يعتبر “أكتوبر الوردي” مناسبة سنوية مخصّصة لزيادة الوعي حول التشخيص المبكّر، وهو فرصة للمنتصرين المحاربين على هذا المرض الخبيث لنشر تجربتهم مع السرطان، فهم مصدر إلهام لغيرهنّ من اللواتي تم تشخيصهنّ بالمرض، ليسردن تجربتهنّ ورحلة كفاحهنّ التي تكلّلت بالانتصار لتكون لهم حياة جديدة ملؤها التفاؤل والأمل، وفريدة قصّة كفاح وتحدّ مع السرطان.
أصيبت فريدة خلال فترة حملها بطفلها الأول وبالتحديد في الشهر الثالث بحمّى شديدة لا تطاق ولا ينفع معها أيّ دواء، خاصّة وأنّها في المراحل الأولى من الحمل، حيث كان جهاز مناعتها ضعيف جدّا ممّا يساعد في تشبّث المرض، وفي الشهر السابع بدأت تشعر بألم رهيب في الأنف الذي كان ينزف بالدم “الرعاف” وهو أحد أعراض السرطان، ولم يخطر ببالها أنّه قد يكون علامة على وجود شيء خطير ينتظرها، فكانت تعتمد حينها على أدوية ومسكّنات ولكن دون فائدة.
وخلال تلك الفترة وصراعها مع الألم الفظيع في رأسها الذي كانت تضربه على الحائط من شدّة الألم حتى وصلت ساعة الولادة، وبعدها بأربعين يوما قامت بفحص عند طبيب مختصّ في الأذن والأنف والحنجرة الذي شخّص إصابتها بسرطان التجويف الأنفي والجيوب الأنفية مع وجود كتل تحت الأذن وفي مؤخرة الرأس.
ومرّت ستة أشهر من إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية المكثّفة، الأمر الذي أعطى فرصة حياة للمرض حيث استدعت الضرورة إلى التدخّل الفوري والشروع في العلاج الكيميائي، الذي يتطلّب من المريض أولا أن يكون مهيّئا نفسيا وجسديا للعلاج حتى يعطي مفعولا جيدا وعلى المريض تقبل المرض ثانيا حتى لا يعطي للمرض فرصة ويحدّ من انتشاره.
وبعدها انطلقت رحلة العلاج الكيميائي الحارق التي تعدّ من المراحل الصعبة التي يمرّ بها مريض السرطان لما تحدثه من تعب وإرهاق للجسم مع سقوط الشعر وتغير صفة المصاب، لكنّ “فريدة” وبفضل قوّتها وعزيمتها وإيمانها بقدرة الله عزّ وجلّ بدأت تتحسّن من الجلسة الأولى فيما بدأت تلك الكتل في الذوبان، وبعد 21 يوم قامت بالحصّة الثانية، وهكذا دواليك حتى بدأ المرض في الزوال وبعدها بدأ شعرها وحاجبيها بالسقوط وبالرغم من كلّ هذا كانت امرأة قويّة ومتشبثة بالحياة.
وتقول في هذا الصدد “على المصاب بالسرطان أن يكون إيمانه قويّا ويتقبّل الحالة التي يكون عليها حتى لا يترك فرصة لانتشار واستمرار المرض، وأنّ الإيمان بالله والعزيمة كفيل بتخطّي العقبات “وتضيف” المحيط كذلك يساعد المريض على الشفاء خاصّة الدعم النفسي ممّا يسهم في التعافي والانطلاق في رحلة العلاج”.
ولأنّها قويّة ومؤمنة بأنّ إرادة الله سوف تكون، وأنّ الشفاء بيده تستمرّ رحلة العلاج الكيمياوي وبين الحصّة الخامسة والسادسة طلب منها البدء في العلاج الإشعاعي الأكثر تأثيرا على الجسم من الكيمياوي، وذلك لمدة 12 يوما متتاليا وبعدها المراقبة الطبية كلّ ثلاثة أشهر وبعدها كلّ ستة أشهر بالإضافة إلى الفحوصات الطبية التي يجب أن تستمرّ بها 5 سنوات.
وبعد عام ونصف من العلاج والمراقبة الطبية اكتشفت أنّها حامل بطفلها الثاني الذي كان سببا في إحياء جسمها من دورة ميتة إلى دورة حية حسب تشخيص الأطباء، وكانت هذه النقطة إيجابية التي أخرجتها من مرحلة الموت إلى مرحلة الحياة، وبعد إجراء فحوصات وتحاليل طبية كانت النتائج إيجابية وشفيت من المرض تماما.
ووجّهت فريدة نصيحة للواتي تم تشخيصهنّ بمرض السرطان بأهمية الحفاظ على صحتهنّ النفسية التي هي مصدر تخطّيهن لهذا المرض والتحلّي بالقوّة والصبر، طبعا تمرّ على المريضة حالة من الاكتئاب والقلق والخوف والإحباط الذي يساعد المرض على الاستمرار والانتشار، لكنّها مجرد أوهام فعلى المريضة أن تتخطاها لأنّه مجرد ابتلاء من عند الله عزّ وجلّ وكما يقال “عظم البلاء من عظم الجزاء”.
هكذا تمكّنت فريدة من هزيمة المرض الخبيث في رحلة معاناة عاشتها نفسيا وجسديا مع الألم، حتى تخطّت الصعاب، وعادت لحالتها الطبيعية، بحيث تعدّ من المحاربات القويّات للمرض مبتسمة تنشر الإيجابية والأمل في كلّ مكان.