طباعة هذه الصفحة

الخبــــير في الاقتصاديــــات الحكوميــة.. فريـــد كورتـــل لـ “الشعـــب”:

خطة طريق لتسجيل 20 ألف مشروع استثماري في 5 سنوات

فايزة بلعريبي

أوضح الخبير في الاقتصاديات الحكومية، البروفيسور فريد كورتل، أنه بموجب القانون 20/25 المتضمن قانون المالية لسنة 2025 - سيتم اعتماد ميزانية هي الأضخم منذ الاستقلال قدرت بـ 126 مليار دولار، مؤكدا أن هذا الأخير، يتضمن أوجه اختلاف عديدة عن سابقيه، خاصة وأنه أول قانون للمالية خلال العهدة الثانية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التي سيركز خلالها على الشقين الاجتماعي والاقتصادي، بحسب ما التزم به ببرنامجه الانتخابي للعهدة الثانية.
تخفيضــات ضريبية على أرباح الشركات المحقـــّقة بالمناطـق الجنوبية

خصص قانون المالية لسنة 2025، وفق ما أكد الخبير الاقتصادي كورتال لـ«الشعب”، مخصصات مالية مهمة لدعم القدرة الشرائية والحفاظ على اجتماعية الدولة الجزائرية، من أجل تقليص نسبة التضخم، إلى 5% سنة 2025. إضافة إلى العمل على بعث المزيد من الاستثمارات إلى ما قيمته 20 ألف مشروع استثماري خلال العهدة الثانية مقابل 9143 مشروع مسجل خلال الأولى في إطار قانون الاستثمار 18/22.
وفي قراءة متأنية لقانون المالية لسنة 2025، فيما يخص باب تشجيع الاستثمارات وتعزيز المشاريع العمومية، وتحسين مناخ الأعمال، تضمن تدابير ركز عليها القانون 20/25، من خلال تخفيض في قيمة الضريبة المطبقة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح المؤسسات الاقتصادية المحققة بالمناطق الجنوبية، تصل إلى 50% لمدة 5 سنوات. إلى جانب الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة للأملاك القابلة للاقتناء، المقتناة من طرف مؤسسات الإنتاج.
وتم تمديد الإعفاءات الجبائية الممنوحة للشركات الحاضنة لحاملي المشاريع المبتكرة لسنتين إضافيتين، وإعفاء الصكوك السيادية من الرسوم والتسجيل والإشهار العقاري لمدة 5 سنوات. مزايا ضريبية يرى البروفيسور كورتل أنها تصب في مسعى رئيس الجمهورية، بتشجيع كل ما من شأنه تعزيز الاستثمار وتشجيع الموارد البشرية الراغبة في الاستثمار وإزالة جميع العراقيل من أمامها، من بينها الأعباء الضريبية التي كانت حجرة عثرة تسبب في فشل العديد من المشاريع الاستثمارية.
وتطرق الخبير الاقتصادي، بشكل خاص إلى مخصصات قطاع الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، نظرا لأهميته، باعتباره قطاعا سياديا يسعى لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة وفقا للاستراتيجية التي حددها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، موضحا أن القطاع قد حقق العديد من المنجزات المهمة في السنوات الأخيرة، منها تحسين الوضع الأمني ما أسهم في تقليل معدلات الجريمة وتعزيز الاستقرار، إلى جانب تطوير البنية التحتية من خلال تنفيذ المشاريع المتعلقة بالطرق والمدن وتحسين الخدمات العامة، وكذا تعزيز التعاون الدولي لتبادل الخبرات والتكنولوجيا في مجالات الأمن والتهيئة العمرانية، وتبني مبادرات لتعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية. وهي الأهمية التي استندت إليها السلطات العمومية في توزيع الاعتمادات الممنوحة لوزارة الداخلية، حيث بلغت الاعتمادات المقترحة لسنة 2025، 1.365.834.086.000 دج، بزيادة 3.44% عن السنة السابقة، بينما تقدر اعتمادات الدفع بـ 1.389.139.586.000 دج، بزيادة 4.54%..
