طباعة هذه الصفحة

خدمــات مصرفيــة بأداء تكنولوجـــي نوعـــي.. الخبــير حيمـــران لـ “الشعــب”:

البنوك الرقمية.. تعزيز الشمول المالي وشفافية المعاملات

فايزة بلعريبي

 

عملــــــــــــــــــــــــــــــة رقميـــــــــــــــــــــــــــة محليـــــــــــــــــــــــــــة مـــــــــــــــــــــــــــن أجـــــــــــــــــــــــــــل التصـــــــــــــــــــــــــــدي للعمـــــــــــــــــــــــــــلات الافتراضيــــــــــــــــــــــــــــة الأجنبيــــــــــــــــــــة

 زيــــــــادة نسبـــــــة الادخـــــــار وامتصــــــــاص السيولــــــــة المتواجــــــــدة خــــــارج النظــــــام المصــــــرفي
 رقمنة المديرية العامة لأمــلاك الدولــــة أمر استراتيجــــي..و9 تطبيقــات لتنظيـــم المصالـــح
 ”البلــــــــــوك تشــــــــــان” والدينــــــــــار الرقمــــــــي.. ثـــــــورة في نمــــــــــاذج التعامــــــــلات الاقتصاديـــــة

صدر في العدد 70 من الجريدة الرسمية، نظام لبنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة للترخيص بتأسيس واعتماد وممارسة نشاط البنك الرقمي؛ إجراء يشكل قفزة رقمية نحو تحسين كفاءة الأنظمة المالية وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية، مما يدعم النمو الاقتصادي المستدام.

