طباعة هذه الصفحة

في مؤتمر صحفي وبحضور وزير الاتصال

لوح: النيابة ستشهد إصلاحا عميقا يمكنها من التدخل ومباشرة التحقيق الأولي

مجلس قضاء الجزائر/ سعاد بوعبوش

أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أمس، الشروع في تعميق الإصلاحات في قطاع العدالة، تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية. مشيرا إلى أن هذه العملية تحتاج إلى معارك ومواجهات وقوة وشجاعة من أجل إرساء دولة القانون، التي تضمن حقوق وحريات المواطنين وتعيد الثقة والمصداقية للعدالة، لاسيما في علاقاتها بالمتقاضين، وهو ما يعبّر عن الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية لبناء قضاء وعدالة قوية، لأنه حان الوقت لفرض سلطان القانون وزرع الثقافة القانونية في المجتمع الجزائري.

تطرق الوزير في المؤتمر الصحفي، الذي حضره وزير الاتصال حميد ڤرين، وعقده لمناقشة مشاريع القوانين الأخيرة التي أقرها مجلس الوزراء الأخير، إلى مسار الإصلاحات المرتقبة في قطاع العدالة، معتبرا إياها تكملة وتتمة للإصلاحات التي باشر بها رئيس الجمهورية، ما يجعل منها وثبة جديدة لبلوغ كافة الأهداف المسطرة ما سيسمح للعدالة بأداء وظيفتها الاجتماعية ودورها الدستوري في ضمان ممارسة الحريات العمومية والفردية والجماعية من خلال تزويدها بجميع الوسائل القانونية والبشرية لتمكينها من أداء مهمتها كاملة.
وأوضح لوح، أن النظرة الجديدة للتشريع الوطني يهدف لإدراج المعايير الجديدة في مجال حقوق الإنسان طبقا لالتزامات الجزائر الدولية، سواء في المجال الجزائري أو في مجال السجون، لاسيما ما تعلق بسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين لمحاربة العود وضمان الأمن العمومي. وبالنسبة للقضاء الجزائي فتهدف التدابير الجارية لتخفيف العبء على الجهات القضائية بوضع إجراءات جديدة تضمن حماية الشهود والمبلغين في القضايا المتعلقة بالجريمة المنظمة والفساد وتحقق الردع العام مع مراعاة قرينة البراءة وحقوق الدفاع.
إصلاح عميق للنيابة
ومن بين أهم النقاط التي ستعرف إصلاحا عميقا، النيابة العامة ما من شأنه المساهمة في تطبيق السياسة الجزائية الوطنية للدولة والاحترام الصارم للقانون والإجراءات، بحيث سيتم في هذا المسعى إعداد آليات ووسائل عصرية تمكن النيابة من أداء صلاحياتها لإدارة الدعوى العمومية، وممارسة قضاة النيابة لصلاحياتهم كاملة سواء في مراقبة ضمان ممارسة الحقوق والحريات، والحبس تحت النظر، ومراقبة إجراءات تحريك الدعوى ومباشرتها، لاسيما في التحقيق الأولي لاسيما في حالات خرق حماية الملكية الفكرية.
وإلى جانب ذلك، يعرف التشريع الوطني إثراء جديدا من خلال إدراج مجموعة من التدابير المتعلقة بقواعد الاختصاص القضائي لضمان حماية المصالح الوطنية ورعايا الجزائر ضحايا الجرائم المرتكبة في حقهم خارج الوطن، إلى جانب التفكير في إيجاد حلول جديدة لمشكل كثرة القضايا المطروحة أمام المحكمة العليا، لاسيما في المجال الجزائي والمدني بـ257 ألف قضية، والتي جعلت منها درجة ثالثة للتقاضي، ما يستدعي، بحسبه، التفكير في إمكانية إثارة مسألة عدم دستورية القوانين، بمناسبة الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا.
وفي ردّه على سؤال لـ»الشعب» برر كثرة القضايا أمام الحكمة العليا، بكونها قضية إجراءات وإصلاحات ولا علاقته بمستوى القضاة أو عددهم، ومنه هناك تفكير بإصلاح يحدد نوعية القضايا التي تحال عليها للنظر فيها، والتي يجب أن تكون على قدر من الأهمية، كون مضاعفة القضاء استراتيجية خاطئة وحلا ترقيعيا، على حد قوله.
تكوين القاضي استجابة لمتطلبات العدالة العصرية
في نفس السياق، أوضح الوزير أن الأولوية حاليا أعطيت لتكوين القاضي بملاءمة مسار التكوين والبرامج بما يتمشى وتطور القانون والاستجابة لمتطلبات العدالة العصرية والنوعية، خاصة في ظل العولمة وكثافة التبادلات وظهور أشكال جديدة للإجرام العابر للحدود وتطوره، ما يحتم على القاضي الجزائري التسلح لمواجهته، وكذا التعاون القضائي. وعليه، فالمنظومة التكوينية للقضاء ستعرف هي الأخرى إصلاحا عميقا، مشيرا إلى أن اللجنة المكلفة بهذا الملف ستسلم نتائج عملها قبل منتصف أكتوبر الداخل.
