طباعة هذه الصفحة

“كناس” نظّمت أصبوحة توعوية حول “حوادث العمل”

قـسـنطينـة.. الحماية من المخاطر المهنية ضرورة حيويّة

قسنطينة: مفيدة طريفي

تفعيل آليات الرقابة للالتزام بحماية العمّال في الورشات

هناك من يهمل معدّات الحماية رغم تكلفتها البسيطة

كشف المدير المركزي للوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، الدكتور مطاري جمال الدين، أنّ “22 بالمائة من حوادث العمل على المستوى الوطني تحدث في قطاع البناء والأشغال العمومية منها 37 بالمائة مميتة”، والتي تعود إلى عدم التزام القواعد والمعايير المطلوبة لحماية العمّال من المخاطر المهنية التي تواجهه على مستوى ورشات البناء.

وعلى هامش صباحية توعوية نظّمت من طرف صندوق التأمينات الاجتماعية للعمّال الأجراء كناس قسنطينة، نهاية الأسبوع المنصرم، شدّد مطاري على ضرورة تفعيل كافة الميكانيزمات والآليات الرقابية التي تضمن التفاعل الإيجابي لأرباب العمل ومرافقتهم للمساهمة في ترقية حماية العمّال داخل الورشات، حيث أعرب عن قلقه العميق إزاء خطورة الوضع في قطاع البناء والأشغال العمومية والذي وصفه بالحرج وحتى المأساوي، نتيجة الإهمال وعدم الامتثال للوائح المعمول بها، كما لم يتردّد في وصف ما يحدث على مستوى الورشات بـ«المجزرة”.
وأكّد المتحدّث على خطورة الوضع من خلال عرض صور صادمة توضّح الحوادث الخطيرة التي يواجهها العمّال على مستوى الورشات، وتُظهر تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في قطاع البناء الذي يتميّز بتنوّع المخاطر المهنية التي يتعرّض لها العمّال يومياً، وأضاف أنّ معدّات الحماية على الرغم من كونها غير مكلّفة، غالباً ما يتمّ إهمالها، مطالبا أصحاب العمل على الاستثمار في هذه المعدّات بدلاً من دفع الضرائب، والذي سيعزّز شعور الانتماء لدى الموظفين إلى الشركة، مشيرا إلى غياب الفحوصات الطبية الإلزامية للعمّال، سواء عند التوظيف أو بشكل دوري.
ودعا مطاري الشركات إلى التعاون مع القطاع العام، حيث تكون الاستشارات الطبية قليلة التكلفة”، محذّرا أيضاً من خطورة عدم الإبلاغ عن بدء العمل في الورشات، وهي الثغرات الأمنية المتزايدة في قطاع البناء والأشغال العامة والتي تفرض الحاجة إلى اتخاذ تدابير صارمة وإرادة سياسية قويّة لضمان حماية العمّال وتقليل عدد المآسي بالورشات.
من جهتها، أوضحت مسؤولة خلية الوقاية بـ«كناس”، مفيدة بيروك، مدى خطورة الوضع من خلال تحليل أرقام تقرير يغطّي حوالي أربع سنوات ماضية بين عامي 2021 والنصف الأول من عام 2024، والتي أظهرت الإحصاءات تطوّراً مقلقاً في عدد حوادث العمل في قطاع البناء، على سبيل المثال، تمّ تسجيل 2133 حادث عمل في عام 2021، منها 402 حادث في قطاع البناء، ممّا يمثل 21.03٪ من إجمالي الحوادث، وفي عام 2022.
ورغم انخفاض العدد الإجمالي قليلاً إلى 2123 حادثة، سجّل قطاع البناء 314 حادثة، أيّ بنسبة 16.38٪. في عام 2023، تمّ تسجيل ارتفاع مع 2286 حادثة، منها 373 في قطاع البناء (18.26٪) على الرغم من جائحة كورونا، لا تزال هذه الأرقام مقلقة.
وأضافت المتحدّثة، أنّه في النصف الأول من عام 2024، تم تسجيل 783 حادثة، منها 191 في قطاع البناء، أيّ بنسبة 28.21٪. في الإجمال، شهدت السنوات الأخيرة تسجيل 7325 حادثة عمل، منها 1280 حادثة في قطاع البناء، ممّا يمثل نسبة إجمالية قدرها 19.55٪. النسبة المقلقة هي نسبة الوفيات، حيث تمّ تسجيل 25 حادثة مميتة في عام 2023، منها 13 في قطاع البناء (65٪) وفي النصف الأول من عام 2024، تم تسجيل 11 حادثة مميتة، منها 5 في قطاع البناء (55.55٪). منذ عام 2021، تم تسجيل 72 حادثة مميتة، منها 33 في قطاع البناء، أيّ بنسبة 56.89٪. تفرض هذه الأرقام ضرورة ملحّة لتعزيز الوقاية والتدريب على السلامة في قطاع البناء، حيث لا يزال عدد الحوادث الخطيرة والمميتة مقلقاً.
هذا وقد أكّدت أنّ صاحب العمل قانونياً، بموجب القانون 88-07 المؤرّخ في 26 جانفي 1988، يلتزم بضمان النظافة والسلامة والطب المهني لعمّاله ومع ذلك يتم تسجيل غياب سياسة وقائية لدى بعض أصحاب العمل وعدم الامتثال لقواعد السلامة، لتشدّد “بيروك” على أنّ “الخطر الصفري لا وجود له”، وأنّ وضع سياسة وقائية فعّالة في قطاع البناء يُعدّ معقّداً بسبب تنوّع المشاركين في عملية البناء على غرار أصحاب المشاريع، المقاولين، الشركات من مختلف الأحجام والقطاعات، ولهذا السبب، يجب دمج تدابير الوقاية منذ مرحلة التصميم والتخطيط للمشاريع.