طباعة هذه الصفحة

المحارب العنيـد الـذي قاتل الاحتلال حتى الرمق الأخـير

يحيى السنـوار.. من الأســر إلى الاستشهاد

أمضى في السجون الصهيونية 23 عاماً، ولمّا خرج إلى قطاع غزة، استمرّ حاملا للواء المقاومة ككل القادة الذين سبقوه، فاستُشهد بين أبناء شعبه في بذلته العسكرية التي يحب، ممتشقاً بندقيته، ومشتبكاً مع قوات الاحتلال في رفح حتى النّفس الأخير.
الشهيد يحيى إبراهيم السنوار، الرَّجل الذي مثّل عقدةً للكيان الصهيوني عبر أجهزة أمنه واستخباراته لسنوات طويلة، عيّن في 6 أوت الماضي رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس، خلفا لإسماعيل هنية، الذي تم اغتياله بالعاصمة الإيرانية طهران، في 31 جويلية، بهجوم صهيوني.
وتعتبر سلطات الاحتلال السنوار، مهندس عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها فصائل فلسطينية بغزة، بينها حماس و«الجهاد الإسلامي”، ضد مستوطنات وقواعد عسكرية صهيونية محاذية للقطاع في 7 أكتوبر 2023، ما تسبب في خسائر بشرية وعسكرية كبيرة للكيان، وأثر سلبا على سمعة أجهزته الأمنية والاستخباراتية على المستوى الدولي.
نتيجة لذلك، أعلن الاحتلال أن القضاء عليه يعد أحد أبرز أهداف حرب الإبادة الجماعية الحالية على غزة، فيما كشفت قنوات إعلامية صهيونية أن جهاز الاستخبارات الداخلية “الشاباك” شكّل وحدة خاصة لاغتياله.

محـاولات اغتيال سابقـة

وسابقا، نجا السنوار، الملقب بـ«الرجل الحي الميت” من عدة محاولات لاغتياله، منها محاولة في 11 أفريل 2003 بواسطة زرع جسم ملغم في جدار منزله بمدينة خان يونس جنوبي غزة، وأخرى في ماي 2021 خلال الحرب الصهيونية الرابعة على غزة.
وخلال الأشهر الماضية، قال الجيش الصهيوني، مرّات عدة، إنه يقترب منه، لكن المطلوب الأول في الكيان نجا في كل مرة، ورغم اختفاء السنوار منذ بدء حرب الإبادة على غزة، إلا أنه ظهر في 4 مناسبات عبر بيانات ورسائل رسمية، ففي 28 أكتوبر 2023، أصدر بيانا أعلن فيه جهوزية حركته لصفقة تبادل أسرى مع الاحتلال، كما وجّه رسالة إلى الأمين العام الراحل لـ«حزب الله” اللبناني حسن نصر الله، لشكره على مشاركته في المواجهة ضد الاحتلال ضمن معركة “طوفان الأقصى”، وهي الرسالة التي أكد “حزب الله” تلقيها في 13 سبتمبر.
وبعدها بثلاثة أيام، وبالتحديد في 16 سبتمبر، وجه السنوار رسالة إلى زعيم جماعة “الحوثي” باليمن عبد الملك الحوثي، بارك فيها وصول صواريخ الجماعة إلى “عمق الكيان متجاوزة طبقات الدفاع ومنظومات الاعتراض”.

مولـده ونشاطـه

ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار، في 19 أكتوبر 1962، في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين جنوبي غزة.
تعود أصول عائلته إلى مدينة مجدل عسقلان، الواقعة جنوبي الكيان، حيث هجروا منها قسرا عام 1948، درس في مدارس خان يونس حتى أنهى المرحلة الثانوية، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية في غزة، ويحصل منها على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، وفي عام 1985، أسس السنوار الجهاز الأمني الذي عُرف باسم “المجد” آنذاك.
ساعد النشاط الطلابي السنوار، على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في حماس، بعد تأسيسها عام 1987، ويجيد السنوار اللغة العبرية، وله العديد من المؤلفات والترجمات السياسية والأمنية، من أبرزها: كتاب “حماس التجربة والخطأ”، وكتاب “المجد” الذي يرصد عمل جهاز “الشاباك”.

اعتقالـه

في 1982، اعتقل الجيش الصهيوني السنوار، لأوّل مرّة، ثم أفرج عنه بعد عدة أيام، ليعاود اعتقاله مجدّدًا في العام ذاته، وحينها حُكم عليه بالسجن لـ6 أشهر بتهمة “المشاركة في نشاطات أمنية ضد الاحتلال”.وفي 20 جانفي 1988، اعتقلت سلطات الاحتلال السنوار وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة أربع مرات، بالإضافة إلى 30 سنة، بعد أن وجهت له تهمة “تأسيس جهاز (المجد) الأمني، والمشاركة بتأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة، المعروف باسم (المجاهدون الفلسطينيون)”.
وقضى السنوار 23 سنة متواصلة داخل السجون الصهيونية، منها نحو 4 سنوات في العزل الانفرادي، وخلال فترة سجنه الطويلة، تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لصهيونية دورات عدة. وقاد سلسلة من الإضرابات عن الطعام للمطالبة بحقوق الأسرى.
وفي 11 أكتوبر 2011، أطلقت سلطات الاحتلال سراح السنوار ضمن صفقة لتبادل الأسرى مع حماس، عُرفت باسم “صفقة شاليط”.

قيــادة حمــاس بغـزة

عقب خروجه من السجن في 2011، شارك السنوار في الانتخابات الداخلية لحركة حماس في 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتولي مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري “كتائب القسام”، وفي 2012، تزوج السنوار، وأنجب ولدين هما إبراهيم وعبد الله وبنتا تدعى رضا.
وفي سبتمبر 2015، أدرجت الولايات المتحدة، السنوار في لائحة “الإرهابيين الدوليين”، فيما وضعت الأجهزة الأمنية الصهيونية السنوار، على قائمة المطلوبين للتصفية في غزة.
وفي 2017، وقع الاختيار على السنوار، لتزعم حماس في غزة، ثم لخلافة هنية، رئيسا للمكتب السياسي للحركة في أوت الماضي.