تُعتبر السياحة الحموية في الجزائر، أحد الدّعائم المُعوُّل عليها في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني خارج قطاع المحروقات، نظرا لما تتيحه من فرص استثمارية تنموية كبرى مساعدة على الرفع من مداخيل الدولة وزيادة النمو العام في البلاد، وجلب موارد بالعملتين الوطنية والأجنبية للخزينة العمومية.
تمتلك الجزائر ينابيع حموية طبيعية بحتة هامّة جداً ولا تنضب، تتموقع في الجبال والهضاب العليا المترامية على امتداد آلاف الكيلومترات بالتراب الوطني، يزيد الطلب عليها من سنة إلى أخرى بحثا عن سبُل العلاج من مختلف الأمراض الجسدية والنفسية، وأملاً في نيل نصيب من الراحة والاستجمام فيها لأيام عديدة، وهو ما يجعلها مقوما مستداما مؤهلا لاحتضان مشاريع استثمارية حديثة مستقطبة للسياح والمرضى من مختلف أنحاء البلاد وحتى من الخارج.
وفي هذا الشأن، قال رئيس جمعية صدى الجزائر لتشجيع السياحة وتطويرها، طلحي عبد العزيز، أن الحمّامات المعدنية الطبيعية المتواجدة على مستوى ولايات الوطن أصبحت محطات سياحية وملاذا جاذبا للمواطن والسائح، وكذا الباحثين عن الاستشفاء من الأمراض من كل حدب وصوب.
وأكد طلحي، في تصريح خصّ به “الشعب”، أن المنابع الحموية أو الحمّامات المعدنية الطبيعية تحوّلت بحكم الواقع، في السنوات الأخيرة، إلى قطب سياحي بامتياز، بإمكانه إتاحة العديد من الفرص الاستثمارية التي من شأنها المساهمة في إنعاش الاقتصاد الوطني، باعتبارها خزانا لا يجفّ، ومنبعا مستداما للتّشافي، حيث بات لزاما أن تتوفر الأماكن المرتبطة بها على كل مرافق الاستقبال من منشآت المبيت، والإطعام، والاستحمام، والعيادات الطبية، والخدمات التجارية وغيرها من الفضاءات الجوارية حتى تتكيف مع متطلبات الوافدين إليها.
وتتربّع الجزائر، بحسب محدّثنا، على عدة مناطق تتوفر على ينابيع معدنية طبيعية وحمامات رملية، تساعد في علاج الكثير من الأمراض الجسمية والنفسية، ومن بين هذه الأماكن يوجد حمام دباغ في ولاية قالمة، حمام بوحنيفية في ولاية معسكر، حمام الصالحين الذي يقع في ولاية بسكرة، وحمام لوان في ولاية البليدة، وحمام آخر في ولاية سعيدة وغيرها من الحمامات المعدنية التي لطالما اشتهرت بكونها تساهم في علاج العديد من الأمراض على غرار ارتفاع الضغط الدموي والروماتيزم والمفاصل وعدد من الأمراض الجلدية.
وتابع رئيس الجمعية بالقول: “تشدد جمعية صدى الجزائر لتشجيع السياحة وتطويرها على تنمية وتطوير السياحة الحموية، وجعلها من أولويات قطاع السياحة في الجزائر، انطلاقا مما تتوافر عليه بلادنا من موارد وثروات حموية ثمينة جدا، لاسيما مع ارتفاع الطلب وتنوعه على هذه الشعبة من مختلف شرائح المجتمع، إذ أصبحت تشكل موردا حقيقيا للترفيه والعلاج”.
كما يكتسي الترويج محليا ودوليا للمكنونات الحموية الجزائرية، وتشجيع تنفيذ المشاريع في هذا النمط السياحي، أهمية قصوى، قصد ترقية مجال الخدمات المرافقة لهذه الثروة الوطنية المستدامة، يضيف رئيس جمعية صدى الجزائر لتشجيع السياحة وتطويرها طلحي عبد العزيز.
وفي هذا السياق، تبنّت السلطات الوصية استراتيجية تنموية للنهوض بالسياحة الحموية؛ كونها ليست موسمية كباقي الأنماط السياحية الأخرى على غرار السياحة الصحراوية التي تنشط أكثر في فصلي الشتاء والربيع، والشاطئية المرتبطة بفصل الصيف فقط، وهو ما يجعلها أكثر استدامة وقدرة على تحقيق إرادة تنويع الاقتصاد الوطني.
تطوير السياحة الحموية، يستدعي مواصلة جهود تثمين المواقع الطبيعية المتواجدة بكل ولايات الوطن، وإشراك جميع الفاعلين والمهتمين بالمجال، وتشجيع المستثمرين المحليين وحتى الأجانب على تجسيد مشاريع جديدة نموذجية تستجيب للآليات والميكانيزمات والمعايير الدولية، بما ينسجم مع القدرات الفريدة الهامة التي تتميز بها الجزائر في هذا الجانب، وفقاً لمختصين.