والمتتبع لقيمة الاعتمادات الممنوحة لهذا القطاع الحساس، يلاحظ مدى أهمية التدابير المتخذة من أجل تلبية المتطلبات التنموية والقضاء على الفوارق التنموية، يقول كورتل، من منطلق مبدأ ربط التخطيط بالأهداف، ودعم صندوق التضامن ودعم الجماعات المحلية، مع التركيز على جعل المواطن في صميم السياسات العامة.
وأشار إلى أن المشروع المقترح يتضمن تدابير تهدف إلى دعم التنمية التي شهدتها العهدة الرئاسية الأولى، بالإضافة إلى تعزيز التحول الرقمي وتحسين تسيير الشأن العام. حيث أن الزيادة في رخص الالتزام تهدف لتغطية نفقات أساسية، منها اقتناء البرمجيات والمعدات وتجهيز الولايات المنتدبة السبع، مع إمكانية استحداث بلديات وولايات جديدة، في المستقبل القريب.
الإنجـــــــــــــــــــــــــــــاز  
وعرّج المتحدث، دائما في إطار الاعتمادات المالية إلى القطاعات الحساسة، إلى قطاع الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، كقطاع استراتيجي يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. وأوضح أن هذا القطاع يلعب دورا محوريا في خلق فرص العمل وتنمية السياحة والتجارة، مما ينعكس إيجابيا على جميع القطاعات الأخرى.
وفي هذا السياق، أفاد كورتل أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يعوّل خلال عهدته الثانية على هذا القطاع لإنجاز المشاريع الهيكلية الجديدة تلبية لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. استفاد من برامج هامة يتم حاليا تجسيدها ميدانيا من خلال تسليم عدة مشاريع تشمل الطرق والطرق السيارة، ومنشآت السكك الحديدية والنقل الموجه، بالإضافة إلى مشاريع تتعلق بالموانئ والمطارات.
وسيتم التركيز على استكمال البرنامج الحالي، بحسب ذات المتحدث، وهو ما يتطلب تعبئة موارد كبيرة. حيث يتوقع كورتل أن يتم منح الأولوية لإعادة تقييم المشاريع قيد الإنجاز لتسليمها في أقرب وقت مع التحكم في تكلفتها النهائية، وبما في ذلك الطرقات والموانئ والمطارات.
وتم رصد 1895.54 مليار دج لقطاع الأشغال العمومية، منها 163,002 مليار دج كاستثمارات عمومية، ستنجزها الدولة خاصة في دعم شبكة الطرقات والسكك الحديدية و26,552 مليار دج كنفقات تسيير. كما تم اعتماد تسجيل 223 عملية جديدة برخصة التزامات بلغت 81,25 مليار دج، واقتصرت أغلفة إعادة التقييم للبرنامج الجاري على 81,76 مليار دج تغطي 58 عملية حالية، منها 29 عملية بقيمة 73,66 مليار دج للتسيير الممركز و29 عملية بقيمة 8,10 مليار دج للتسيير غير الممركز.
كما تم منح مبلغ قدره 126,489 مليار دج، وفق مشروع قانون المالية لسنة 2025، كرخصة التزامات للقطاع الفرعي للأشغال العمومية، خصصت 75,324 مليار دج للبرنامج الجديد لسنة 2025، بما في ذلك عملية جديدة مخصصة لصيانة الطرق السيارة، و56 عملية لعصرنة وتدعيم ما يقارب 736 كم من الطرق الوطنية والولائية، و59 عملية لصيانة الطرق الوطنية، بما فيها الصيانة الدورية المتمثلة في تزفيت 290 كلم من الطرق، و48 عملية مخصصة لصيانة وتزفيت 510 كم من الطرق الولائية، و43 عملية لتطوير وصيانة المنشآت المطارية، بما في ذلك دراسة تدعيم المدرج الرئيسي لمطار بشار. وفي هذا الصدد فقد منحت أغلفة إعادة التقييم للبرنامج الجاري توزعّت حول المنشآت الطرقية، البحرية والسكة الحديدية.
الانتقـــــــــــــــــــــال الطاقـــــــــــــــــــــوي
