طباعة هذه الصفحة

دور الإعلام الجزائري في دعم القضية الفلسطينية

بقلم: عمر حلمي الغول
دور الإعلام الجزائري في دعم القضية الفلسطينية
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

ممّا لا شك فيه، أنّ المنابر الإعلامية العربية عموما غطت أخبار القضية الفلسطينية بتفاصيلها المختلفة على مدار العقود الماضية من كفاح الشعب العربي الفلسطيني. بيد أنّ الكثير من تلك المنابر العربية انكفأت، وتراجع اهتمامُها بقضية العرب المركزية نتاج جملة من العوامل الذاتية والموضوعية، إلا الإعلام الجزائري الشقيق الذي واصل وبقوة ومثابرة عالية تغطية الخبر والقضية الفلسطينية بكل تفاصيلها.

 هدف الإعلام الجزائري فتح الأفق أمام الملفات الفلسطينية المختلفة، وتحديدا قضية الأسرى والتركيز عليها، ونشر معاناتهم والصعوبات والمكابدات اللاّإنسانية، التي يتعرّضون لها يوميا بهدف إيصالها للرأي العام الأوروبي والعالمي عموما، وكشف الإرهاب الصهيوني المنظم ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.
ليس هذا فحسب، بل تعمّقت الصحف الجزائرية وتوسَّعت في الاهتمام والتركيز على الملف الفلسطيني، ولم تترك شاردة أو واردة تخصُّ فلسطين المحتلة إلا وسلَّطت الضوء عليها، وفتحت أبوابها وصفحاتها للعنوان والمقال والكتَّاب الفلسطينيين، ولم تكن هذه النقلة عفوية، أو ارتجالا عاطفيا، أو نزوة عند المسؤولين الإعلاميين الجزائريين، إنما هي نتاجُ قناعة راسخة عندهم جميعا، باعتبار أن قضية فلسطين، هي قضيةٌ وطنية وقومية، يتمثلها كل إنسان جزائري بعمق ما يتمثل المسألة الجزائرية، ومن كافة المستويات، من عامة الشعب إلى رأس الهرم الجزائري، أي الرئاسة والحكومة وقطاعات الشعب المختلفة.
إضافة إلى أنّ الجزائريين عموما يشعرون مع أشقائهم الفلسطينيين بحجم معاناتهم، وآلامهم ومصائبهم نتاج جرائم الحرب التي يرتكبها الاستعمار الصهيوني الإجرامي ضدهم على مدار العقود الثمانية الماضية، كونهم عاشوا مرارة الاستعمار الفرنسي الوحشي، وبحكم دفعهم فاتورة عالية من التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والانتهاكات الخطيرة التي تعرَّضوا لها على مدار 132 عاما.
نعم دفع الجزائريّون مليونا ونصف المليون شهيد، وملايين الجرحى والضحايا متعدِّدي الأوجه ثمن حريتهم من المستعمرين الفرنسيين. لهذا جاء موقفهم صلبا وعميقا وراسخا ومتجذرا، لا تشوبه شائبة تجاه قضية أشقائهم الفلسطينيين.
ولا يُخفى عن أي مراقب عربي أو عالمي، أنَّ الجزائر منذ أن انتصرت عام 1962 وقياداتها المتعاقبة تتبنَّى القضية الفلسطينية، وكانت من أوائل الدول التي احتضنت الثورة الفلسطينية، وفتحت مكتبا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، ثم مكتب لمنظمة التحرير الذي أمسى سفارة فلسطين، وما زالت مقولة الرئيس الجزائري الأسبق الراحل هواري بومدين راسخة في الأذهان “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، وعنوانا مرشدا لكل جزائرية وجزائري طفلا كان أو امرأة أو شيخا أو شابا، وعلى مساحة الوطن الجزائري من أقصاه إلى أقصاه، جميعا حملوا، وما زالوا يحملون الهمّ والمعاناة والآلام الفلسطينية على كواهلهم، وفي أعناقهم.
