طباعة هذه الصفحة

أستاذ الإقتصاد بجامعة وهران 2 تاج الدين بن شكيكن:

الاستراتيجيات الجديدة تؤمّـن الاكتفاء الذّاتـي المستـدام

حبيبة غريب

التّركيـز علـى التّنوّع والشّمــول..معادلــة رابحـة

 يرى المختص في الإقتصاد الأستاذ المحاضر بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير بجامعة وهران 2 الدكتور تاج الدين بن شكيكن، “أنّ تسريع تنفيذ الاستراتيجيات الاقتصادية الجديدة في الجزائر، من شأنه تحقيق تنمية حقيقية وتأمين الاكتفاء الذاتي المستدام، وذلك بالتركيز على التنوع والشمول”.

 شدّد الأستاذ بن شكيكن في تصريح لـ “الشعب”، على ضرورة تحلي كل القطاعات بالواقعية والاستشراف عند تنفيذ الاستراتيجيات الاقتصادية الجديدة، بحيث تبنى على دراسات جدوى شاملة، والتركيز على زيادة القيمة المضافة للمنتجات المحلية، وتشجيع الصناعات التحويلية دون إغفال ضرورة التحكم في سلاسل التوريد والتموين لضمان التوزيع الفعال والعادل لمخرجات النشاط الاقتصادي، وتفادي الاختلالات في تزويد الأسواق بمختلف المنتجات.
وقال بن شكيكن إنّ الجزائر “تعمل اليوم، برؤية مدروسة، على ترسيم مكانتها كقوة اقتصادية إقليميا ودوليا من خلال مجموعة من المشاريع ذات البعد الاستراتيجي”، حيث أطلقت ورشات كبرى ترمي من خلالها لتثمين المؤهلات المتاحة، والدفع بالقاطرة الاقتصادية للبلد لتمكينها من لعب دور محوري في إفريقيا وجنوب المتوسط.
وفي السياق، تطرّق بن شكيكن للسّياسة الاقتصادية التي تبنّتها الجزائر وتعهّد بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في التزاماته منذ عهدته الأولى، القائمة أساسا على كبريات المشاريع والورشات الاقتصادية التي يعوّل عليها كثيرا اليوم في كسب رهان بناء الجزائر المنتصرة.
وذكر بن شكيكن بـ “مشروع منجم غارا جبيلات الذي يتربّع على ثالث احتياطي عالمي من خام الحديد عالي الجودة، بقدرة إنتاجية سنوية تصل إلى 20 مليون طن خام حديد، سيدعم هذا المشروع القدرات الإنتاجية الوطنية في قطاع التعدين، وسيساهم في تغطية احتياجات السوق المحلية، بل سيعزّز من حجم صادرات البلد من الحديد كما أنّه سيشكّل قاعدة صناعية صلبة تدعم نفوذ الجزائر في أسواق التوريد الدولية”.
وقال بن شكيكن إنّ “هذه السياسة الاقتصادية المنتهجة تؤكّد على ضرورة حسن استغلال الثّروات والمؤهّلات الطبيعية للبلد، مثل مشروع الفوسفات المدمج الذي يضم عنقودًا صناعيًا متكاملًا للاستغلال المنجمي وإنتاج الأسمدة، مجسّدا في ثلاثة مشاريع ضخمة ضمن شراكة جزائرية صينية، واستثمار يقدّر بحوالي 7 مليار دولار، إذ سيتم استخراج الفوسفات من منجم جبل العنق بولاية تبسة، والتحويل الكيميائي للفوسفات بولاية سوق أهراس، وصناعة الأسمدة بولاية سكيكدة، بالإضافة إلى المنشآت اللوجستية بميناء عنابة”.
وأشار المتحدّث إلى وجود “مقاربة تنموية مستدامة، وترجمة لتوجّه الحكومة الجزائرية نحو الطاقات المتجددة، مستدلا في ذلك “بمشروع سولار 1000 للطاقة الشمسية الذي يعد واحدا من المبادرات الطموحة التي تهدف إلى تثمين المؤهلات الطبيعية، واستغلال الإمكانات الهائلة للطاقة الشمسية خاصة في المناطق الصحراوية الشاسعة”، إذ سيسعى في البداية - يقول بن شكيكن - إلى إنتاج حوالي 1000 ميغاواط سنويا، موزعة على ولايات جنوبية عديدة، ممّا سيساهم في توفير 600 مليون متر مكعب من الغاز، مستعملة حاليا في توليد الطاقة الكهربائية، وخفض مليون طن من الانبعاثات الكربونية، بالمختصر، يسعى هذا المشروع لتحويل الجزائر إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة”.
وتأكيدا على البعد الاقتصادي الدولي، والمكانة الاقتصادية للجزائر في القارة السمراء، تجسّد الجزائر مشروعين ذوي بعدين دوليين وقاريين، ويتعلق الأمر بالنسبة للمشروع الأول - حسب بن شكيكن - في أنبوب الغاز الجزائر - نيجيريا مرورا بالنيجر، الذي يعتبر شريانا طاقويا ذا أهمية استراتيجية بالغة، خاصة وأنه يسهل وصول هذه المادة الطاقوية الحيوية إلى الأسواق الأوروبية، إذ يربط المشروع حقول الغاز الطبيعي في نيجيريا بالبنية التحتية اللوجستية بالجزائر، وتجسيد هذا المشروع - يؤكد محدثنا - “يضمن مستوى آخر من الاستقلالية الطاقوية للجزائر، بالإضافة إلى تعزيز مكانتها الدولية كمورد موثوق للطاقة”.
وقال بن شكيكن إنّ “المشروع الثاني يعتبر شريانا اقتصاديا، يعزّز حركة التجارة الخارجية، ويعتبر جسرا نحو الأسواق الإفريقية، فالجزائر بصدد إتمام إنجاز الطريق العابر للصحراء الذي يمتد إلى غاية نيجيريا مرورًا بعدة دول غرب إفريقيا”.
ولم يفوّت محدّثنا المناسبة، ليذكّر بالإصلاحات التي ساهمت في إعادة بعث النشاط الاقتصادي في القطاعات المختلفة”، معتبرا قانون الاستثمار خطوة إيجابية لتحسين مناخ الاستثمار بالجزائر”.
ولقد تضمّن هذا القانون - يقول بن شكيكن - مجموعة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين، بينها تبسيط الإجراءات من خلال إنشاء “الشباك الواحد” لتسهيل معالجة طلبات الاستثمار، الحوافز الجبائية مثل الإعفاءات الضريبية في صيغ تحفيزية مختلفة تقديم ضمانات للمستثمرين، تحديد آجال محددة لمعالجة الطلبات”.
وعرج المختص الاقتصادي في سياق حديثه على “التشريعات القانونية، وتوفر الإرادة السياسية وحرص رئيس الجمهورية على تجسيد هذه الإصلاحات، حيث تحرص الدولة على إعادة تفعيل دور “القضاء” في متابعة كل الأفعال التي من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني على غرار جرائم الفساد”.
كما تسعى الحكومة - يقول بن شكيكن - “إلى تذليل كل العقبات والتخفيف من وطأة البيروقراطية التي تتسبّب في عرقلة سير المشاريع، والعمل على تعزيز الثقة وخلق بيئة أعمال مناسبة يحتاجها المستثمرون. كما تسعى الحكومة لتعزيز الشراكات الدولية لجذب الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات”.