تلعب المخطوطات دورًا محوريًا في توثيق التاريخ وصون التراث الثقافي للأمم. فهي ليست مجرّد وثائق عتيقة، بل تعتبر ذخائر فكرية وثقافية تمثل شاهداً حيًا على تطوّر المجتمعات عبر العصور. ويعدّ الاهتمام بهذه المخطوطات خطوة حاسمة لضمان استمرار نقل المعارف للأجيال القادمة. من هذا المنطلق، تسعى الجمعية القاسمية التراثية والثقافية بولاية ورقلة إلى حماية هذه الكنوز من الإهمال والاندثار.
تزخر ولاية ورقلة بإرث ثقافي عريق، حيث تنتشر الزوايا داخل القصور، وكلّ زاوية تحتضن مخطوطات قيّمة توثق لحظات تاريخية بالغة الأهمية. ووفقًا لإبراهيم رزقي، رئيس الجمعية، فإنّ العديد من هذه المخطوطات تحتوي على معلومات ثرية تغطي مجالات متنوّعة مثل الفكر، الأدب، العلوم، والدين. ومع ذلك، تواجه هذه المخطوطات تحدّيات كبيرة نتيجة لظروف حفظها غير الملائمة داخل خزائن خاصّة، ممّا يعرّضها للتلف.
وأوضح رزقي أنّ الدولة أنشأت مراكز وطنية متخصّصة تعمل على جرد المخطوطات وترتيبها وتصنيفها، فضلاً عن إدماجها ضمن الخريطة الوطنية لتسهيل البحث الأكاديمي.
ضمن هذا الإطار، تسعى الجمعية القاسمية إلى سدّ الفجوة بين أصحاب المخطوطات والمؤسّسات المتخصّصة. ومن بين مبادراتها تنظيم يوم دراسي تحسيسي يوم السبت 18 جانفي، يهدف إلى توعية أصحاب الخزائن الخاصّة بأهمية الحفاظ على المخطوطات وإتاحة نسخ ورقية وإلكترونية منها.
وسيشارك في هذا اليوم الدراسي مديرية الثقافة والفنون لولاية ورقلة، المركز الوطني للمخطوطات الشهيد حكومي محمد بأدرار، ومخبر البحث اللغوي والأدبي في الجنوب الشرقي الجزائري. وستُقدّم خلاله توضيحات حول آليات حفظ وحماية المخطوطات.
تشدّد الجمعية على أهمية الوعي المجتمعي في حماية المخطوطات، فهي تمثل هوية المنطقة وإسهاماتها الحضارية. وتشمل المبادرات دورات تدريبية تُعنى بتعليم كيفية تنظيف المخطوطات وحمايتها من التلف، وصولًا إلى توثيقها بشكل احترافي.
وتطمح الجمعية القاسمية من خلال مبادراتها إلى تعزيز ثقافة الحفاظ على المخطوطات كواجب ثقافي ومسؤولية مشتركة، بهدف تحويل التحدّيات الحالية إلى فرص لتوثيق هذا التراث وضمان استمراريته للأجيال القادمة.