طباعة هذه الصفحة

الخبير في الاقتصاد سليمـان شيبوط.. لـ”الشعـب”:

تحسّن الميزان التجاري مؤشّر على نجاعة الإصلاحات

إيمان كافي

انتعاش الإيــرادات الجبائيــة وتوقّــع ارتفاعهـا فــي القريــب العاجل

أكد الدكتور سليمان شيبوط، المختص في الاقتصاد، أن التحسّن الذي شهدته الجزائر في الميزان التجاري وتراكم احتياطي الصرف، سيعمل على تعزيز قدرة الاقتصاد الجزائري على الصمود أمام التحدّيات الخارجية، مشيرا إلى أن هذه الديناميكية المسجلة ستفسح المجال لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية.

قال الخبير الاقتصادي سليمان شيبوط، إن متابعة ملف التجارة الخارجية وتنويع الاقتصاد وترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات والاهتمام بالمنتوج المحلي، خاصة بعد المشاريع الإستراتيجية الكبرى التي تم إطلاقها، على غرار غار جبيلات والتي من خلالها سنرفع من صادرات الحديد بعد أن كنا نستورده، والإسمنت والفوسفات كذلك، ضف إلى ذلك تصاعد الصناعة التحويلية نحو الداخل والخارج، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح، كلها مؤشرات تدل على أن الجزائر تسعى لبناء اقتصاد متين.

قوّة الاقتصاد نابعة من القوّة التصديرية

وقال الدكتور شيبوط، أن الميزان التجاري، يعد مؤشرا اقتصاديا مهما وهو جزء من ميزان المدفوعات، إذ يعكس قوّة الاقتصاد في أغلب الأحيان، من خلال قياس القوّة التصديرية لبلد ما، وإذا أردنا أن نعرفه فإنه هو الذي يقيس الفرق ما بين صافي الصادرات وصافي الواردات من سلع وخدمات، وقد يكون إيجابيا في حالة الفائض التجاري، أي أن تكون القيمة الإجمالية للصادرات أعلى من الواردات، وفي حالة العجز التجاري يكون العكس، وفي الحالتين فهو نتاج سياسات تجارية لبلد ما.
وأشار إلى أن حالة الفائض في الميزان التجاري هي المحبذة وهي تدل على صحة الاقتصاد وقوة تنافسية منتجاته أمام المنتجات الأجنبية، وتزيد من احتياط الصرف، أما حالة العجز فهي تدل على حالة التدهور الاقتصادي وعدم تنافسية منتجاته، وارتفاع الواردات مقابل الصادرات التي تؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة.
وكان وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، قد كشف أن الميزان التجاري حقق خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2024 فائضا قدره 3.75 مليار دولار أمريكي، حيث بلغت قيمة الواردات 26.62 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات 30.36 مليار دولار.

التقييـم الدوري للمعطيـات

وأكد زيتوني خلال إشرافه على تنصيب اللجنة المكلفة بمتابعة التجارة الخارجية أن هذه الأرقام تشير إلى تحد كبير يتطلب من أعضاء اللجنة العمل الجاد لتجسيد برنامج الحكومة والتعليمات الموجهة من السيد رئيس الجمهورية، خاصة تلك المتعلقة بإعادة رسم معالم سياسة التجارة الخارجية.
وتضم هذه اللجنة ممثلين عن 16 قطاعا وزاريا و12 هيئة رسمية، وتتمثل المهام الأساسية لهذه اللجنة في: متابعة وتحليل تدفقات المبادلات التجارية (الصادرات والواردات)، إلى جانب اقتراح تدابير لإصلاح وضبط أنشطة التجارة الخارجية، فضلا عن التقييم الدوري للمعطيات المتعلقة بالتجارة الخارجية، وكذا اقتراح تدابير جديدة تتعلق بترشيد الواردات، واقتراح تدابير في إطار ترقية الصادرات خارج المحروقات، إلى جانب اقتراح تدابير لتسهيل التجارة الخارجية، وكذا المساهمة في تحليل وتقييم الاتفاقيات التجارية، وأيضا السهر على تحيين ومصداقية المعلومات الاقتصادية والإحصائية، ويأتي تفعيل هذه اللجنة في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذها قطاع التجارة بالتنسيق مع القطاعات المعنية، كما أشار زيتوني، بهدف تأطير التجارة الخارجية وتحقيق توازن في الميزان التجاري من خلال ترقية الصادرات خارج المحروقات وضبط الواردات لحماية الإنتاج الوطني.
وبهذا الخصوص ذكر الدكتور سليمان شيبوط، أن تحسن الميزان التجاري جاء نتيجة ارتفاع الصادرات الكلية، وتجعلنا في منأى عن أي ارتهان خارجي، خاصة أن التحولات الجيوسياسية والتجاذبات الاقتصادية تشكل تحديا كبيرا على الاقتصاد الجزائري.


