من مقاربة بيروقراطية إلى رؤية اقتصادية خلّاقة للثروة
أكد خبراء اقتصاد وقانون لـ«الشعب”، أن التقليد الحميد الذي سنّه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، سمح بالوقوف على ما تم إنجازه وتقييمه وتقويمه من أجل مواصلة تنفيذ برنامج الرئيس على أكمل وجه، بما يخدم المواطن الجزائري باعتباره على رأس أولويات رئيس الجمهورية الذي تعهد بتوفير كل سبل العيش الكريم للمواطن وتحقيق التنمية التي توفر ذلك.
قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، البروفيسور مراد كواشي، في اتصال مع “الشعب” أمس، إن لقاء الحكومة مع الولاة المنعقد تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية تطرق إلى خمس ورشات، هي آليات تحقيق تنمية مستدامة، وتحدّيات تحقيق النمو الغذائي والمائي، والاقتصاد المحلي، والتحديات لخلق الثروة وفرص التشغيل، ورقمنة وعصرنة المرافق العمومية الجوارية، إلى جانب التخطيط العمراني لضمان بيئة حياة ذات جودة.
واعتبر أن لقاء الحكومة الولاة أصبح تقليدا حميدا، ويعدّ مناسبة لتقييم برامج التنمية على المستوى المحلي، التقييم من أجل التقويم والإصلاح، ويتم خلاله أيضا تقييم أداء الولاة خلال المرحلة الماضية وتذليل العقبات التي وقفت في وجه التنمية المحلية على مستوى ولايتهم.
صلاحيات أكثر لفاعلية أكبر
وأضاف أن الاجتماع يأتي عشية إطلاق القانون الجديد للبلدية والولاية الذي سيتم فيه منح صلاحيات تسييرية أكبر للولاة، وبالتالي الولاة مدعوون للانخراط بشكل أكبر في تنفيذ برنامج السيد الرئيس بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية ودعوتهم مجددا إلى تغيير المقاربة التسييرية، التي حث عليها السيد الرئيس في وقت سابق، من مقاربة إدارية بيروقراطية إلى مقاربة اقتصادية خلاقة للثروة، ومناصب العمل، ومن أجل ذلك يتعين على الولاة أن يتحولوا إلى مسيرين حقيقيين، والتحلي بروح المبادرة، وأن تكون لهم فعالية أكبر في حل المشاكل التنموية على مستوى الأقاليم وولاياتهم، والقضاء على مختلف أشكال البيروقراطية وأيضا التكفل بانشغالات المواطن باعتباره الهدف الأول لكل السياسات العمومية في الجزائر.
كما يتعين على الولاة مواصلة رفع التحديات لتحقيق الأهداف الاقتصادية على المستوى المحلي، خاصة وأن الجزائر تمكنت في المرحلة السابقة من تحقيق مؤشرات إيجابية وخضراء على مستوى الاقتصاد الكلي، سواء تعلق الأمر بالنمو الاقتصادي أو الناتج المحلي الإجمالي أو حجم احتياطي الصرف، وعليه حان الوقت لتنعكس هذه المؤشرات الخضراء والإيجابية على المستوى المحلي، وتكون هناك تنمية محلية بنفس المعدل والسرعة، التي حققت على مستوى الاقتصاد الكلي، لذلك توجب على الولاة المساهمة في تنفيذ برنامج الرئيس سواء تعلق الأمر بالقضاء على مناطق الظل أو الأمن الغذائي وتطوير الصناعة وتوفير مناصب شغل وغيرها.
رفع العراقيل البيروقراطية
من جهته، قال الخبير القانوني الدكتور موسى بودهان، إن لقاء الحكومة والولاة هو واحد من السنن الحميدة التي دأب عليها السيد الرئيس، عبد المجيد تبون، على غرار اللقاء مع الأحزاب والشباب وجمعيات المجتمع المدني، وهي مبادرات تستحق التثمين عاليا، لأنها تحفز المسؤولين على الالتزام بمسؤولياتهم لاسيما في الاقتصاد والاستثمار ونحن نتحدث عن التنمية المحلية، فإننا نتحدث عن التنمية الوطنية.
وأوضح أن اللقاء يأتي قبيل إصدار قانوني البلدية والولاية الجديدين، ويأتي في خضم اهتمام الرئيس شخصيا بتهيئة الإقليم والتنظيم المحلي والتقسيم الإداري، سواء بالعاصمة والتي خصص لها اجتماعا خاصا، أو باقي المدن الكبرى الأخرى. كما يأتي اللقاء في إطار التقييم الذي دأب عليه بالنسبة للمسؤولين.
كما ذكر أنه قبل أسابيع من الآن قام السيد الرئيس بإنهاء مهام عدد من الولاة وعيّن آخرين وحوّل بعضهم من ولايات إلى أخرى، وهي تدخل في إطار التقييم والتقويم.
كما يأتي الاجتماع، يقول بودهان، في إطار رفع العراقيل البيروقراطية التي سمّمت الأجواء بالنسبة للمواطنين والاقتصاد على السواء، واللامركزية المنصوص عليها في الدستور لابد أن تطبق على أرض الواقع، ولابد من سنّ قانون خاص بها يحدّد متطلباتها، وكيفية تقريب الإدارة من المواطن وانشغالاته في جميع مناحي الحياة.
قوانين تحتاج مراجعة
وأضاف الدكتور بودهان أنه لابد من تحضير آليات قانونية ومؤسساتية لتكون اللقاءات من هذا النوع أكثر نفعا وفائدة في جميع مناحي الحياة، وأفاد الخبير القانوني، يقول: “اعتقد أنه لمرافقة المسعى الوطني النبيل الذي يقوم به السيد رئيس الجمهورية من خلال اللقاءات المشار إليها لاسيما مع الولاة، لابد من إعادة النظر في جملة من القوانين، إضافة إلى قانون الولاية والبلدية، نذكر قانون تهيئة الإقليم الصادر سنة 2001، وقانون التقسيم الإقليمي الصادر سنة 1984، الذي تم تعديله بعد ذلك، أيضا المرسوم التنفيذي المتعلق بصندوق التضامن والتنمية للجماعات المحلية، وذلك من أجل توفير مناطق نشاطات لكثير من البلديات والدوائر التي هي في أمّس الحاجة إلى ذلك، وهو ما تقتضيه أيضا ضروريات التنمية المحلية، وتشير الإحصاءات إلى وجود ألف بلدية تعاني الفقر والحرمان لانعدام المرافق الضرورية للنشاطات الاقتصادية التنموية، إلى جانب قانون الجمعيات، والقانون المتعلق بالمقاطعات الإدارية لـ 2015، وقد تجاوزتهما الأحداث، ومن شأن مراجعة هذه القوانين تقريب الإدارة من المواطن، كما يحث عليه السيد رئيس الجمهورية، وضمان التساوي في تقديم الخدمات للمواطنين.