 يقدم البنك الرقمي خدمات مصرفية رقمية عكس البنوك التقليدية. وسيمكن استحداث البنوك الرقمية من المساهمة في توسيع التجارة الإلكترونية، تحويل ودفع الأموال عن بعد وضمان خدمات مالية ومصرفية على مدار 24 ساعة، فضلا عن تحقيق الأمان المالي وشفافية المعاملات المصرفية وإمكانية منح قروض للمؤسسات الاقتصادية.
أوضح الخبير المالي محمد حيمران، لـ “الشعب”، أن الإجراء الذي أعلن عنه بنك الجزائر وتم نشره في العدد 70 من الجريدة الرسمية، يندرج في إطار مسعى الجزائر مواكبة تطور المنظومة المصرفية العالمية. وأضاف في السياق، أن الجزائر، على غرار باقي دول العالم وبحكم ارتباطها بالنظام المالي العالمي، اتخذت جميع التدابير الاستراتيجية والتنظيمية من أجل تحقيق التحول الرقمي على مستوى مؤسساتها المالية ووسط المحيط الاجتماعي والاقتصادي لمواطنيها، بدءا بإدراج عدة إجراءات ضمن قانون النقد والصرف الجديد، أهمها الدينار الرقمي وتحصين المنظومة المصرفية من التلاعبات غير المشروعة، والحد من السيولة النقدية لتحديد مسار الأموال بدقة، وصولا إلى استكمال الإطار القانون لاستحداث بنك رقمي.
عصرنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الماليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
في هذا الإطار، أكد حيمران أن عصرنة قطاع المالية ودعمه ببنوك رقمية، بات أمرا حتميا، نظرا للأهمية الكبيرة التي يكتسيها النظام المصرفي والدور الذي يلعبه في تمويل الاقتصاد الوطني عبر تنويع وتعزيز المنتجات المالية، مؤكدا أن عصرنة النظام المصرفي ورقمنته ستسمح بتحقيق الشمول المالي وزيادة نسبة الادخار، إضافة إلى امتصاص السيولة المتواجدة خارج النظام المصرفي.
وستمكن عملية العصرنة، التي تسابق وزارة المالية الزمن من أجل تعميمها على مستوى جميع مديرياتها والمؤسسات المصرفية التابعة لها، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ستمكن من توفير خدمات الدفع الإلكتروني أو الخدمات “عن بعد” وهو ما نهدف من خلاله -يقول حيمران- إلى زيادة تدفق رؤوس الأموال المتواجدة بالخارج ومضاعفة الاستثمارات الأجنبية ببلادنا.
وأكد أنه وفي نفس الوقت الذي تتسارع خلاله وتيرة رقمنة المنظومة المصرفية، تعرف الصيرفة الإسلامية رواجا وتطورا كبيرا، بالنظر إلى الزيادة المعتبرة التي سجلتها المعاملات المصرفية وفق هذا النوع الصيرفي الذي استقطب عددا كبيرا من المواطنين.
كبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــح التجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاوزات
يرى الخبير المالي، أن رقمنة المديرية العامة لأملاك الدولة أمرا استراتيجيا، بالنظر لحساسيته التي تفرض تحيينا منتظما للمعلومة، تفاديا للفوضى والتجاوزات. وأشار المتحدث، إلى أن هذه الأخيرة تحصي لحد الآن 9 تطبيقات معتمدة من أجل تنظيم مصالحها الخارجية، حيث تم دمج مصلحة دمج الأراضي والحفظ العقاري ضمن مصلحة مشتركة.
 كما تم إطلاق نظام رقمي يسمى “Thec Don” يهدف إلى رقمنة شاملة للمديرية العامة وتحصين الموارد العامة، إضافة إلى تطبيق إلكتروني خاص بالمحجوزات، يعمل على متابعة المحجوزات من بداية حجزها إلى غاية عرضها للبيع. إضافة إلى تطبيق إلكتروني خاص بالمصادرة وآخر خاص بأملاك الدولة المتواجدة خارج التراب الوطني، وتطبيق خاص بالمحافظات العقارية.
وقد علق محمد حيمران على الخطوات التي تم تجسيدها إلى حد الآن على مستوى مديرية أملاك الدولة، بالضرورية والمهمة من أجل الإسراع في توفير المعلومات بشكل يضع حدا للخلافات المتعلقة بملكية العقارات وتسهيل تنظيمها بين الأقاليم الجغرافية من بلديات وولايات.
من جهة أخرى، تعمل مديرية الضرائب على الرفع من وتيرة رقمنة مصالحها، من خلال استحداث عدة تطبيقات إلكترونية، عدّد المتحدث بعضا منها، على غرار تطبيق “جبايتك” و«مساهمتك” و«SGF”، المعتمدة على مستوى الولايات.
ويقترح الخبير المالي التفكير في كيفية التخفيف من الضغط الذي تعاني منه هذه التطبيقات، خلال المواعيد المخصصة للتصريح والمقدرة بـ20 يوما بالنسبة للتصريح الشهري الخاص بالتصريح الضريبي.
وفي هذا المجال، نوه ذات المتحدث بالمستوى المتقدم المسجل على مستوى المديريات العامة لمختلف القطاعات، من حيث التصريح الضريبي عن بعد، ما يعبر عن انتشار ثقافة التعاملات الإلكترونية عن بعد وسط المحيط الإداري، حيث يوفر على المتعاملين الكثير من عناء التنقل وتخفيف الضغط على مكاتب الدفع المتمركزة على مستوى العاصمة.
العملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الرقميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
