طباعة هذه الصفحة

الجَزَائِر العَاشقة لأَرضِ فِلسَطِين المُباركَة

بقلم: د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
الجَزَائِر العَاشقة لأَرضِ فِلسَطِين المُباركَة
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

 

الجزائر الحَبيبة الجميلة المُحِّبَة لِحبيِبتها فلسطين، وقلبها النابض بالحياة، وروحها العاطرة الطاهرة؛ هي وطن، ومُوطِن الشهُداء المُجاهدين الأبرار، والفدائيين المناضلين الثوار الأحرار الأطهار الأخيار، وفيها الرجال البواسل الأغَيار المُحِبين لثَرى الأوطان، والذين هُم كالنارِ المشُتعِلة التي تحرق الأعداء الأشرار؛ وفيها الشامخاتِ الماجدات الطاهرات الباسقات مِن حَرائر الجزائر الحبيبة الأميرة.


الجزائر فيها الهُمام الشُجاع المقدام المفضال السيد الرئيس عبد المجيد تَبُّون زَيِنَ الرجال، وفيها شعب مُجاهِد جُلّه من الأبطال، وفيها صحافة حُرة مُستقلة تسمو فوق كلّ الأحمال، والشعب الجزائري عمومًا شعبٌ صاحب همم عالية عَليَّةَ علت، وتعلو فوق كلّ القمم، والأُمة المُجاهدة هي زينة الأمم؛ فقدّمت شلالات من الدم حتي تحرّرت ورفعت العَلمْ، وعلمت الشعوب النضال بالدمِ، والقلم، رغم كلّ ما مرّت فيه الجزائر وشعبها الأبيّ من المرارة، وقسوة الاحتلال الظالم، الغاشم، والسَقُمِ، وأشَد الألم.
إنّها الجزائر الجميلة الجليلة الحبيبة الأميرة النبيلة الباسقة البارقِة العاشقة لفلسطين؛ فَلكم من فلسطين قيادةً، وشعبًا كلّ المحبة، والتحية، والسلام، والتقدير، والتبجيل، وكُلّ الاحترام؛ لأنّ الجزائر كانت، ومازالت وسوف تبقى قضية فلسطين هي قضيتها، كما هي قضية العرب، والمسلمين الأولى، وستظلّ تدافع عن قبلة المسلمين الأولى المسجد الأقصى المبارك، والذي هو محَلّ نظر، واهتمام، وتركيز القيادة، والشعب الجزائري الشقيق الحبيب المخلص؛ والحقيقة أنّ الشعب الجزائري، من أكثر شعوب العالم تعاطفاً، وتلاحمًا، ومؤازرة لِفلسطين، ولا ننسى دور السفارة الفلسطينية في الجزائر ممثلة بالأخ الصديق معالى السفير الفلسطيني د. فايز أبو عيطة المحترم، والذي كان معنا أسيرًا في سجون الاحتلال الصهيوني قبل عدّة عقود، وكلّ التحية والشكر والتقدير لِمن يتولى، ويُدير ملف فلسطين الإعلامى، الأخ الأسير المحرّر الأستاذ / خالد صالح المفضال المحترم. وكلّ من خَلفهم من الصحف الجزائرية من المهتمين بشكل يومي بالقضية الفلسطينية، لهم من فلسطين كلّ التحية، والشكر والتقدير، وإنّنا لا نُغالي إن قُلنا بأنّ القيادة الجزائرية، والشعب الجزائري الشقيق والصحافة الجزائرية، ووسائل الإعلام كلّها في الجزائر تعتبر القضية الفلسطينية هي قضية الجزائر الأولى.
ولقد قدمت نموذجاً رائعاً، وعظيماً في إبراز القضية الفلسطينية عمومًا، وقضية الأسرى الفلسطينيين خصوصًا في سجون الاحتلال الصهيوني؛ كما ألقت الضوء عالميًا، وعربيًا على معاناتهم الكبيرة، كما نلاحظ اليوم استمرار، وتواصل الدعم الجزائري السياسي، والمعنوي، والمادي، وكافة أشكال الدعم الرسمي والشعبي لفلسطين، فكلّ التحية، والمحبة، والسلام للجزائر الشامخة الكبيرة، ولسوف تبقى تلك العلاقة الأخوية القلبية، والروحية سرمدية خالدة، وأبدية كأجمل حكاية حُبٍ، ووفاء، وإخاء، وصفاء، وطُهرٍ، ونقاء بين فلسطين، والجزائر بلد الشهداء علاقة تاريخية عميقة أنيقة رقيقة تتَمدّدْ، وتتّجَدّدْ، ولن، ولا تّتّبَدد، أو تَتَلبَّد.
