طباعة هذه الصفحة

تأسسّت في حضن نوفمبر المجيد وتشبعّت بقيم الثورة المباركة..

كــرة القـدم الوطنية.. تاريـخ حافــل بالأمجــاد

محمد فوزي بقاص

تحتفل الجزائر غدا الجمعة بسبعينية اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، وقد تم تأسيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، بعد أربعة أشهر فقط من استعادة الجزائر حريتها واستقلالها، وكان ذلك منطقيا بالنظر إلى كون كرة القدم ساهمت بقوّة في الثورة التحريرية عن طريق فريق جبهة التحرير الوطني، الذي بنى أسسا متينة للمنتخب الجزائري والكرة الجزائرية ككل، حيث وجدت الطريق معبدا نحو المجد الكروي قاريا ودوليا.
شهدت كرة القدم الجزائرية على مدار 62 عاما التتويج بعديد الأى المنتخب والفرق، وكانت بداية قصة المنتخب الجزائري مع التتويجات 13 سنة فقط بعد تأسيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، وتحديدا صيف 1975، التي توّج خلالها رفقاء المتألق عمر بطروني بالميدالية الذهبية لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها الجزائر العاصمة، وكان ذلك أمام المنتخب الفرنسي بنتيجة (3 - 2)، في النهائي الذي احتضنه ملعب 5 جويلية الأولمبي، لتعيش الجزائر في تلك الليلة أجواء مميّزة.
تمكنت العناصر الوطنية ثلاث سنوات بعد ذلك من الظفر بميدالية ذهبية جديدة هذه المرة في الألعاب الإفريقية بالجزائر 1978، بعدما تمكن المنتخب الوطني من الإطاحة بمنتخب نيجيريا بهدف دون رد بملعب 5 جويلية الأولمبي.

نجمتان إفريقيتان للمنتخب الجزائري

قصّة المنتخب الوطني مع نهائيات كأس أمم إفريقيا انطلقت خلال سنة 1968 أي 6 سنوات بعد استقلال الجزائر في نسخة إثيوبيا، التي غادرها «الخضر» من الدور الأوّل، وانتظر المنتخب الجزائري إلى غاية نسخة 1980 بنيجيريا، ليبدأ في تحقيق نتائج باهرة في المنافسة القارية خلال مشاركته الثانية، التي بلغ فيها رفقاء بلومي اللّقاء النهائي أمام البلد المنظم وانهزم بثلاثية نظيفة.
بلغ زملاء القائد الأنيق علي فرقاني نصف نهائي كأس أمم إفريقيا، خلال ثلاث مشاركات في النسخ التي تم تنظيمها سنوات الثمانينات، إلى أن تمكن «الخضر» سنة 1990، بمناسبة احتضان الجزائر النسخة رقم 17 لنهائيات «الكان» من التتويج باللقب، أين سيطر رفقاء الأسطورة رابح ماجر على المنافسين بالطول والعرض طوال المنافسة، وتمكنوا من الإطاحة بالمنتخب النيجيري، في النهائي الذي احتضنه ملعب 5 جويلية الأولمبي بنتيجة (1 - 0) من توقيع شريف وجاني.
أكد المنتخب الجزائري علو كعبه، بعدما تمكن سنة 1991 من تأكيد تاجه القاري، بالفوز على المنتخب الإيراني في نهائي الكأس الأفرو آسيوية، بعدما تمكنت العناصر الوطنية من الفوز بالجزائر بهدف دون ردّ، والانهزام في طهران بنتيجة (2 - 1)، لتفوز باللّقب بأفضلية الهدف المسجّل خارج الديار.
حقّق المنتخب الجزائري بعد ذلك نتائج متذبذبة خلال مشاركاته في كأس أمم إفريقيا، أين غاب عن النهائيات خلال أربع مناسبات، وتجاوز الدور ربع النهائي في مناسبة وحيدة خلال «كان» أنغولا 2010، أين انهزم في نصف نهائي مثير أمام المنتخب المصري بنتيجة (4 – 0).
وعانقت الجزائر اللقب القاري من جديد في أرض الكنانة خلال كأس أمم إفريقيا 2019، بعدما أطاح رفقاء القائد رياض محرز بكبار القارة على غرار منتخبي كوت ديفوار ونيجريا في ربع ونصف النهائي تواليا، قبل أن يفوزوا على منتخب السنغال في النهائي بنتيجة هدف دون رد.