وفي إطار المساعي الجديدة للدولة الجزائرية في ظل قانون المالية للسنة الجديدة، خاصة وأن هذا الأخير يعد ترجمة للإرادة السياسية في المضي قدما في تحقيق التنمية المستدامة الشاملة على مستوى جميع القطاعات، بما فيها تلك التي يعتمد عليها بشكل أساسي في تحقيق السيادة الاقتصادية للبلاد.
ونظرا للأهمية التي يكتسيها قطاع الطاقة والمناجم في ضمان الأمن الطاقوي وتثمين المحروقات والمنتجات المنجمية وتوفير المواد المعدنية للقطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى الحفاظ على مستوى الصادرات الذي يسمح بتمويل الاقتصاد الوطني، أكد فريد كورتل إلى أن الجزائر تضع ضمن أولوياتها الانتقال الطاقوي وحماية البيئة من خلال تطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين وكفاءة استخدام الطاقة والحد من الانبعاثات الغازية.
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث بأن تطوير قطاع المناجم أحد محاور الإستراتيجية لسياسة القطاع، حيث يعمل على تحسين المعلومات الجيولوجية وتعزيز التعدين من خلال تطوير خرائط جيولوجية كاملة للبلاد وتحديث مخزون الموارد المعدنية. وثمن كورتل بالمناسبة ما يقوم به القائمون على القطاع من جهود لبعث السياسات والاستراتيجيات في مجال البحث والإنتاج وتثمين موارد المحروقات والطاقة وتطوير الصناعات المتعلقة بها لضمان أمن التموين الطاقوي.
وبالنسبة لميزانية القطاع الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2025، والتي تندرج في وضع يتميز بتغيرات جيوسياسية كبيرة ومخاوف متعلقة بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، قد تؤثر على السوق العالمية وعلى صناعة النفط والغاز بصفة عامة، موضحا بأن مداخيل الدولة من صادرات المحروقات بلغت 34 مليار دولار مع نهاية شهر سبتمبر 2024.
وقدرت المداخيل التقديرية لقيمة الجباية البترولية إلى حوالي 3035 مليار دج، أي ما يمثل 86% من قيمة الجباية البترولية المدرجة في قانون المالية لسنة، 2024، بحسب الاحصائيات المقدمة من طرف وزارة الطاقة والمناجم.
وبخصوص فرع الكهرباء، أشار المتحدث إلى الجهود المبذولة من طرف مجمع سونلغاز، والتي مكنت من رفع القدرة الإنتاجية للكهرباء بنسبة 5 % مقارنة بإنتاج ذات الفترة من السنة الماضية وأشار إلى أن معدل الربط بالكهرباء على المستوى الوطني بلغ 99%.
كما عرف إنتاج المواد المنجمية ارتفاعا، لا سيما فيما تعلق بالمواد غير الحديدية منها، بعد دخول وحدات جديدة في الإنتاج وانتظار دخول ثلاثة مصانع أخرى مرحلة الإنتاج خلال سنة 2025.
وحول ميزانية القطاع الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2025، فقد تم تحديدها على أساس جباية بترولية تقديرية حددت بـ 3 454.مليار دينار، وعلى أساس سعر مرجعي 60 دولارا/برميل، أوضح كورتل، لتكون ميزانية القطاع في حدود 171.1 مليار دج، معظمها اعتمادات مالية مخصصة لدعم سعر تحلية مياه البحر وميزانية التجهيز، موجهة أساسا للربط بالكهرباء والغاز والطاقات الجديدة والمتجدّدة والبحث المنجمي وكذا برنامج التحكم في الطاقة، موزّعة كالتالي، 63 مليار دج موجهة لبرنامج دعم سعر تحلية مياه البحر، 98 مليار دج موجهة لبرنامج الكهرباء والغاز، والطاقات الجديدة، خصّص منها 27 مليار دج لربط حوالي 44 ألف مسكن بالغاز وأكثر من 22 ألف مسكن بالكهرباء، كما تم تخصيص 2.07 مليار دج، لدعم برنامج البحث المنجمي و2.02 مليار دج موجهة لبرنامج التحكم في الطاقة والطاقات المتجدّدة الرابطة لشبكة الكهرباء.