طباعة هذه الصفحة

غــزّة تــتــجــلــي

بقلم : علي شكشك
غــزّة تــتــجــلــي
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

شاهدة وشهيدة...
هكذا جغرافيتها ويومياتها وقدرها وخيارها..
أن ينفطر العالم من حولها،
وينفطر القلب فيها والغزاة والطغاة واللئام والكرام.
الباحثون عنها وجدوها فيهم..
والباحثون عن أنفسهم وجدوهم في رمالها.
مهملة على ساحل القلب وكاحل التاريخ،
مترعة بحريتها تلك، تتنفّس طعم البحر ورمل الصحراء،
تتكئ عيونها على الغامض في الفضاء،
حين مرّ نابليون منحته البرتقال وأسلمته لعكا،
أطراف أصابعها المهد، والقدس، والطور وسدوم،
كأنّها حارسة الكروم، والتين والزيتون،
مترفّعة كريشة ترسم التاريخ،
وقد مرّ يوسف والهكسوس وهاشم بن عبد مناف والمائدة التي هبطت من السماء،
تمنح نفسها للعشّاق وشعرها للمطر في لحظة العراء،
تنتشي بالبوح والإسراء،
غزّة تعرج الآن فوق الكائنات،
الكائنات الطائرات..
الكائنات الراجلات الراجمات..
الكائنات السابحات..
وتقذفها أيضا بالبرتقال،
وتسلمها للمحال،
غزّة تعرج الآن...
تستعلي على الإستراتيجيات ومراكز الدراسات وحسابات الخبراء،
مزهوّة بمفاتنها،
لابسة شال عرسها،
تمسك على لحظة الكشف،
تسخر من المشفقين عليها، ومن مشيّعيها،
لا تأبه بمن يمارسون عادة التحليلات والتوقّعات،
ولا ترقب كثيرا اجتماعات القمم والجمعيات ومجالس الأمم،
تفتح قلبها على البسطاء والصوفة والفقراء،
الذين يبتهجون وهم يزفونها إلى ميعادها،
ويزغردون لها في الميادين وعلى الأرصفة،
مباشرة تحت قباب السماء،
لتلتقي أصواتهم في المدى،
كأنّ التاريخ هناك،
في الأفق الأعلى،
غزّة تتجلّى، تفتح على رؤيا.