طباعة هذه الصفحة

خـبراء اقتصاديّون يشيـدون بأهميـة القرارات المتّخذة

المشاريع المنجمية الكبرى تعزّز التّنويع الاقتصادي

خالدة بن تركي

 أكّد خبراء في الاقتصاد أنّ توجيه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بتحريك المشاريع المنجمية المهيكلة، يعتبر جزءا حيويا من استراتيجية الحكومة لتعزيز التنويع الاقتصادي، خاصة وأنّ قطاع المناجم يعتبر من الصناعات الاستخراجية الذي يعول عليه في رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات بالجزائر.

 قال الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي في تصريح لـ “الشعب”، إنّ قرار رئيس الجمهورية بتحريك هذه المشاريع جاء لأجل الاستفادة منها بشكل أمثل، كما وجّه تعليمات في اجتماعات سابقة بضرورة تنسيق الجهود وتكثيفها للدفع أكثر بها، ويتعلق الأمر بمنجم الحديد الواقع بالجنوب الغربي للجزائر غارا جبيلات بتندوف، منجم الزنك والرصاص بمنطقة بجاية واد اميزور ومنجم الفوسفات بلاد الحدبة “تبسة”.
وتابع الحيدوسي يقول إنّ قطاع المناجم يمتلك إمكانات كبيرة من شأنها المساهمة في دعم النمو الاقتصادي وجلب استثمارات أجنبية، وكذا دعم الصادرات خارج المحروقات، والرفع من احتياطي الصرف، بالإضافة إلى إسناد القطاعات الاقتصادية الأخرى ودعم الإنتاج بها على غرار الفلاحة، الصيد البحري، النقل، الميكانيك والتكنولوجيا الحديثة.
يساهم هذا القطاع الحيوي - يقول محدّثنا - في تحقيق النمو الصناعي الذي تطمح من خلاله الجزائر إلى رفع الناتج الإجمالي في السنوات القادمة، فمثلا غارا جبيلات يعد من أحد أكبر المناجم في العالم، والثالث من حيث احتياطي الحديد الخام القابل للاستغلال، كما أنه من المشاريع المهيكلة التي يعوّل عليها لإعطاء دفع للاقتصاد وتنويعه، ويمكن أن يزوّد هذا المشروع الجزائر بموارد هائلة من الحديد الضروري، خاصة وأن العديد من الشركات الوطنية تعمل على تحويل خام الحديد إلى منتوجات نهائية، سواء بالشراكة مع أجانب مثل قطر وتركيا، أو مؤسسات عمومية يتم إنجازها وتوزيع الشراكة مع قطر - الجزائر وتركيا - الجزائر، وستصل الجزائر إلى حدود 8 مليون طن من خام الحديد، مما يسمح لهذا المنجم بتوفير كمية كبيرة من الحديد لفائدة هذه الشركات.
وأوضح الخبير أنّ دخول غارا جبيلات حيز الاستغلال باستعمال خط السكة الحديدية آفاق 2026 يسمح بتقليل الواردات من خام الحديد، ورفع صادرات الحديد كمنتوج نهائي، وذلك لامتلاك الجزائر ميزة تنافسية في هذا المجال، خام الحديد طاقة رخيصة وتكلفة يد عاملة منخفضة مقارنة بدول الجوار أو العالم، كل هذه العوامل تسهم في تحقيق ميزة تنافسية لتصدير المنتوج إلى الأسواق الدولية، كما أنّه خيار استراتيجي لتنويع الموارد المالية خارج المحروقات، واستحداث مناصب الشغل لخرّيجي الجامعات، فضلا عن مساهمته في تطوير الاقتصاد الوطني من خلال إنتاج المادة الأولية، وكذا تقليص فاتورة الاستيراد.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أنّ منجم الزنك والرصاص تالة حمزة بواد اميزور بولاية بجاية، يعد مشروعا هاما لتلبية الطلب المحلي والعالمي على المعادن المستخدمة في الصناعات المختلفة، خاصة في مجال السيارات والالكترونيات، وحتى في مجال البناء، تنفيذ هذا المشروع يسمح بفتح آفاق مستقبلية بالغة، وذلك برفع الايرادات خارج قطاع المحروقات، وتعزيز ورفع القدرات المنجمية للبلاد، وخلق قيمة مضافة لدعم تنويع الاقتصاد الوطني.
ويساهم منجم الفوسفات ببلاد الحدبة جنوب تبسة، في تعزيز صناعة الأسمدة بالجزائر، كما يمكن من خلال تطوير هذا المنجم أن تصبح الجزائر لاعبا مهما في تصدير مادة الفوسفات وزيادة الصادرات خارج المحروقات وتوفير مناصب شغل، باعتبار هذه المشاريع المهيكلة لها تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، كما سيتيح توسيع وتنويع النشاطات الاقتصادية والتجارية على المستويين المحلي والوطني.

