طباعة هذه الصفحة

الرئيس رامافوزا في خطاب أمام البرلمان الجزائري:

الجزائر بلد استراتيجـــــــــي.. ومنها نستلهـــــــم العــــبر والخـــــــــــبرة

قصر الأمم: حمزة محصول

 

أكد رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، أمس، تطلع بلاده لعلاقة قوية في التجارة والاستثمار مع الجزائر، مجددا الالتزام بدعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره، ليوجه دعوة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لحضور قمة مجموعة الـ 20 سنة 2025.

مرتديا البرنوس الجزائري الأصيل، ألقى الرئيس الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا خطابا تاريخيا أمام البرلمان الجزائري المجتمع بغرفتيه في دورة غير عادية، تطرق فيه إلى واقع العلاقات التاريخية بين البلدين، ومستقبلهما الواعد المبني على قواسم مشتركة والإرادة نفسها في التطور.
رامافوزا، أكد أن مسافة الـ 8000 كلم التي تفصل كيب تاون عن الجزائر، لا تعني شيئا أمام الروابط بين البلدين، قائلا «إننا نشعر أننا في وطننا الثاني»، وأضاف بأن «الجمال في الجزائر العاصمة، خلّاب كجمال كيب تاون، ونقول إنها مكان استراتيجي وبوّابة لإفريقيا من الشمال».
ومن النقاط المشتركة التي تضخ اسمنت العلاقة بين بريتوريا والجزائر أن «كلانا كان مستعمرا، وعانينا من الاضطهاد وانتزاع الأراضي من قبل الاستعمار».
وأضاف قائلا» شعبانا ناضلا ضد الاستعمار، ورغم التحديات كنا قادرين على استعادة حريتنا واستقلالنا».. وتابع» نحن أمتان حرتان ولدينا مهمة هي تحسين شعوبنا وتطوير بلدينا».
رئيس جنوب افريقيا، خصص جزءا معتبرا من خطابه لإظهار كثير من العرفان للجزائر، نظير ما قدمته لبلاده في كفاحها ضد نظام الفصل العنصري.
وقال» أنتم الجزائريين، لديكم خبرة أكثر منا ونتعلم منكم الكثير وزيارتنا تهدف لتعميق علاقات الأخوة بين البلدين».
وأفاد رامافوزا بأن الحرب التحريرية الجزائرية ألهمت نضال بلاده من أجل الحرية، مستحضرا تصريحات للرئيس الراحل أحمد بن بلة، فجر استقلال الجزائر «قال فيها إن واجبنا دعم حركات التحرر في القارة الإفريقية، وليس لدينا الحق في أن نفكر فيما نأكل بينما الناس تموت في أنغولا وجيبوتي وجنوب إفريقيا».
واعتبر أن هذه الكلمات تجعل «منكم جزائريين استثنائيين، كشعب وكأمة مستعدة للتضحية من أجل الآخرين، وأضاف بأن الجزائر» أوفت بوعدها للشعب الإفريقي ووحدة إفريقيا».
وذكّر المتحدث بدور الجزائر كمركز وملجأ لمناضلي حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، حيث احتضنت أول مكتب له في الخارج سنة 1963، وأيضا بتصريح تاريخي لنيلسون مانديلا عندما أطلق سراحه سنة 1990، قال فيه» إن الجيش الجزائري جعل مني رجلا».
رئيس جنوب إفريقيا، أكد أن بلاده تستذكر بشكل دائم تاريخ الجزائر، وتعتبر أنها ورثت شعلة الحرية وتعمل على أن تظل مضيئة وتتخلص من ظلام الظلم، وقال الرئيس رامافوزا «يمكننا أن نقول أنكم ساهمتم في حريتنا».

