”عـدل 3”..كـلّ شيـئ جاهز وبداية التنفيـذ قريبــا
إعـداد “قبلـي” لعقود ملكية الأوعية العقاريـة المحتضنـة للسّكنـات
تقليـص آجـال إطلاق المشاريع وتسديد مستحقات المتعاملين دون تأخـير
استحداث آلية الادّخــار السّكني المقنّـن لتنويع مصادر تمويل المشاريع السّكنية
أكثر من 19 ألــف مؤسّسة مؤهّلة لإنجـاز سكنـات بمقايـيس دوليــة
اتّخذت وزارة السكن العديد من الخطوات الفعلية لإطلاق برنامج مليوني سكن، وهو جزء من تعهّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمام الجزائريين لتعزيز جودة الحياة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتحقيق تنمية مستدامة في البلاد. وتتطلّع وزارة السكن لتحقيق إنجازات ملموسة في مجال الإسكان بحلول 2029، من خلال استكمال الوحدات السكنية المتبقية من برنامج مليون وحدة مستهدفة في الخماسي الأول (2019-2024)، وتوسيع المشاريع السكنية بإنجاز وحدات إضافية، وفقا للزيادة السكانية والمتطلبات السكنية المسجلة على كامل التراب الوطني.
دخلت وزارة السكن والعمران والمدينة في اجتماعات ماراطونية مع المديرين التنفيذيين التابعين للقطاع، لضبط مخطط عمل القطاع بالنسبة للفترة الممتدة من 2025 إلى 2029، وتنفيذ التزامات رئيس الجمهورية في قطاع السكن، باستكمال مشاريع المتبقية من البرنامج الأول قبل نهاية العام، وإنجاز مليوني وحدة سكنية جديدة بينها سكنات البيع بالإيجار “عدل” في نسختها الثالثة، والتي ينتظرها آلاف الجزائريين بشغف كونها تلبي أكبر عدد من الطلبات المودعة من قبل الطبقة المتوسطة خاصة فئة الشباب، وقد قطعت الوزارة الوصية مراحل متقدمة من المشروع، حيث تمّ - لأول مرة وبطريقة استباقية - تحضير الأوعية العقارية لتوطين هذه المشاريع في أكثر من ولاية، وهو ما جعل المشروع يولد وهو يحمل بذور نجاحه قبل انطلاقه.
استكمال البرامج السكنية المسجلة، وإطلاق برنامج جديد بقوام مليوني وحدة سكنية في الجزائر بحلول 2029، يعد خطوة مهمة نحو تحسين الظروف المعيشية للجزائريين، وعلى هذا الأساس، تطلّب الأمر معالجة التحديات القائمة بجدية وفاعلية من قبل مسؤولي الوزارة الوصية، عن طريق تفعيل الجهود المشتركة والتخطيط الدقيق.
وفي هذا السياق، ترأّس وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي، ثلاثة اجتماعات تقنية مهمة، في أقل من شهر، جمعته مع المدراء التنفيذيين التابعين للقطاع، بالإضافة إلى مدراء دواوين الترقية والتسيير العقاري وكذا رؤساء المصالح المكلفة بالتحكم في المشاريع بـ 15 ولاية، كما عرفت الاجتماعات مشاركة المديرين الجهويين لوكالة عدل، وتمت مناقشة التحديات المنتظرة لاستكمال المشاريع السكنية، وإطلاق المشاريع الجديدة.
وشكّل ملف توطين البرنامج الخماسي 2024-2029 الذي أقرّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المقدّر بمليوني وحدة سكنية من مختلف الصيغ، محور اهتمام الوزير، حيث أمر بإطلاق أشغال توطين البرنامج مباشرة بعد المصادقة على قانون المالية 2025، وطالب مسؤولي المديرية العامة للسكن بالتنسيق مع المديرية العامة للتعمير والهندسة المعمارية والبناء بإعداد جدول لعملية انطلاق المشاريع لعام 2025، وكذا جدول خاص بعملية توزيع السكنات، خاصة خلال المحطات التاريخية المهمة (05 جويلية والفاتح نوفمبر).