مشاريــع كـــبرى

 من جهته، أكّد الخبير الاقتصادي بوشيخي بوخوص أن المشاريع المنجمية الثلاثة ذات أهمية قصوى للجزائر، وذلك لأنها تساهم في تنويع المداخيل، حيث أن منجم غارا جبيلات يحتوي على احتياطي يقدر بـ 3.5 مليار طن حديد يضع الجزائر من الدول الرائدة في مجال الحديد والصلب.
والمعروف أنّ الجزائر تملك ثلاث مناطق في ولاية تندوف غارا جبيلات غرب، غارا جبيلات وسط، غارا جبيلات شرق، وعملية الاستخراج تتم في موقع واحد وهو غارا جبيلات غرب، والذي يحتوي وحده على 1.5 مليار طن حديد تراب متاح للاستخراج مثل الرمال، وتمر العملية عن طريق الاستخراج ثم التفتيت والغربلة، ويصبح مستخرج الحديد جاهزا من الصهر في الفرن العالي، وإنتاج المادة الأولية من الحديد القابلة للتحويل إلى ورشة الدرفلة لاستخراج حديد الخرسانة البناء والحديد المسطح المخصص في صناعة الأنابيب وصناعة السيارات والسباكة عامة .
ونظرا لأهمية هذه المشاريع بالنسبة للاقتصاد الوطني، دعا رئيس الجمهورية الحكومة إلى الإسراع في تهيئة الظروف والبيئة المناسبة من أجل تمكين شركة سونارام الانطلاق الفعلي في استخراج مستخرج الحديد، وأيضا شركاءها سواء الشركات الاجنبية المنتظرة أو القطاع الخاص الذي يرغب في دخول ميدان المناجم.
ستخصّص العملية الأولى - يضيف المتحدث - للاستخراج والبيع على الحالة، ممّا يساهم في استحداث 25 ألف منصب عمل على الأقل،  وبناء مدينة جديدة كقاعدة حياة لهذا المنجم، لذا شدّد رئيس الجمهورية على تكاثف الجهود لخلق البيئة المناسبة لانطلاق المشروع، هذا بالإضافة إلى خط سكك حديدية 950 كلم، الذي يمر على ثلاث ولايات بشار، بن عباس وتندوف من أجل نقل مستخرج الحديد من تندوف إلى بشار.
وأضاف الخبير: في ولاية بشار تمّ الانطلاق في بناء مركب الحديد والصلب بمبلغ مليار دولار، في انتظار إنتاج الحديد ومشتقاته، كما سينقل النقل البري حوالي 2 مليون طن سنويا من تندوف إلى بشار، ثم عبر القطار الموجود من بشار إلى وهران بمركب توسيالي للحديد والصلب، والذي يستورد حاليا الحديد من أستراليا وجزءاً من الخردوات المحلية في إطار التدوير، أي صهر الحديد الذي تقوم شركات الصغيرة بعمليات تجميعه من الطبيعة أو المعدات والسيارات القديمة.
كما أعلن رئيس الجمهورية عن وجود مورد جديد يتم الحصول عليه من العملة الصعبة، وهو في البداية تصدير مستخرج الحديد والذي يمكن أن يحقّق للدولة 3 مليار دولار سنويا، وفي حالة اكتمال بناء مركب الحديد ببشار، وأيضا إعادة بعث مصنع الحجار عنابة سيدي عمار وأيضا مركب بلارة في جيجل، مع الأشقاء القطريين، ومصنع توسيالي وهران مع الأشقاء الأتراك، يمكن للجزائر أن تستحوذ على حصة كبيرة في السوق العالمي للحديد والصلب بإيردات سنوية تقدّر بـ 18 مليار دولار.أمّا مشروع أميزور للزنك والرصاص ببجاية، فقد عرف تأخرا كبيرا، وتم إعادة إطلاقه بتعليمات وتوجيهات الرئيس عبد المجيد تبون، وسيساهم في استحداث 5000 منصب عمل، في حين يستخرج سنويا 250 ألف طن سنويا، ويمكن أن يحقّق رقم أعمال يتجاوز 300 مليون دولار، مع ربح صافي يقترب من 100 مليون دولار.
لذا، شدّد رئيس الجمهورية على الحكومة توفير كل الشروط للانطلاق الفعلي في هذا المشروع، وكذلك مشروع الفوسفات في تبسة، ممّا يعكس رغبة الرئيس في تنويع الصادرات، وبلوغ 30 مليار دولار خارج المحروقات.