وفيما تعلق باستراتيجية إصلاح العدالة لتلبية طلبات المواطنين، سيتم التركيز على مراجعة تنظيم القضاء الإداري من خلال استحداث 04 محاكم إدارية جهوية للاستئناف وتطوير هياكل الجهات القضائية.
أما عصرنة قطاع العدالة فسيكون ذلك باستعمال أمثل للمعلوماتية لتحسين أداء العمل القضائي وتكييفه مع التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، قصد تيسير لجوء المواطنين والمتقاضين لمرفق القضاء. كاشفا في هذا السياق، أنه خلال 10 أيام القادمة سيتم تدشين أول مركز على مستوى الوزارة لشخصنة الشريحة الإلكترونية بالتوقيع الإلكتروني والتصديق. بإدخال مبدأين هامين، إرسال وتبادل العقود القضائية والوثائق والتبليغات إلكترونيا بين الهيئات القضائية والجهات الأخرى، وكذا إدخال تقنية الحادثة المرئية عن بعد لاستجواب وسماع الأطراف خلال التحقيق القضائي والمحاكمة.
مليار دج... الغلاف المخصص لصندوق النفقة لسنة 2015
وتعزيزا للمنظومة القانونية في مجال حقوق الإنسان واستكمالا للنصوص الصادرة لمحاربة مختلف أشكال التمييز والعنف، خاصة الممارس ضد المرأة، حيث تتوفر الأحكام الجزائية الحالية لقانون العقوبات حماية جزائية عامة للمرأة ضد مختلف الاعتداءات، جاءت التعديلات المقترحة للتكفل ببعض مظاهر العنف الخفي والأكثر انتشارا ويخرج عن نطاق الحماية الجزائية المقررة للمرأة، يتعلق الأمر بالعنف الزوجي في مختلف مظاهرة، وكذا العنف المرتكب ضدها بدوافع جنسية في الأماكن العمومية أو الخاصة، مع الإبقاء على مبدإ الصفح بيد المرأة حفاظا على الكيان الأسري.
وفي هذا الإطار، كشف الوزير في ردّ له على سؤال ثانٍ لـ»الشعب»، عن تخصيص قانون المالية مبدئيا لـ2015 اعتمادا ماليا قدر بـ»مليار دج»، لتمويل صندوق النفقة الخاص بالنساء المطلقات بصفة خاصة والمرأة الحاضنة للأطفال بصفة عامة ممن يواجهن مشاكل في تحصيل النفقة لإعالتهم بسبب رفض الوالد دفعها أو لعجزه، وسيكون هذا الصندوق تحت إمرة وزير التضامن، باعتباره الآمر بصرف ميزانيته، فيما ستتولى المصالح المؤهلة لوزارة المالية تحصيل المبالغ التي دفعها الصندوق من المدينين بها.
القضاء يتابع كل القضايا المطروحة أمامه وسيتم معاقبة المتورطين
وفي ردّ له على أسئلة وسائل الإعلام المختلفة، حول بعض القضايا المطروحة على القضاء، على غرار استفادة المحبوسين احتياطيا من الإفراج المؤقت، أجاب الوزير أنه يتعين مراعاة قرينة البراءة في هذه المواضيع والقضاة اليوم مطالبون بتغيير سلوكاتهم، فلا يمكن الإبقاء على متهم محبوسا بحجة التحقيق لفترة طويلة دون محاكمته، مشيرا إلى أنه سيتم تقييد هذا الإجراء مستقبلا لضمان عدم التضييق على حريات الأفراد. قضية جوازات السفر، أكد المسؤول الأول عن القطاع، أن القضية في التحقيق الابتدائي من قبل الضبطية القضائية وهو مستمر وعند استكماله سيتم إحالة الأطراف المتورطة على العدالة، وفقا لما ينص عليه القانون وفي الآجال المحددة قانونا.
ونفس الأمر بالنسبة لقضية «الوعد الصادق»، حيث أوضح لوح أن كل ما يعاقب عليه قانون العقوبات فالنيابة العامة تتابعه من خلال الضبطية القضائية المختصة وهناك مذكرة موجهة للنواب العامين لمتابعة الدعوى العمومية وتحريكها.
وبخصوص قضايا السجناء السياسيين بالجزائر، قال الوزير إن القضاء يطبق في المجال الجزائي قانون العقوبات والقوانين الجزائية المتصلة به من خلال الاستناد إلى وقائع ملموسة تكون جريمة منصوصا عليها في القانون، ومنه فهذا الملف تم الفصل فيه بموجب ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المصادق عليه بموجب استفتاء شعبي.
أما قضايا الفساد، فأشار ذات المسؤول أن القضاء الجزائري مايزال يتابع هذا الملف، مستدلا بإصدار المحاكم خلال الأربع سنوات الأخيرة أحكاما بالسجن تتراوح ما بين سنتين إلى 20 سنة على المتورطين.
وفيما يخص إصلاح المحكمة الجنائية قال لوح، إنه لا يعد بإصلاح مستعجل، غير أن التفكير جار فيه، مشيرا إلى اللجنة الوطنية للعدالة التي كانت أدرجت ثلاثة اقتراحات بهذا الخصوص ولحد الآن لم يتم التوصل لاتفاق.
وحول إلغاء المادة المجرّمة للصحافي عند عدم الكشف عن مصادر المعلومة، أوضح الوزير أنه تم إلغاء جريمة الحبس في حق الصحافيين، مؤكدا على ضرورة تثمين وتعزيز استقلالية القضاء وحرية الصحافة التي قال عنهما إنهما وجهان لعملة واحدة.