يعيش القطاع السياحي في الجزائر انتعاشا كبيرا ، لاحظه كل من زارها في موسم الاصطياف والفضل يعود إلى المجهودات التي بذلتها الدولة في هذا المجال، بانجاز عدة فضاءات ترفيهية ، محميات طبيعية مصنفة عالميا، وحدائق فريدة من نوعها استقطبت العديد من الزوار .
وفي هذا الصدد نقلت “الشعب” آراء بعض المغتربين الذين قضوا عطلتهم في جيجل لما سمعوا عنها وما تزخر به من مناظر طبيعية خلابة، وهو ما سمح للعائلات بقضاء عطلة هادئة دون أن تنغص صفوها بعض السلوكات اللاأخلاقية التي اعتدنا عليها في بعض الشواطئ المكتظة ، وبالتالي العودة إلى ديار الغربة وكلهم راحة طاقة وحيوية
الاستثمار في المناطق الغابية يساهم في إنعاش السياحة
في هذا الصدد أكدت م. فاطمة الزهراء قدمت من باريس لقضاء العطلة الصيفية مع أهلها بتاكسنة قائلة : “ جئت إلى الجزائر لأضرب عصفورين بحجر واحد، زيارة أهلي وقضاء عطلة صيفية مريحة....خاصة وأن أبنائي اشتاقوا إلى تكسانة لأنهم لم يحطوا الرحال بها لأكثر من أربع سنوات ….”
وأضافت م. فاطمة الزهراء : “قضينا أحلى الأوقات لدرجة أن أبنائي الأربعة ألحوا علي البقاء فيها إلى غاية منتصف سبتمبر، لأن المنطقة تغري زوارها بمقومات الجذب السياحي كالغابات الخلابة التي تحتوي على نباتات وأشجار نادرة ، يمكنها أن ترقى بالسياحة الوطنية، نتوق أن تستعيد الجزائر عموما وجيجل بالخصوص مكانتها السياحية باستغلال المناطق الغابية والاستثمار فيها “.
وتأسّفت فاطمة الزهراء أن تصبح مثل هذه الثروة التي تزخر بها بلادنا مهملة مطالبة ببذل مجهود أكبر حتى تحقق النهضة في هذا القطاع بتوفير الخدمات والمرافق السياحية داعية القائمين عليه للاهتمام أكثر بالمناطق الخضراء التي حبانا الله بمساحات لا نجد مثلها في المعمورة قاطبة ....
العسل وزيت الزيتون يلقيان رواجا في أوروبا
من جهته أيد أحسن بوشة القادم من لندن لقضاء العطلة الصيفية في جيجل رأي فاطمة الزهراء قائلا : “ قضيت أحلى الأيام بجيجل، حيث خصصت جزءا من العطلة للترفيه عن النفس بزيارة مختلف الأماكن السياحية التي تزخر بها المنطقة بين شواطئ، كهوف والمحمية الطبيعية المصنفة عالميا، دون أن أنسى زيارة الأهل والأصدقاء .... “
وأضاف محدثنا قائلا :« ها أنا أعود اليوم إلى بريطانيا محملا بما لذ وطاب من خيرات بلادنا من زيت زيتون وعسل حر ....وهي منتوجات غذائية لا نجدها إلا في الجزائر، لجودتها العالية. والسر في ذلك أن هذه المنتوجات يشرف عليها حرفيون لهم خبرة كبيرة في هذا المجال وهو ما جعل الجزائر أكثر الدول إنتاجا للعسل، حيث نجده يباع في أكثر من دولة أوروبية وأن الإقبال عليه كبيرجدا لا يخطر على البال وذلك لمنافعه الصحية
جمعية “السفير” :
الاهتمام بالسياحة الغابية والجبلية أولوية
ما تقوم به جمعية السفير للسياحة يساهم في إنعاش القطاع بالجزائر حيث كرست جهودها للتحسيس بضرورة الاهتمام بالسياحة الغابية والجبلية، وأن لا يبقى ذلك محصورا على الشواطئ .
وتتركز أهم نشاطات الجمعية للترويج لأهم المواقع الجبلية بجيجل عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال صفحتهم الخاصة وفي هذا الصدد يقول رئيس الجمعية بلال بوجعدارلـ “الشعب” : “ جمعيتنا تنشط من أجل بعث السياحة بجيجل وخلق سياحة جبلية بدل أن تبقى محصورة بالشواطئ وما تعرفه من اكتظاظ طيلة موسم الاصطياف “، وركز بوجعدار في سياق حديثه على ضرورة استغلال مناطق أخرى لتجذب الزوار ويتعلق الأمر هنا بالسياحة الغابية والجبلية خاصة وأنه بالإمكان رفع الغبن على الكثير من البلديات المحرومة بالمنطقة وتحويلها إلى جنة عن طريق الاستثمار في المناطق الغابية، فتنتعش المنطقة اقتصاديا بزراعة الأراضي وإعادة الأرض إلى أصحابها خاصة وأن المنطقة تعتبر خصبة لزراعة العنب، التين، التين الشوكي فتساهم في حركة اقتصادية في كل الفصول. كما أن بعض المناطق حسب رئيس جمعية السفير تحتاج إلى تهيئة وترويج إعلامي لتسليط الأضواء عليها شريطة أن تقوم السلطات بتنميتها وذلك بتهيئة الطرق والمسالك وتوفير الكهرباء والمياه “.