وممّا لا شك فيه أنّ الجزائر سعت جاهدة لتحرير فلسطين، لكي تنال حريتها، واستقلالها، وما دامت تسعى بكلّ قوّة لتحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية؛ محاولةً إلى إعلان مصالحة قبل انعقاد القمة العربية المقرّرة في الأول من نوفمبر المقبل؛ حيث بذلت الجزائر محاولات كبيرة لرأب الصدع بين حركتي «فتح» و«حماس»، ولقد قام سيادة الرئيس عبد المجيد تبّون حفظه الله،، بنفسه، وبدأ بِالُمبادرة للمصالحة بين الفلسطينيين؛ حيثُ استطاع الرئيس “تبّون” في عقد لقاء مصالحة بين سيادة الرئيس الفلسطيني/ محمود عباس، والسيد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس/ إسماعيل هنية، وذلك على هامش الاحتفالات بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر هذا العام.
 كما وأعلن، الشهر الماضي، أنّ اجتماعاً لمنظمة التحرير الفلسطينية سوف تشارك فيه كلّ الفصائل، وسيعقد الشهر القادم في الجزائر قبل القمة العربية؛ ومن المعلوم أنّ الجزائر لديها كامل المصداقية عند كلّ الفلسطينيين لتحقيق المصالحة الفلسطينية، كونها الدولة الوحيدة التي ليست لديها حسابات ضيّقة أو خاصّة في هذا الشأن؛ وهذا ما قاله الرئيس الجزائري، وأكّد على الثقة التي تتمتع بها الجزائر لدى جميع الأطراف الفلسطينية، بما فيها حركة فتح، وحماس، وقال: “إنّه من دون وحدة ومن دون توحيد الصفوف لن يتحقّق استقلال دولة فلسطين”.
وجدّد التأكيد على أنّ الجزائر قادرة على إنجاز هذه المهمّة رغم صعوبتها؛ ولذلك تريد الجزائر حاليًا التوصّل إلى رؤية مقبولة من أجل طرح ورقة متفق عليها أمام اجتماع الجامعة العربية القادم، باعتبار أنّ توحيد الفلسطينيين جزءٌ من خطّة أوسع لدعمهم عربياً، ودولياً، من أجل مواجهة الكيان الصهيوني ومخطّطاته الشيطانية التي تسعى لهدم المسجد الأقصى المبارك، وشطب الحقّ الفلسطيني من الوجود.
ختامًا : لن تنسى فلسطين أبداً فضل الجزائر عليها، قيادة وشعباً، ولن ينسى شعب فلسطين المقولة الخالدة للرئيس الراحل هواري بومدين رحمهُ الله، صاحب المقولة المشهورة، “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”. فالجزائر أحببت روحها فلسطين، وأعطتها الحظ الأوفر من الاهتمام، والدعم الكبير، فقامت بتدريب الآلاف من الطلبة الفلسطينيين مجاناً في جامعاتها وفتحت لهم أبواب الجامعات والمدارس، وكذلك وظّفت مئات من المدرّسين الفلسطيني للعمل في التدريس بالجزائر، وكذلك علّمت الجزائر آلاف الفلسطينيين في دوراتِ، وكلياتٍ عسكرية، ومنها تخرج قادة الثورة الفلسطينية، ورموزها، وزوّدتهم بالسّلاح، ثم شاركت الجزائر بشكل مباشر من خلال وحدات جيشها، وقطعه العسكرية في حرب 1967م و1973م، ضدّ الاحتلال الصهيوني.
كما كان للجزائر دور سياسي بارز في تمكين الشهيد القائد الرمز/ أبو عمار رحمه الله من إلقاء خطابه في هيئة الأمم المتحدة؛ وما بين الجزائر، وفلسطين قصّة عشق، وحب وعناق، ووفاق، وترابط خالد، أبدي سرمدي لا تنتهي؛ فَهُما شعبين شقيقين متحابين دوماً، وأبداً؛ ومنذ فجر التاريخ تلك العلاقة الأزلية مستمرّة حتى اليوم، حيثُ شارك الجزائريون بشكل خاصّ، ضدّ الحروب الصليبية، من أجل تحرير بيت المقدس، فالشعب الجزائري، وقيادتهِ الوطنية تعمل بشكل متواصل بالدفاع عن فلسطين، وعن القدس الشريف؛ وللعلم فلقد تجرّع الجزائريون سمّ الخيانة، والتآمر من اليهود، وخاصّة من بعض الخونة الذين ساهموا بشكل أساسي في استقدام الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر.