وبهدف تسريع تجسيد البرامج المنجزة لسنتي 2023 - 2024، أمر الوزير بتقليص آجال الانطلاق والإنجاز، والعمل على تسديد كل مستحقات المتعاملين في وقتها بدون أي تأخير، وهذا إجراء من شأنه الحفاظ على وتيرة تسمح باحترام مواعيد تسليم السكنات للخماسي 2025-2029 تجسيدا لبرنامج المليوني سكن.
أغلفـة ماليـة مرصـودة
يعتبر ضمان التمويل من أكبر التحديات التي تواجه تنفيذ أي مشروع، وعلى هذا الأساس، عملت السّلطات العمومية على تأمين الميزانية الكافية لمشاريع البناء، سواء الجاري استكمالها أو تلك التي سيتم إطلاقها بداية من العام القادم، فنجاح أي مشروع يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تخصيص الموارد المالية اللازمة وتحقيق التوازن بين الإنفاق الاستثماري والالتزامات الأخرى.
يقترح مشروع قانون المالية 2025 لتغطية العمليات والمشاريع الجاري إنجازها مبلغا قدره 1432.67 مليار دينار كاعتمادات دفع، أي 45.8 بالمائة من إجمالي نفقات الاستثمار، منها أكثر من 93 بالمائة على مستوى 10 محافظ، حازت محفظة وزارة السكن على نسبة 17.3 بالمائة منها.
أمّا بالنسبة للبرنامج الجديد، يرتقب في عام 2025 تسجيل عمليات جديدة برخصة التزام تقدّر بـ 1844.86 مليار دينار، واعتمادات دفع بـ1446.97 مليار دج، وهو ما يمثل على التوالي 83.6 بالمائة و46.3 بالمائة من إجمالي نفقات الاستثمار، يستفيد قطاع السكن بنسبة 22.2 بالمائة منها، وهو ما يعني رفع حجم التمويل لتنفيذ مختلف المشاريع المسجلة برسم هذا العام الذي سيعرف إطلاق برنامج جديد يتضمن مليوني وحدة سكنية بمختلف الصيغ، منها سكنات البيع بالإيجار “عدل 3”.
واستحدثت الدولة آلية الادخار السكني المقنن المندرج في إطار ورقة الطريق الجديدة لقطاع السكن، والتي تعتمد على خطة عمل تمويل السكن تأخذ في الحسبان الاستعمال الأمثل لموارد الميزانية، وتقوم على استقطاب المدخرات وكذا إنشاء البنك الوطني للإسكان، بحيث تخصّص الودائع المحصلة من الادخار السكني المقنن أساسا لتمويل برامج السكن العمومي التي تبادر بها الدولة، وتدعمها بصفة مباشرة أو غير مباشرة في اطار بناء السكنات، كما يمكن أن يتم تخصيص جزء من الأموال لاستعمالات أخرى بموجب قرار مشترك بي وزير المالية ووزير السكن.
جدير بالذكر، أنّ الادّخار السكني المقنّـن موجّه للأشخاص الطبيعيين والمعنويين المقيمين وغير المقيمين الحاملين للجنسية الجزائرية، وتسمح ودائع الادّخار السّكني المقنن بزيادة مصادر تمويل المشاريع السكنية وتنويع استخداماتها.
وحرصا على مرافقة طالبي السكن المدعم واستكمال التركيبات المالية، قامت الدولة بوضع الترتيبات اللازمة لمنح قروض بفوائد ضئيلة، ناهيك عن التخفيضات ما بين 80 بالمائة إلى 100 بالمائة على قيمة الأوعية العقارية الموجهة لتوطين البرامج السكنية، ويهدف استمرار تقديم دعم الدولة لقطاع السكن، وتنويع مصادر تمويله الإبقاء على الطابع الاجتماعي للسكن كمبدأ أساسي للدولة الجزائرية.