وبما أن الحديث يتعلق برقمنة المنظومة المصرفية، فإن التطرق إلى الشق المتعلق بالعملة الرقمية، التي تستند على تقنية “البلوك تشان”، يفرض نفسه كأحد المحاور المهمة التي جاء بها قانون النقد والصرف الجديد، إلى جانب كونه تحديا عالميا، حيث تكهن تقرير بنك التسويات الدولية لسنة 2020 -مسبقا- في دراسة استشرافية، قيام البنوك المركزية بإطلاق عملات وطنية رقمية، يقول محمد حيمران، الذي يتوقع أن يحدث الدينار الرقمي ثورة في نماذج التعاملات وتفعيل روابط اقتصادية جديدة قائمة على اللامركزية والشفافية.
وأفاد بأن هذا النمط الجديد من التعامل المصرفي، سيشمل بالدرجة الأولى منظومة الدفع الإلكتروني، والمدفوعات والتحويلات الخارجية، كما سيسهل من عمليات الدفع إلى جانب التقليل من تكاليف المعاملات المالية.
من جهة أخرى، اعتبر الخبير المالي رقمنة نظام المدفوعات، من أهم التعديلات التي جاء بها القانون النقدي والمصرفي الجديد، وخطوة جريئة أقدمت عليها الجزائر من أجل إصلاح المنظومة النقدية والمصرفية التي ظلت ثابتة لأكثر من عقدين من الزمن، دون أن يطالها أي تعديل، رغم التغيير الاقتصادي والتنظيمي عبر العالم، رغم أنها إحدى الآليات الأساسية لتطوير الاقتصاد.
 ويرى حيمران أن الإجراءات الرقمية تهدف إلى تعميم وسائل الدفع الالكتروني وتوفير نظام بيئي مالي داعم لتوسيع التكنولوجيا المالية، التي ينتظر أن تتم وفقها التحويلات المالية وتسويات السيولة بين المؤسسات المالية، من خلال البروتكولات المالية المتداولة، بدلا من التحويلات عبر الطرق التقليدية التي عادة ما تستغرق وقتا طويلا، ما يؤثر سلبا على حركة السيولة المالية. كما سيسمح اعتماد الدينار الرقمي من طرف البنك المركزي، أردف ذات المتحدث، من تتبع مسار السيولة بكل دقة، وتحديد نوعية التعاملات التي تتم عبرها من وسائل دفع، بواسطة الشيكات كانت، أو البطاقات أو دفع إلكتروني.
الدفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع الإلكـــــترونــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
شدد حيمران على أهمية نشر ثقافة المعاملات الإلكترونية وسط جميع شرائح المجتمع، وما تمثله من معيار مهم للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وضرورة توسيع دائرة الدفع الإلكتروني من أجل تحقيق أهداف الشمول المالي، من خلال تطوير المنشآت الأساسية لدعم التكنولوجيا المالية وإشراك أوسع للشبكة البريدية، والتعديل بعصرنة الأنظمة الإلكترونية للحد من السيولة النقدية وتشجيع التجارة الإلكترونية وأدوات تطويرها، بما فيها القوانين المتعلقة بتأطيرها وتنظيمها، والتحفيزات الجبائية المرافقة للتجارة الخارجية عبر الدفع الالكتروني.
في هذا الصدد، أفاد حيمران أن مؤسسة بريد الجزائر، التي حققت نقلة نوعية، تُحسب لها في مجال الخدمات الإلكترونية، قد انتقلت ما بين سنتي 2020-2024 بنسبة 100% إلى المعاملات الإلكترونية، حيث تضاعف عدد حاملي البطاقات الذهبية من 6 ملايين إلى 13 مليون بطاقة ذهبية خلال السداسي الأول من سنة 2024، إلى جانب تسجيل 98% من العمليات التي تتم إلكترونيا.
حقق القطاع المصرفي نقلة نوعية من خلالها تعزيز التغطية البنكية، أرجعها الخبير المالي إلى الجهود المبذولة من طرف المؤسسات المالية العمومية التي تمثل 85% من مجموع المؤسسات المالية والبنوك المتواجدة ضمن المنظومة البنكية الجزائرية.
وبلغ عدد الوكالات البنكية نهاية 2023، حوالي 1800 وكالة بنكية، تقابلها 6500 نقطة بيع لمؤسسات التأمين التي تدعم بدورها القطاع المصرفي، و4 آلاف وكالة تابعة لبريد الجزائر، أين تجاوز عدد الحسابات المصرفية 12 مليون حساب بقيمة 3600 مليار دج.
دعا حيمران إلى تشجيع القطاع البنكي الخاص على اعتماد النظم الإلكترونية والذكاء الاصطناعي بما يرفع من كفاءة الخدمات المالية وزيادة جوتها، وتحقيق الانتقال من الخدمات المالية الكلاسيكية الى العصرية، من أجل تحقيق الشمول المالي والتنمية الاقتصادية.
تبييض الأموال.. جرائم لوثت التاريخ المصرفي
أكد حيمران، أن تبييض الأموال قد ارتبط تاريخيا ومنذ زمن طويل بالنظام المصرفي، ما يضع البنوك في مواجهة لهذه الجريمة تفرض عليها تطوير استراتيجيتها وفقا لمنظومة إلكترونية مؤمَّنة، قادرة على التصدي للتنامي المستمر للأنشطة غير الشرعية وغير القانونية. فاليوم، تابع حيمران، تقع على عاتق البنوك مسؤولية اعتماد بطاقات الائتمان أو ما يسمى “بالنقود البلاستيكية”، وأجهزة الصرف الآلي “ATM”، والبطاقات الذكية التي تتيح للعملاء سحب الأموال دون حاجز المكان، كأساليب حديثة فرضها التحول الرقمي، مؤكدا على ضرورة توخي الحذر من الاستعمالات غير المشروعة لها. ليصبح التحول الرقمي سلاحا ذا حدين.