أجمع أهل الفن الرابع ، خلال عرض مسرحية “ليلة غضب” أول أمس في إطار المنافسة الوطنية للمسرح الوطني المحترف الذي يتواصل بركح محي الدين بشطارزي، أن المسرحية تكريم للممثل بإعطائه الفرصة على الخشبة دون ديكور.
تابعت “الشعب” رفقة جمهور عريض مسرحية “ليلة غضب” التي تدخل المنافسة في يومها الثالث، من إنتاج المسرح الجهوي باتنة وإخراج جمال مرير وكوريغرافيا الممثل رياض بروال، وكتب نصها الأستاذ الكاتب محمد بورحلة.
تدور أحداث المسرحية حول أربعة إخوة زجّ بهم في زنزانة واحدة دون يعرفوا سبب ذلك، يمضون الوقت في تقاذف التهم طيلة سنة كاملة، قبل أن يتقدم إليهم الكاهن الأعظم ويخطرهم بذنبهم، ويطالبهم، باختيار أحدهم لنحره وتقديمه قربانا للآلهة تكفيرا عن ذنبهم، المتمثل في بدخولهم إلى تلك المدينة ليلة غضب جلالتها، ثم تقترب ساعة الذبح وتتصاعد معها الأحداث وتتشابك قبل أن يفصح الكاهن الأعظم عن المذنب الحقيقي.
ويتطور أداء الممثلين تدريجيا من بشر يقعون في ورطة إلى حالة من القبول لصفة حيوانية، حيث يتحوّلون إلى كلاب في رمز إلى القهر الذي يعيشه الرعية في حكم وهمي مبني على تعاليم الآلهة التي يعرفها الكاهن الأعظم وحده.
ويبرز الممثل سمير أوجيت أحد الإخوة الأربعة في تأدية دور مميز، حيث كان موزعا على المسرح من خلال تقاسمه الحوار مع مختلف الممثلين، وكان صوت العقل ضمن الوهم الذي يسوقه “الكاهن الأعظم” ويرضى به الجميع.
واستطاع الممثلون أن يترجموا رؤية المخرج لنص الكاتب المسرحي محمد بورحلة، حيث بني العرض كاملا على أجساد الممثلين، في مسرح خاو من أي ديكور أو جسم دخيل أو أثاث، لدرجة أن الممثلين هم الذي يؤدون كل الوظائف بما فيها مقعد وسرير الكاهن.
ونجح الراقصون في مجاراة كفاءة الممثلين، عبر الكوريغرافيا حيث لم تكن لوحات الرقص عشوائية أو مقحمة، واقتربوا من التعبير بحركاتهم عن عذابات الإنسان وحتى في جلدهم للمعذبين بفنية عالية.
وعبّر الكاتب محمد بورحلة عن اختياره للنص لأنه ترجم مسألة النظام الشمولي، وكيف يمكن للإنسان أن يتحرر من الاستبداد، في ظل الحكم الدكتاتوري واعتبر المسرحية تجربة يمكن تعديلها في المستقبل.
واعتبر المخرج “جمال مرير” خلال ندوة النقاش أن “ليلة غضب” هي “اعتراف للمثل الذي يبقى العنصر الأساسي للعرض المسرحي” وهو ما قام به من خلال العرض الذي اعتمد 12 ممثلا تمكّن من تسيير حركاتهم على الخشبة.
يذكر أن المخرج “جمال مرير” شغل عدة مناصب ثقافية، كان آخرها منصب مدير المسرح الجهوي عنابة، كما أخرج عدة مسرحيات على المستوى الوطني.
قالوا “عن ليلة غضب”
الناقد المسرحي العراقي على عواد: “العرض جمع بين الفنتازيا واللامعقول أو العبث، وفي نفس الوقت تقوم على ما هو غير معقول، ومحملة بالرموز والمعنى السيميائي، وهذه الإشكاليات تتجلى في صراع أزلي بين السلطة والإنسان”.
الكاتب المسرحي من سلطنة عمان عبد الكريم جواد: المسرحية نجحت في الإيقاع الجماعي، والكاتب كان بارعا في تلخيص فكرة نموذجية موجودة في العصر الحديث والأسطوري”.