 لذلك فإنّ العلاقات بين فلسطين، والجزائر تاريخياً علاقات قويّة ودائمة حتى اليوم؛ ويجدر الإشارة إلى أنّ الجزائر تعترف بفلسطين، ولا تعترف بكيان الاحتلال الغاصب المجرم. ويتخذ الفلسطينيون من الجزائر مثالاً يُقتدى به منذ نَيْل الجزائر لاستقلالها من فرنسا عام 1962م؛ به ويُتَعلَّم منه في صراعه لنيل استقلاله؛ ولقد كانت الجزائر من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية فتمّ افتتاح أول مكتب للمنظمة في صيف عام 1965م، وبعد انتصار الثورة الجزائرية استقدمت الجزائر من فلسطين ألفان وخمسمائة مدرّس فلسطيني، بناء على طلب الحكومة الجزائرية لتعليم اللّغة العربية، كما قام بتوقيع اتفاق مع وزارة الدفاع الجزائرية لتدريب الجنود والضبّاط الفلسطينيين، فتمّ تخريج أول دفعة من كلية شرشال العسكرية في عام 1966م، بحضور الرئيس الراحل هواري بو مدين؛ وفي عام 1974م نالت منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في الأمم المتحدة، خلال الدورة 29 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما كانت الجزائر رئيساً لهذه الدورة؛ في عام 1975 قامت الجزائر برعاية، والتصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم: “3379”، والذي نصّ على أنّ الصهيونية حركة عنصرية، وفي عام 1991 تمّ إلغاء هذا القرار بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم: “4686”، حيث قامت الجزائر حينها بالتصويت ضدّ القرار المُلغِي؛؛ وفي انتفاضة الحجارة الفلسطينية الأولى أدانت الجزائر بشدّة ممارسات الاحتلال، وعقدت قمّة طارئة لجامعة الدول العربية عام 1988م، وتوصّلت فيهِ إلى قرار بدعم الانتفاضة مالياً بعد إعلان الاستقلال الفلسطيني في 15 نوفمبر 1988، كانت الجزائر أوّل دولة تعترف بدولة فلسطين، وذلك في نفس يوم إعلان الاستقلال وقامت بإنشاء علاقات دبلوماسية كاملة معها؛؛ واستمرّت الجزائر في دعمها للقضية الفلسطينية بشكل كبير.
كما أنّها أيّدت أيضا مبادرة السلام العربية عام 2002 في قمة بيروت، وكذلك لم تترك الجزائر من خلال شعبها الحبيب والنخب فيها، والأكاديميين، والمثقّفين والسياسيين، والأدباء والكتّاب، والصحافة الجزائرية فرصة إلاّ ودعّمت القضية الفلسطينية، وكذلك نبّهت إلى خطر الاحتلال الصهيوني، وفي 29 نوفمبر 2012، صوّتت الجزائر لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/19، الذي ينصّ على منح فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة، وخلال العدوان على غزّة 2014م، حثَّت الجزائر المجتمع الدولي للتصرّف لِكفّ وللجم الهجمات الإجرامية من الاحتلال الصهيوني ضدّ الفلسطينيين، وحثّ كلّ من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياتهم تجاه جرائم الاحتلال.
كما رفضت وأدانت الجزائر بشدّة قرار نقل السفارة الأمريكية إلي مدينة القدس المحتلّة، كما أدانت بشدّة الانتهاكات من الاحتلال بحقّ المسجد الأقصى، وبحقّ الشعب الفلسطيني، واليوم لازال الدعم الجزائري الرسمي، والشعبي يتواصل، ومُستمرّ لفلسطين، ويومياً تفتح الجزائر حضنها، وقلبها لروحها فلسطين، وتعلن عن منح للطلاب الفلسطينيين للدراسة مجّاناً في جامعات الجزائر، وفي الكليات العسكرية لتدريب الكثير من الفلسطينيين، وخرّجت مئات الطُلاب.
 لذلك فالفلسطيني في الجزائر يشعر أنّه في وطنه فلسطين، وكذلك الشعب الفلسطيني يرفع العلم الجزائري عالياً في فلسطين، في أغلب المناسبات، وكثيرًا ما يرفعهُ المرابطون والمرابطات في باحات حرم المسجد الأقصى المبارك، كما، ويرفع العلم الجزائري ليرفرف عاليًا خفّاقًا في المواجهات ضدّ عصابة قوات الاحتلال الصهيوني المجرمة، وإنّ الجزائر الكريمة العظيمة سوف تبقى القلب النابض بحبّ فلسطين، وهي بمقام الرّوح للجسد، لأنّ فلسطين ستبقى كأنّها الجزائر، والجزائر كأنّها فلسطين.