بُنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى تحتيـــــــــــــــــــــــــــــــــة عملاقـــــــــــــــــــــــــــــــــة ومشاريـــــــــــــــــــــــــــــــع هيكليــــــــــــــــــــــــــــــة ذات عُمـــــــــــــــــــــــــــــــق إفريقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
تعيش الجزائر اليوم على وقع نهضة اقتصادية حقيقية وتحوّلات تنموية نوعية كبرى، تعتمد على نموذج اقتصادي جديد يقوم على تنويع النمو واقتصاد المعرفة، عبر الإطار المرجعي الذي حدّده رئيس الجمهورية للجزائر الجديدة المنتصرة، القائم على نموذج اقتصادي جديد، وعلى تعزيز القطاعات ذات الصلة بالأمن السيادي والاقتصاد، والتي من شأنها أن تحقق قيمة مضافة.
لتحقيق النهضة التنموية، كان لابد من تأمين الاحتياجات الوطنية سيما الضرورية منها المرتبطة ارتباطا وثيقا بحياة المواطنين وقوّتهم، ومن ذلك الأمن المائي للجزائر سيما بعد تفاقم الآثار السلبية للتغيرات المناخية ما أثّر بشكل كبير على تموين الساكنة بالماء الشروب، وتزايد الطلب على توفير مياه السّقي بسبب الجفاف، حيث كانت الموارد المائية، في قلب اهتمام السلطات العليا للدولة، ما جعله يعرف قفزة مذهلة منذ بداية العقد الأول من القرن الـ 21.
الميـــــــــــــــاه المحــــــــــــــلاّة
لعلّ أبرز قرارات رئيس الجمهورية لإدارة مشكل العجز المائي، إطلاق مشاريع محطات تحلية مياه البحر بحجم إجمالي يعادل 852 مليون/م3 سنويا، لتعميم استخدام المياه المحلاة، عبر 26 محطة بين كبيرة ومتوسطة، بـ 18 % من إجمالي المياه الصالحة للشرب.
وتقرر انجاز سبع محطات جديدة لتحلية مياه البحر في الفترة الممتدة بين ما بين 2025 و2030، في كل من ولايات تلمسان، مستغانم، ومحطتين بتيزي وزو، الشلف، جيجل، سكيكدة، بهدف تزويد الولايات المذكورة والولايات التي تقع على نطاق 150كلم من هذه المحطات بصفة نهائية.
ومع الانتهاء من أشغال إنجاز جميع المحطات التي تضمنها برنامج رئيس الجمهورية سوف تصل نسبة الاعتماد على المياه المحلاة الى 60 % من اجمالي المياه المنتجة وطنيا والموجهة للشرب، بالموازاة مع إعادة استغلال الحجم الهائل من المياه المستعملة المصفاة التي تنتجها محطات التصفية عبر الوطن، باعتبارها رابع مصدر للمياه واستخدامه في الفلاحة بعد تعميم المعالجة الثلاثية.
مــــــــــــــوارد منجميــــــــــــــــة
يواصل قطاع المحروقات بخطى ثابتة في رسم بوصلة جديدة للجزائر تتماشى ورؤيتها ومكانتها ومكاسبها والتزاماتها مع شركائها بعد أن نجحت في كسب ثقتهم واملاء شروطها وفقا لما يخدمها.
وتمتلك الجزائر الإمكانيات لرفع إنتاجها من الغاز الى 200 مليارم3 سنويا على الأمد المتوسط، مقابل إنتاج حالي بـ 137 مليار م3، وبفضل تجسيد السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية سيما فيما يتعلق بتحسين مناخ الاستثمار، تحققت إنجازات كبيرة منها تحقيق 8 اكتشافات مهمة في مجال المحروقات بمواقع جديدة منذ بداية 2024، إلى جانب 6 اكتشافات خلال الثلاثي الأول من 2023.
وتعمل الجزائر على تطوير الصناعة المنجمية من خلال دمج الموارد المنجمية في تطوير القطاع الاقتصادي، من خلال الاعتماد على المواد المحلية غير المستغلة على غرار مشاريع الاستغلال الحرفي للذهب في الجنوب وإطلاق مشروع غار جبيلات لدعم صناعة الحديد والصلب وكذا مشروع وادي اميزور ومشروع الفوسفات المتكامل، تماشيا مع توجه الاقتصاد العالمي نحو الطاقة الخضراء.
مشــــاريــــــــــــــع هيكليـــــــــــــــة
يرافق الحركية الاقتصادية والمشاريع الهيكلية، تعزيز البنية التحتية للسكك الحديدية وكذا المنشآت الخدماتية، إذ تعرف مشاريع البنية التحتية للسكك الحديدية والمنشآت الخدماتية التابعة لها المنجزة أو قيد الإنجاز نقلة نوعية من أجل وضعها في خدمة الاقتصاد الوطني والمسافرين.