وفي هذا السياق، وبهدف الاستجابة لاحتياجات كل فئات المجتمع، أنجز قطاع السكن برنامجا واسع النطاق، يشمل صيغا مختلفة موجهة للحصول على الملكية أو الإيجار. كل هذا لتمكين المواطنين من الحصول على سكن لائق وبأسعار تتماشى والقدرة الشرائية لكل فئة، إضافة إلى تخصيص إعانات عمومية توزع وفقا لمعايير اقتصادية واجتماعية محددة مسبقا.
وتتمثل الصيغ السكنية المختلفة التي بادرت بها الدولة والممولة كليا أو جزئيا من خزينة الدولة، والتي خصّت جميع فئات الأجور في السكن العمومي الإيجاري، السكن الاجتماعي، الموجه لذوي الدخل الضعيف، والذي يقل عن 175 دولار، السكن الترقوي المدعم، وهو مخصص لذوي الدخل المتوسط المتراوح ما بين 175 و876 دولار السكن بصيغة البيع بالإيجار الموجه لأصحاب الدخل المتراوح بين 175 و876 دولار السكن الترقوي العمومي / الترقوي الحر، الموجّه لذوي الدخل الميسور يفوق 876 دولار، السكن الريفي، وهي الصيغة التي نالت حصة الأسد، وهي عبارة عن إعانات مالية تقدّمها الدولة تبلغ قيمتها 5110 دولار بالنسبة لسكان الشمال، و7300 دولار بالنسبة لقاطني الهضاب العليا والجنوب، الأمر الذي من شأنه تثبيت السكان في المناطق الداخلية، وخلق بيئة اقتصادية من شأنها جعل هذه المناطق مناطق خلاقة للثروة.
تعبئـة العقـار في أكثر مـن 11 ولايـة
تحسّبا للشروع في تجسيد البرنامج الخماسي 2024-2029 بحجم 2 مليون وحدة سكنية التي أقرّها رئيس الجمهورية، اتّخذت وزارة السكن إجراءات استباقية أخرى، تتمثل في توفير الأوعية العقارية المستقبلة لهذه البرامج السكنية بجميع الصيغ، من ضمنها الصيغة الخاصة بصيغة “عدل 3” والشّروع - بصفة استباقية - في إعداد الملفات ذات الصلة لإعداد عقود ملكية هذه الأوعية وفقا للحصة التي سيتم تحضيرها في قانون المالية لكل عام، لاسيما قانون المالية لعام 2025.
وأنهت وزارة السكن تعبئة العقار على مستوى 11 ولاية، هي باتنة، الجزائر، تيزي وزو، المدية، جيجل، برج بوعريريج، سطيف، البليدة، تيبازة، المسيلة، عين الدفلى، بمساحة تزيد عن 14 ألف هكتار تابعة لأملاك الدولة تمكّن من استيعاب البرنامج الهائل للسكنات التي تعهّد بإنجازها رئيس الجمهورية في العهدة الرئاسية الجديدة، وتلبّي طموحات الجزائريين في امتلاك سكن لائق يحفظ كرامتهم، خاصة وأنّ الحصول على سكن هو حق كرّسه الدستور الجزائري، وتجلى على أرض الواقع من خلال البرنامج الطموح للمخطط الخماسي 2020-2024 الذي قوامه مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، والبرنامج الثاني الممتدة إلى 2029 وقوامه مليوني وحدة سكنية.
أما بخصوص برنامج “عدل 3” الذي انطلق الاكتتاب فيه شهر جويلية الماضي، وتجري عملية غربلة وتمحيص الملفات من طرف الجهات الوصية، لضبط عدد الطلبات المودعة المقبولة، فتمّ توفير الأوعية العقارية الخاصة بتوطين أو احتضان هذا البرنامج، في سابقة أولى، عبر 16 ولاية، بفضل تجنّد مديري التعمير والهندسة المعمارية والتنسيق المحكم مع ولاة الجمهورية عبر كافة ربوع الوطن.