60  دولارا.. السعر المرجعي لبرميل البترول
أما عن مستقبل الصادرات في ظل تراجع الواردات، فقد أكد أن سياسة ضبط الواردات التي لجأت إليها الجزائر مؤخرا من خلال تخفيض فاتورة الاستيراد من 60 مليار دولار إلى 30 مليار دولار، تؤكد حجم الفساد وتضخيم الفواتير التي كان يواجهها الاقتصاد، ولعلّ ترسانة الإصلاحات القانونية والاقتصادية التي أطلقتها الجزائر، تسعى لبناء اقتصاد متين وقف إهدار المال العام.
واعتبر أن التوجهات الجديدة للتجارة الخارجية للجزائر غيرت من خارطة الشركاء التجاريين والتوجه نحو العمق الأفريقي، من خلال الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة الأفريقية، لتحسين التبادل التجاري نظرا للقرب الجغرافي، ولعلّ الإستراتيجية التي تسعى إليها الجزائر من خلال التنويع الاقتصادي في جميع القطاعات، لتحسين تنافسية المنتوج المحلي وجودته للولوج إلى عمق الأسواق الأفريقية، وتوفير كل الشروط لكل المتعاملين الاقتصاديين والمنتجين من خلال توفير الشروط اللازمة، وكل المتطلبات اللوجستية للعملية التصديرية، بالإضافة إلى فتح فروع البنوك الجزائرية في إفريقيا، وإعادة إحياء مناطق التبادل الحر، سيعمل على الرفع من تصدير المنتجات المحلية، مثل الصناعات التحويلية الغذائية وبعض الأجهزة الكهرومنزلية إلى دول منطقة التجارة الحرة الإفريقية.
ويذكر أن مشروع قانون المالية لعام 2025، حدد إيرادات الميزانية بنحو 523.06 8 مليار دج في 2025، مسجلة ارتفاعا بنسبة 3.5 بالمائة مقارنة بالإيرادات المتوقعة في الإغلاق في عام 2024، وهذا ناتج عن تحسن الإيرادات الجبائية بنسبة 9.0 بالمائة، مع توقع ارتفاع في الإيرادات الجبائية من 813,12 3 مليار دج في توقعات الإغلاق لسنة 2024 إلى 156.89 4 مليار دج في سنة 2025 مسجلة ارتفاع بـ 343.77+ مليار دج، وتوقع نفقات بـ16794.613 مليار دج وإيرادات الميزانية بـ8523,1 مليار دج.
وبالنسبة للجباية البترولية، يتوقع أن تصل إلى حدود 453.96 3 مليار دج سنة 2025 مقابل مبلغ 512,34 3 مليار دج في سنة 2024. أما تقدير سعر السوق لبرميل النفط الخام، فإنه يفوق 81.5 دولار أمريكي للبرميل في توقعات الإغلاق لسنة 2024، بينما السعر المرجعي للبترول حدد بـ60 دولار للبرميل.