ونجحت الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة انجاز الاستثمارات في السكك الحديدية “أنسريف “ من انجاز الكثير من المشاريع، ومن ذلك تسليم أكثر من 660 كلم من السكك الحديدية في ظرف سنة وهو ما يعتبر شبكة في بلدان أخرى، ناهيك عن أكثر من 40 محطة جديدة عصرية وذات جودة عالية، تقدم خدمات نوعية للمسافرين على مستوى ولايات الجنوب والهضاب العليا تم تسلمها في المدة الأخيرة ودخلت حيز الخدمة ما سيضمن الحد الأقصى من الوظيفية في تلبية الاحتياجات سواء بالنسبة لنقل المسافرين أو البضائع عبر الوطن أو حتى في العمق الإفريقي.
وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، تم تسليم المقطع الأول الخط الذي يربط بين الشفة وولاية تمنراست فإلى الحدود الجزائرية مع النيجر ومنه إلى العمق الافريقي لتشجيع التبادلات التجارية مع دول افريقيا من خلال هذه الخطوط السككية ذات البعد الإقليمي.
ويعد مشروع خط السكة الحديدية الجديد بشار- بني عباس- تندوف بطول 950 كلم، مشروعا استراتيجيا بالنظر للبعد الاقتصادي والتنموي كونه يمر على ثلاث ولايات سواء في نقل خامات الحديد من غار جبيلات إلى وهران، أو نقل البضائع والأشخاص، ناهيك عن مناصب الشغل التي سيستحدثها ما سيجعل المنطقة تنبض بالحياة الاقتصادية بعد فك العزلة عنها، حيث يحمل هذا الخط الاقتصادي آفاقا واعدة للمنطقة محليا وعالميا.
ويهدف استغلال هذا المشروع إلى ضمان وتأمين إمداد مصانع الصلب والحديد الوطنية بالمواد الخام وكذلك زيادة مداخيل الصادرات خارج المحروقات، وسيسمح خلال انطلاق اشغال الانجاز بإنشاء حوالي 3 آلاف منصب عمل، نتيجة المشاريع التي سترافقه من بينها الخط السككي وكذا إنشاء شركة للتحويل الكيماوي للفوسفات بين المجمع الصناعي “أسميدال” ومجمع مناجم الجزائر “منال” بهدف تثمين الفوسفات من خلال اقتراح بديل لاستيراد المواد المشتقة من هذا المنتوج.
وينتظر أن يفتح هذا المشروع فرصا اقتصادية أخرى نحو افريقيا وحتى شراكات مع الدول المجاورة لإنجاز خطوط نقل أخرى نحوها، إلى جانب انتعاش القطاع المنجمي وبالتالي استحداث حياة اقتصادية بالمنطقة كانت في وقت مضى معزولة.
وحرصا منها على استعادة دورها الريادي في القارة السمراء، تتحرك الجزائر على أكثر من صعيد داخل عمقها الأفريقي، ولعلّ إطلاق الوكالة الجزائرية الدولية للتعاون الدولي، وشروعها في إنجاز عدة مشاريع اقتصادية في القارة الأفريقية، يترجم بداية مرحلة جديدة للحضور الاقتصادي والتنموي الجزائري في العمق الأفريقي، ناهيك عن ابداء استعدادها لتمويل مشاريع اقتصادية جديدة في أفريقيا.
تكامــــــــــــل قــــــــــرّي
حرصت الحكومة الجزائرية على تفعيل منطقة التبادل الحر للسوق الأفريقية المشتركة، إلى جانب مناطق التبادل الحر، بكل من “تندوف” و«تيمياوين” على حدود موريتانيا، إضافة إلى “تيزواتين” بالحدود الجزائرية المالية، و«طالب العربي” على الحدود الشرقية مع تونس، وفتح المعبر البري مع موريتانيا سنة 2018، وتجهيز معبر الدبداب الذي سيحتضن منطقة تبادل حر مناصفة بين ليبيا وتونس.
كما قامت بافتتاح فروع لبنوك جزائرية عمومية في بعض العواصم الأفريقية، وخلال السنوات الأربع الماضية نجحت عدة شركات جزائرية في أن الولوج لبعض الأسواق الأفريقية، خاصة في مجال الصناعات الكهرومنزلية والمنتجات الغذائية
وسيزداد هذا الدور أكثر مع استكمال الطريق الأفريقي العابر للصحراء، والذي سيربط الموانئ الجزائرية بالعديد من الأسواق الأفريقية، إضافة إلى المشروع الكبير لخط الغاز الرابط بين نيجيريا مرورا بالنيجر وصولا إلى الجزائر فالسوق الأوروبية.
وتهدف الجزائر من خلال هذه المشاريع الاقتصادية والتنموية إلى إعادة تقييم الدور الجزائري في أفريقيا وتقويمه، ومن ثم بناء شراكة اقتصادية حقيقية تكافلية على قاعدة رابح – رابح، مع تمسكها المستمر بإصلاح النظام الاقتصادي والمالي العالمي من خلال مراجعة منظومة الأمم المتحدة، وإصلاح المؤسسات المالية متعدّدة الأطراف بعيدا عن الهيمنة الغربية وإن كان هذا الأمر ليس بالجديد بالنسبة لها في ظل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية.