع للقيام ببطاقات الاشتراك وهي أمور توحي إلى أنّ ظاهرة العنف تقرّر القضاء عليها نهائيا، وهو ما سيساعد على مشاهدة كرة قدم جميلة، ويمكن القول أن الاحتراف في الجزائر بدأ يجسّد بهذه الخطوة.