كما نوه بوجعدار بأهمية بعض المناطق بجيجل على غرار الشواطئ قائلا : “هناك مناطق كثيرة، كشلالات الشحمة الجبلية بإمكانها التخفيف من مشكلة الاكتظاظ الذي تعرفه عادة الشواطئ طيلة موسم الاصطياف “.
ومن جهة أخرى تحدث بوجعدارعن السياحة المستدامة قائلا : “لابد من توعية المواطن ونحن نركز على التحسيس بأهمية المخاطر التي يخلفها إهمال البشر بإلقائهم للقاذورات في أماكن الاستجمام وانعكاساتها السلبية على البيئة”.
ودعا في الأخير إلى إعادة الاعتبار للمناطق الجبلية التي تتمتع بمناظر خلابة كمنطقة البارد التي تعتبر جنة سياحية لو تم استغلالها تستقطب الكثير من الزوار، وكذا منبع المشاكي الذي أضحى هو الآخر مهملا بعد أن كان يستقطب العائلات في الماضي من أجل التداوي والعلاج بمياهه.
وقد أبدى الأدباء إعجابهم بالمنطقة حيث وصف “شارل فيرو” في كتابه تاريخ جيجل أن شلالات المشاكي لا تتوقف عن الجريان، وهي أغرب ما صنعه وأبدعه الخالق من عجائب السياحة الجبلية بجيجل، تلك الينابيع السحرية التي تتواجد بأعالي جبال بلدية سلمى بن زيادة ، فالمشاكي هي بوابة السياحة الجبلية بالمنطقة، لغز آخر من ألغاز الطبيعة، فتحة بين الصخور تسيل منها المياه بغزارة صافية وعذبة منبع المشاكي يعتبر معلما سياحيا يتردد عليه الزوار من أجل التداوي ، حسب روايات سكانها وأن مياهه تشفي من عدة أمراض مزمنة، وهذه الشلالات السحرية تبعد عن الطريق الولائي رقم 37 أ الرابط بين بلديتي سلمى بن زيادة وتاكسنة بحوالي 03 كلم، والمسلك المؤدي لها يحتاج لتهيئة، ورغم الصعوبات التي لا تزال تميز بعض أجزاء الطريق، إلا أن الكثير ممن يقصد الولاية يجد ضرورة ملحة لاكتشاف الظاهرة الفريدة والسر المجهول لتدفق هذا الينبوع السحري لمدة 15 دقيقة وتوقفه ، إلى جانب عذوبة المياه وبرودتها لدرجة عالية في فصل الصيف .
تحدّث رئيس الجمعية عن كل هذا بالتفصيل مروّجا لسياحة أخرى تساهم في التنمية وتكشف كنوز الجزائر وأضاف رئيس جمعية السفير للسياحة قائلا : “ للحفاظ على المكاسب الطبيعية لابد من بذل جهود أكبر” .
السياحة تساهم أيضا في التعريف بعادات المجتمعات وتقاليدها إذا اتخذت منهجاً وأسلوباً سليما... والسياحة البيئية لابد من الترويج لها وتشجيعها، فهي تساهم في إعطاء الفرصة للتأمل في الطبيعة ودراسة النباتات، وتوفير الراحة للإنسان، ربط دراسة التنوع الحيوي والثقافي للمناطق السياحية، إعداد برامج تعتمد على توجيه العملية السياحية إلى المواقع ذات الطابع البيئي.
هذا ما توقف عنده رئيس الجمعية ملحا على اعتماد سلوكات دون المساس بالبيئة المحيطة أو التأثير عليها، داعيا إلى تنمية القطاع .
وقال رئيس الجمعية أيضا أنه لا بد من الاهتمام بالقطاع السياحي في الجزائر، بالكشف على مؤهلاتها الطبيعية العديدة، وتباين مناخها
وثراء تراثها الثقافي والفني مما يسمح بممارسة شتى النشاطات السياحية والترفيهية طول السنة ويساهم هذا اقتصاديا في خلق مناصب شغل واستغلال التراث الثقافي والتنمية الاجتماعية بما فيها المواقع الطبيعية النادرة التي تحتاج إلى رعاية خاصة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لترقية التقاليد الشعبية والحرف والحفاظ عليها، كما لابد من إشراك وسائل الإعلام والنشاط الجمعوي للترويج للمواقع وما تزخر به من تراث متنوع.