خامس أكثر منتخب إفريقي مشاركة في المونديال

تمكّن المنتخب الوطني خلال 62 سنة من العبور إلى نهائيات كأس العالم في أربع مناسبات، ليكون بذلك خامس أكثر منتخب إفريقي مشاركة في أعرق منافسة كروية في العالم، حيث ضمن جيل الثمانينات تأهلين تاريخيين خلال نسختي إسبانيا 1982 ومكسيكو 1986، أين صنع زملاء مصطفى دحلب الحدث في أوّل مشاركة، بإطاحتهم بعملاق القارة العجوز منتخب ألمانيا بنتيجة (2 - 1)، من توقيع الأسطورة رابح ماجر والأيقونة لخضر بلومي، لحساب الجولة الأولى من المجموعة الثانية محققين دخولا تاريخيا في المونديال، لينهزموا بعدها أمام منتخب النمسا بنتيجة (2 - 0)، ويحققوا فوزهم الثاني أمام منتخب الشيلي بنتيجة (3 - 2).
خلال نهائيات كأس العالم لسنة 1986، لم يحقق المنتخب الوطني مشاركة قوّية مثل النسخة الأولى، وغاب المنتخب الوطني بعدها عن المونديال، ليعود إليه من جديد خلال أوّل مونديال إفريقي سنة 2010 بجنوب افريقيا، ثم مونديال 2014 بالبرازيل.

المحلّيون يفوزن بكأس العرب «فيفا»

أبهر المنتخب الوطني للاعبين المحليين كل المتتبعين خلال نهائيات كأس العرب «فيفا» 2021، حين تمكن من الظهور بوجه قوّي للغاية وخطف اللّقب، بعدما أطاح أشبال المدرب مجيد بوقرة بمنتخبي السودان ولبنان بنتيجة (4 - 0) و(2 - 0) على التوالي، وتعادل «الخضر» بهدف لمثله أمام المنتخب المصري لحساب الجولة الثالثة من الدور الأوّل عن المجموعة الرابعة.
تمكّن رفقاء المايسترو يوسف بلايلي من الفوز على المنتخب المغربي في ربع نهائي المنافسة، في مواجهة مثيرة انتهت بنتيجة هدفين لمثلهما، قبل أن تبتسم ركلات الترجيح لصالح المنتخب الجزائري بنتيجة (5 - 3).. وفاز «الخضر» على المنتخب القطري بنتيجة (2 - 1) في الدور نصف النهائي، ليعبروا إلى النهائي ويفوزوا على المنتخب التونسي بهدفين دون رد وقعّهما أمير سعيود وياسين براهيمي، ويتوّج بذلك المنتخب الوطني للاعبين المحليين بكأس العرب «فيفا».

مولودية الجزائر.. مجد قاري..

افتتح فريق مولودية الجزائر طريق الألقاب القارية لدى الأندية، حيث تمكّن سنة 1976 من إهداء أوّل لقب قاري للجزائر لدى الأندية، في نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة الذي احتضنه ملعب 5 جويلية الأولمبي، أمام فريق حافيا كوناكري الغيني، أين تمكن رفقاء علي بن شيخ من قلب الطاولة على الضيوف، وعدلوا النتيجة إلى (3 - 3)، بمجموع المقابلتين بعدما انتهت نتيجة لقاء الذهاب بثلاثية نظيفة، ليهدوا الجزائر وجمهور العميد أوّل لقب قاري لدى الأندية، ليكون بذلك رفقاء القائد زبير باشي ثالث فريق بالعالم يتوّج بالثلاثية التاريخية، بعد فريق سيلتيك غلاسغو الأسكتلندي وأجاكس أمستردام الهولندي.
بعد 5 سنوات تمكن فريق شبيبة القبائل من إهداء الجزائر ثاني ألقابها القارية، وتحديدا عند سنة 1981 في نفس المنافسة، بالنهائي الذي احتضنه ملعب أوّل نوفمبر بتيزي وزو أمام العملاق الكونغولي، نادي فيتا كلوب، حيث فاز زملاء متوسط الميدان إلياس بحبوح في الدور النهائي بخماسية نظيفة بمجموع لقائي الذهاب والإياب، ليعانقوا المجد الإفريقي لأوّل مرّة في تاريخ مشاركاتهم بالمنافسات القارية.
توّج «الكناري» سنة بعد ذلك بلقب كأس السوبر الإفريقي، بعدما تعادل في لقائه الأوّل أمام اتحاد دوالا الكاميروني سلبا، وتعادل أيضا في اللقاء الثاني أمام فريق أفريكا سبورت الإيفواري بنتيجة (2 - 2)، ليصعد إلى النهائي ويواجه اتحاد دوالا الكاميروني، ويتغلب عليه رفقاء ميلود عيبود في ضربات الترجيح بنتيجة (4 - 3)، بعد نهاية الوقت الأصلي بنتيجة (1 – 1).

