قضت المحكمة الابتدائية بمدينة مراكش المغربية، بإدانة رئيس تنسيقية ضحايا زلزال الحوز سعيد أيت مهدي بثلاثة أشهر حبسا نافذا، وغرامة قدرها 500 درهم، وتعويض بقيمة 10 آلاف درهم (حوالي 970 يورو) للطرف المدني.
تزامنا مع المحاكمة، نظّم المئات من ضحايا الزلزال والنشطاء الحقوقيين، وقفة احتجاجية امتدت طول اليوم، من التاسعة صباحا إلى غاية صدور الحكم، في حوالي الساعة السابعة مساء، وقد طالب المحتجون بالبراءة لآيت مهدي مؤكدين بأن متابعته هي “مجرد طريقة للانتقام منه”، “وإخراس صوت المتضررين من طريقة صرف الدعم المخصص للضحايا”. كما طالب المحتجون بوقف التهميش والظلم وطالبوا بإنصافهم، ووقف معاناتهم الممتدة على مدى 17 شهرا. كما صدحت حناجر المحتجين بالدعوة لتوفير السكن اللائق وسبل العيش الكريم للضحايا الذين تتفاقم معاناتهم، خاصة مع برودة الطقس والتساقطات الثلجية، وهم لا يزالون تحت خيام بلاستيكية. وبالكف عن التضييق على النشطاء والحقوقيين وكل أصحاب الكلمة الحرة في المغرب.
وكانت النيابة العامة قد تابعت آيت مهدي بتاريخ 23 ديسمبر المنصرم في حالة اعتقال، وذلك على خلفية نشاطه الميداني المتعلق بالحراك الاجتماعي الذي أعقب آثار الزلزال، بالإضافة إلى نشاطه الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتوبع آيت مهدي في حالة اعتقال بتهم مفبركة تتضمّن “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم، وإهانة هيئة منظمة، وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، والاعتداء على موظف عمومي بسبب مزاولته لمهامه، والتحريض على ارتكاب جناية أو جنحة بواسطة وسيلة إلكترونية تحقق شرط العلنية”.وكان إقليم الحوز جنوب مراكش من الأكثر تضررا جراء الزلزال الذي بلغت قوته 6،8 درجات، وضرب المنطقة في سبتمبر 2023 موقعا ثلاثة آلاف قتيل و5600 جريح.
وأسفر الزلزال عن تضرر حوالى 60 ألف مسكن لا سيما في أعالي جبال الأطلس، ما اضطر الناجين إلى العيش في خيام منذ ذلك الحين، إذ أخلفت السلطات وعودها بإعادة بناء مساكن تحفظ كرامة المنكوبين وسلامتهم.ولهذا ما زال أغلب الضحايا بعد 17 شهرا على الكارثة الطبيعية، يعانون الويلات مع جور الطبيعة وظلم المخزن.
تعسّف في استعمال القانون
وتعليقا على الحكم الجائر الصادر بحق ناشط حقوقي يدافع عن ضحايا الزلزال، عبّرت عدة هيئات وتنظيمات حقوقية ومدنية عن استنكارها الشديد لهذا الاعتقال الذي وصفته بالتعسفي، معتبرة أنه يأتي “في سياق التضييق على الحريات الأساسية ومحاولة إسكات الأصوات المدافعة عن حقوق المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة”.وأدّى اعتقال الناشط الحقوقي “الصوت الناطق باسم متضرري الزلزال”، الى تنامي الاحتقان في صفوف السكان، على خلفية احتجاجاتهم السلمية للمطالبة بإنصافهم في التعويضات من الزلزال.
وحسب نشطاء حقوقيين وفاعلين جمعويين، فإن الوضع في قرى إقليم الحوز يزداد تعقيدا وصعوبة، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول التناقض الذي يكتنف هذا الملف بخصوص عملية اعادة الاعمار، منتقدين أداء الحكومة المخيب نتيجة غياب برامج واضحة لإعادة الإعمار وتباطؤ الإجراءات في بناء وتأهيل المؤسسات العمومية من مدارس ومستشفيات، إضافة إلى ضعف الدعم المخصص لإعادة بناء المنازل المدمرة.
علاوة على غياب الدعم، واجه الضحايا، حسب ذات المصادر، مظاهر الابتزاز والنصب من قبل بعض التجار والمقاولين ممن وصفوا بمستغلي الازمات بغية الربح المادي، الامر الذي زاد من حدة معاناتهم وأبطأ وتيرة اعادة الاعمار.
المنكوبون بين المعاناة واللاّمبالاة
وفي سياق ذي صلة، استنكرت البرلمانية، عائشة الكوط، عن حزب “العدالة والتنمية”، تعرض مجموعة من متضرري الزلزال لعملية “نصب” من طرف أحد المقاولين في مجال البناء، قائلة إنه “تمت تزكيته لهم من طرف بعض المسؤولين في المنطقة”، معتبرة أن “ما حدث إجهاز على حلم المتضررين بإعادة بناء مساكنهم وفظاعة عمقت مآسي هؤلاء الذين عانوا من الزلزال وما بعد الزلزال”.
وفي ظل استمرار هذه المعاناة، يتجلى بوضوح عجز الحكومة على معالجة مأساة المتضررين من الزلزال وتوفير حياة كريمة لهم، من خلال التوزيع العادل للمساعدات والموارد لإعادة إعمار المنطقة المتضررة.