وفي هذا السياق، أمر وزير السكن، المدير العام للتعمير والهندسة المعمارية والبناء بضرورة إيفاد مديرين من الوزارة، ومعاينة جميع الأوعية العقارية من أجل تخطيط حضري منسجم ومستدام بالنظرة المستقبلية وفقا لهندسة معمارية حديثة، مع العمل المتواصل على تحيين البطاقية الوطنية للسكن كونها الوسيلة الوحيدة لكل من يحاول الاحتيال والحصول على سكن ليس من حقه، خاصة وأنّ القطاع يعمل بالنظام المعلوماتي المشترك مع القطاعات الأخرى.
سبعينية الثّورة..توزيع عدد معتبر من السّكنات
تقترب وزارة السكن من “طي “ ملف “عدل 2”، حيث انتهت العديد من الولايات من توزيع برنامج السكنات بهذه الصيغة (ربع مليون وحدة سكنية فقط بمناسبة 5 جويلية 2024)، وبقيت بعض الحصص بكل من ولايات شلف، تلمسان، سيدي بلعباس، مستغانم، وهران، سيتم توزيعها بمناسبة سبعينية الثورة، وقد دأب قطاع السكن على تخليد المناسبات الوطنية والتاريخية بإدخال الفرحة على مئات الآلاف من العائلات الجزائرية بمنحها سكنات لائقة وبجميع الصيغ السكنية، وإعانات مالية لسكان الأرياف والمداشر والقرى.
ويعد قطاع السكن والعمران والمدينة، حلقة قوية في السلسلة الاقتصادية لما له من تداعيات إيجابية على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وكذا على التنمية البشرية.
وبفضل الدعم المتواصل لهذا القطاع التنموي، تم توزيع 1.7 مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ مع نهاية 2024، ما مكّن آلاف الجزائريين من الحصول على سكنات لائقة وميسورة، وهو ما يعكس المجهودات الجبارة للسلطات العمومية لتلبية حاجيات المواطن الاجتماعية، وتحسين ظروف المعيشة عبر كامل التراب الوطني.
وبفضل السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تمّ تقليص العجز المسجل في مجال السكن والقضاء على السكن الهش بشكل ملموس، حيث أنّ تجسيد كل هذه البرامج مكّن من تحسن ملحوظ في نسبة شغل السكن (TOL) بحيث انتقل من 5.6 بالمائة سنة 2000 إلى 4.4 بالمائة سنة 2011 ليصل إلى 4.25 بالمائة سنة 2023، وتصبو الجزائر إلى خفضه إلى ما دون 4 بالمائة في آفاق 2025.
سلسلة الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية، خلال آخر خمس سنوات، ساهمت كذلك - وبشكل فعلي - في تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال مواد البناء، الأمر الذي خلق بيئة مناسبة للاستثمار في قطاع السكن، وفي هذا الشأن، بلغت طاقة إنتاج الإسمنت 38 مليون طن سنويا و06 مليون طن من حديد الخرسانة و40 مليون طن من الأجر والمواد الحمراء وأكثر من 210 مليون م2 من الخزف و4.6 مليون م2 من الرخام والغرانيت..إلخ، وهذا ما جعل الإنجازات في مجال السكن يتم تشييدها بمواد ومدخرات بناء جزائرية خالصة، ووسائل إنجاز، ودراسات وطنية 100 بالمائة.ويحصي قطاع السكن أكثر من 19 ألف مؤسسة إنجاز مصنّفة ومؤهلة، وما يقارب 9 آلاف مرقى عقاري معتمد و9 آلاف مهندس معماري معتمد و3 آلاف مهندس مدني معتمد، يتأهّبون للإشراف - كل في مجال اختصاصه - على المشاريع الجديدة وتنفيذها مع احترام التكلفة والآجال والجودة حسب المعايير والمقاييس الدولية، كما أن هذا الكم الهائل من الكفاءات والمؤهلات تجعل الجزائر على استعداد لتصدير خبرتها ووضعها تحت تصرف البلدان الشقيقة والصديقة، ومرافقتها في إطار مختلف البرامج التنموية بالجودة والنوعية المطلوبة.