وفاق سطيف.. تاج إفريقي عام 1988

تمكن سنة 1988 فريق وفاق سطيف من دخول قائمة الفرق الجزائرية المتوجة قاريا، بعدما تمكن من خلق المفاجأة وهو يلعب في قسم الدرجة الثانية لكرة القدم، أين عانق لقب كأس إفريقيا للأندية البطلة الثالث للجزائر، بعد الفوز على فريق إيوانوانيو النيجيري، وعاد سنة بعد ذلك وأضاف لقبا جديدا لخزائنه أمام السد القطري في نهائي الأفرو آسيوي بنتيجة (5 - 1) بمجموعة مواجهتي الذهاب والإياب.

شبيبة القبائل.. 5 ألقاب قارية في 13 عاما

استعاد فريق شبيبة القبائل تاجه القاري سنة 1990 بعد مشوار مميز في المنافسة القارية، اختتمه بفوز في النهائي أمام فريق نكانا ريد ديفيلز الزامبي، حيث حقق حكيم مدان ورفاقه الفوز بملعب 5 جويلية الأولمبي، لينهزموا في لقاء الإياب هناك بنفس النتيجة، ويعودوا إلى الجزائر باللقب القاري، بعدما ابتسمت لهم سلسلة ركلات الترجيح بنتيجة (3 – 5).
تذوق فريق شبيبة القبائل خمس سنوات بعد ذلك طعم تتويج جديد، يتعلق الأمر بكأس إفريقيا للأندية المتوجة بالكؤوس، حيث تمكن من الفوز على فريق جوليوس بيرغير النيجيري بنتيجة (3 - 2) بمجموع لقائي الذهاب والإياب، وأضاف إلى خزائنه رابع لقب قاري.
كان الموعد 5 سنوات بعد ذلك لتضيف الشبيبة لرصيدها لقب قاري جديد، في منافسة كأس الكاف، أين توّج الفريق باللقب القاري سنة 2000 أمام الإسماعيلي المصري، وتفوز بلقبها القاري الخامس بجميع المسابقات. حافظ رفقاء بن دحمان لموسمين متتاليين آخرين على اللقب القاري، حيث توجوا به خلال نسختي 2001 و2002، ليحطموا الرقم القياسي لعدد الألقاب المتحصل عليها تواليا برصيد 3 ألقاب، أين عانق اللقب للمرة الثانية أمام فريق النجم الساحلي التونسي بنتيجة (2 - 2) بمجموع المقابلتين، وبأفضلية الهدف المسجل خارج الديار، وفي المنافسة الثالثة أمام تونير ياوندي الكاميروني بنتيجة (4 - 1) ذهابا وإيابا.

ماضوي يحلّق بـ»النسر السطايفي» عاليا..
صامت الفرق الجزائرية 12 عاما كاملا عن التتويجات القارية إلى غاية سنة 2014، التي عاد فيها «النسر السطايفي» ليحلق في سماء القارة السمراء من جديد، أين تمكن أشبال المدرب خير الدين ماضوي من التتويج بالنجمة الثانية أمام فيتا كلوب الكونغولي، ليعزّزوا رصيدهم بلقب قاري جديد سنة 2015، حين توجوا بلقب السوبر الإفريقي على حساب الأهلي المصري خلال سلسلة ركلات الترجيح التي انتهت لصالح رفقاء عبد المالك زياية بنتيجة (6 - 5)، بعد نهاية الوقت الأصلي بنتيجة (1 - 1)، في اللقاء الذي احتضنه ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة.

بن شيخة يقود إتحاد العاصمة للتتويج

تمكن اتحاد العاصمة من تحقيق الحلم الذي راود أنصاره لسنين عديدة، وتوّج بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية لسنة 2023 لأوّل مرّة في تاريخه، أين قاد المدرب المخضرم عبد الحق بن شيخة الاتحاد لمعانقة اللقب، بعد الفوز أمام فريق يونغ أفريكانز التنزاني في لقاء الذهاب بنتيجة (2 – 1)، وبالرغم من الهزيمة في مواجهة العودة بملعب 5 جويلية الأولمبي بهدف دون رد، إلا أن الاتحاد فاز باللقب الذي انتظرته أجيال عديدة.
حافظ الاتحاد على نواة التشكيلة التي توّجت باللّقب القاري الموسم الذي بعده، وأهدت أنصارها كأس السوبر الإفريقي على حساب الأهلي المصري، بهدف من رأسية المدافع المحوري زين الدين بلعيد.
تجدر الإشارة أن المنتخب الوطني ضمن تأهله إلى العرس القاري للمرة الـ 21 خلال مرحلة التوقف الدولي لشهر أكتوبر المنصرم، ويسعى لضمان التأهل للمرّة الخامسة لنهائيات كأس العالم 2026، هو الذي يحتل صدارة مجموعته في التصفيات، كما أن الفرق الجزائرية في رابطة الأبطال وكذا كأس الكونفدرالية عززت صفوفها بلاعبين مميزين وتبحث عن المجد القاري من جديد نهاية الموسم الجاري.