وتعمَّقت وتوسّعت التغطية الإعلامية الجزائرية بشكل منهجي ومدروس بعد اللقاء الذي جمع السفير الفلسطيني الأسبق في الجزائر، محمد الحوراني عام 2009 والأخ خالد صالح، المكلف بملف الإعلام فى السفارة الفلسطينية حيث تم تبنّي إصدار ملحق أسبوعي تحت عنوان “الشعب المقدسي” تولى الإشراف عليه الأسير المحرر الفلسطيني، صالح.
ولم تتوقف التغطية الإعلامية عند حدود صحيفة “الشعب” صاحبة المبادرة الأولى، إنّما توسّعت عموديا وأفقيا في معظم المنابر الجزائرية، وهذا دليل على مدى الاهتمام الجدي والمسؤول من قبل الإعلاميين الجزائريين بقضية أشقائهم وأبناء جلدتهم الفلسطينيين.
وتحتل القدس العاصمة، وملف الأسرى والقدس وملف المصالحة الوطنية أولوية لدى تلك الوسائل والمنابر، كما تنشر العديد منها مقالات معظم الكتاب الفلسطينيين لتعريف القارئ الجزائري بقضية فلسطين، ووضعه في صورة الحدث وتطوراته على أرض الرباط، وهدف الإعلام الجزائري فتح الأفق أمام الملفات الفلسطينية المختلفة وتحديدا قضية الأسرى، والتركيز عليها، ونشر معاناتهم والصعوبات والمكابدات اللاّإنسانية، التي يتعرضون لها يوميا بهدف إيصالها للرأي العام الأوروبي والعالمي عموما، وكشف الإرهاب الصهيوني المنظم ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.
ولا يدّخر الإعلاميّون الجزائريون وسيلة أو أسلوبا إلا واتّبعوه لنقل القضية للعالم في ظل التعتيم والانحسار والحصار المفروض على القضية وملفاتها المتعددة، وبعد تراجع القضية نتاج الحروب البينية العربية العربية والحروب الأهلية، ولكسر كل القيود التي يفرضها الغرب الرأسمالي الرسمي بقيادة الولايات المتحدة على فلسطين وقضيتها، وإبراز الوحشية الصهيونية المنفلتة من عقالها ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وتكمن أهمية ودور ومكانة الإعلام الجزائري بعد انعقاد القمة العربية في دورتها 31 في الجزائر العاصمة مطلع نوفمبر 2022 لتكون بمثابة رسالة لكل إعلامي عربي، وشكلا من أشكال التحفيز لهم، لعلهم يدركون ويستخلصون الدرس من التجربة الإعلامية الجزائرية الرائدة والملهمة، وخلق جسور من التعاون مع جهات الاختصاص الفلسطينية والجزائرية لتعميم التجربة، ونقل الصورة والمظلومية الفلسطينية عموما والأسرى خصوصا للعالم أجمع، وتشكيل لوبي عربي عالمي ضاغط للإفراج عن أسرى الحرية الأبطال، الذين يزيد عددهم عن أربعة آلاف وخمسمائة أسير يقبعون في سجون الاستعمار الصهيوني.
مع العلم أنّ ما يزيد على المليون مواطن فلسطيني دخل السجون الصهيونية من العام 1967، وسقط أكثر من 232 شهيدا بينهم داخل أقبية وزنازين التحقيق الصهيونية، وبينهم العشرات من المرضى وعلى رأسهم الأسير ناصر أبو حميد، وهناك العديد منهم تجاوز اعتقاله 43 عاما، حتى تفوّقوا على القائد العظيم الشهيد مانديلا بعشرات السنين، الذي اعتقل 27 عاما، فضلا عن النساء والأطفال والشيوخ، الذين تجاوز بعضهم 80 عاما، أمثال الشيخ المحرر فؤاد الشوبكي (أبو حازم).
وقبل أن أختم لابد من كلمة شكر لكل جزائرية وجزائري، ولكل منبر إعلامي، ولكل إعلامية وإعلامي ساهم بنشر بعض الحقيقة عن فلسطين وقضاياها المختلفة، وخاصة القدس وملف الأسرى والمصالحة التي تؤلمنا جميعا، التي أولتها الرئاسة الجزائرية وفريقُها المكلف جهدا خاصا ومميزا بمبادرتها الشجاعة لرأب الصدع بين الكلّ الفلسطيني، للخروج من نفق الانقلاب والانقسام وعودة اللحمة للصف الوطني لمواجهة التحديات الصهيو أمريكية.