تعميق العلاقات الثنائية
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أكد رئيس جنوب افريقيا، أن بلاده ستعمق علاقاتها مع الجزائر عبر اللجنة الثنائية المشتركة التي عقدت للمرة السابعة، وأكد الطموح القوي من أجل تقوية «تجارتنا واستثماراتنا وعلاقات الشعبين»، مشيرا الى انعقاد المنتدى الاقتصادي المشترك، الخميس، والذي وصفه بالمشجع حيث اثار اهتمام رجال الأعمال في تقوية علاقاتهم.
وفي السياق، أكد رامافوزا، أنه يرى إشارات قوية وواعدة بأن التجارة والاستثمار يمكن أن يتطور بين البلدين، ولفت إلى أن مجالات التعاون محل الاهتمام، تنصب على النفط والغاز والهيدروجين الأخضر، الزراعة، الطيران، الطاقات المتجددة وقطاعات أخرى الى جانب البنية التحتية.
وشدد المتحدث، على أهمية استغلال البلدين لقدراتهما الطبيعية «أفضل من أن يستغلها من كانوا بالأمس، يستعمروننا»، وقال يجب أن تكون هذه القدرات مفيدة لشعبينا، وأن نستغلها في بيع منتجاتنا نحو الأسواق العالمية، بعد أن تنتج في إفريقيا. ولفت إلى ضرورة تقاسم الخبرات والتجارب والاستفادة المشتركة بين البلدين، بما يخدم ازدهار وتطور الشركات وخلق فرص العمل.

فلسطين والصحراء الغربية
رئيس جنوب إفريقيا، اكد أن التعاون مع الجزائر، يشمل المجال الجيوسياسي، خاصة وأن العالم يمر بلحظات عصيبة، ومن هذا المنطلق قال «إننا نعلم معنى أن تكون مستعمرا ومضطهدا، ونقف بشكل حازم من أجل الحرية للشعب الفلسطيني».
ودعا إلى ضرورة إيقاف العدوان الصهيوني على غزة، بقوله: «إن الحرب على الشعب الفلسطيني يجب أن تنتهي ونحن نطالب أن تنتهي الآن»، وذكر رامافوزا، بخطوة بلاده للمرافعة القانونية ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية لأن الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وأوضح أن الكيان المجرم قتل النساء والأطفال والمدنيين وقصف المدارس والمستشفيات ومنع دخول المساعدات» وهي وصمة عار»، وتابع، بأنه لا ينبغي السماح بهذه التجاوزات، فرغم بعد المسافة بين جنوب إفريقيا وفلسطين، إلا أن» مانديلا علمنا أن حريتنا تظل منقوصة حتى يحظى الفلسطينيون بحريتهم الكاملة وحقهم في تقرير المصير».
رئيس جنوب إفريقيا، كشف أن هناك من حاول إثناءهم عن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية إذ «قالوا لنا إنها غير مجدية ولن تصل إلى نتائج»، ومع ذلك اتخذت بلاده موقفا لصالح الفلسطينيين» لأنهم كانوا بحاجة ماسة لنا بسبب ما يقوم به الاحتلال»، يضيف المتحدث.
وفي ملف الصحراء الغربية، أكد الرئيس الجنوب إفريقي أن بلاده تعمل مع الجزائر على «مواصلة الالتزام بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير».
وأشاد بدعم الجزائر الدائم لنضال الشعب الصحراوي، حتى يتمكن من تقرير مصيره، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته تجاه الصحراء الغربية واحترام ميثاق الأمم المتحدة.
ودعا رامافوزا إلى بناء نظام عالمي على أساس العدل والمساواة بين الشعوب والدول، مجددا ضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي ليكون أكثر تمثيلا، ومشيدا بمواقف الجزائر بهذه الهيئة حيث تشغل عضوية غير دائمة.
وأشار في السياق، إلى دور الجزائر وجنوب إفريقيا، في المساهمة في تحقيق أهداف إفريقيا وأجندة 2063، من خلال تسريع التطور الاجتماعي والاقتصادي للقارة، وخلص إلى أن البلدين قاما بالكثير مع بعض «فلدينا تاريخ مشترك وفطرة مشتركة وانخراط في الاتحاد القاري واحترام للقيم الديمقراطية»، لافتا إلى إجراء البلدين، هذه السنة انتخابات رئاسية برهنا من خلالها على الالتزام بالمبادئ الديمقراطية واحترام إرادة الشعب.
وقال «إن الجزائر وجنوب إفريقيا، هما حدّا القارة، ولكن نحن نجتمع للنضال معا وبهدف تطوير شعوبنا».
ولأن جنوب إفريقيا تتولى الرئاسة الحالية لمجموعة العشرين، وجه رامافوزا دعوة رسمية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للمشاركة في قمة المجموعة المقررة سنة 2025، حتى تشارك الجزائر الدول الأخرى وتساهم في التطور والتنمية خاصة لافريقيا.
وختم سيريل رامافوزا، خطابه مؤكدا على أن العلاقات بين الجزائر وجنوب إفريقيا لن تنكسر «لأن لهما تاريخ مشترك في النضال والتطور».