قال مصدران مطلعان على عمليات حزب الله اللبناني، إنه يستعد لحرب استنزاف طويلة في جنوب لبنان، عبر اختياره قيادة عسكرية جديدة تدير الحرب مع الكيان الصهيوني.
وأوردت أربعة مصادر مطلعة على عمليات حزب الله، إن الأخير مازال يملك مخزونا كبيرا من الأسلحة، ومن بينها أقوى صواريخه الدقيقة التي لم يستخدمها بعد. وقال المصدران، وأحدهما قائد ميداني في الحزب والثاني مقرب منه، إن قيادة حزب الله شكلت “غرفة عمليات” جديدة بعد 72 ساعة من استشهاد نصر الله.
وذكر المصدران، أن مركز القيادة الجديد يعمل رغم الهجمات الصهيونية المتتالية، مما يعني أن المقاومين في جنوب لبنان قادرون على القتال وإطلاق صواريخ وفقا لأوامر القيادة المركزية. وقال مصدر ثالث، وهو مسؤول كبير مقرب من حزب الله، إن الجماعة تخوض الآن حرب استنزاف.
وقال القائد الميداني لحزب الله، إن المقاتلين يتمتعون بالمرونة في تنفيذ الأوامر “وفقا لقدرات الجبهة”. ووصف القيادة الجديدة بأنها “دائرة ضيقة” على اتصال مباشر بالميدان. ومن النادر أن يتحدث قائد ميداني من حزب الله إلى وسائل إعلام دولية.
وعبر نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله، الأسبوع الماضي، عن تأييده لجهود وقف إطلاق النار، لكنه قال إن قدرات الحزب “بخير”.
استهداف جديد لـ«اليونيفيل”
من جهة ثانية، أدى هجوم صهيوني جديد على قوات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، إلى سقوط جرحى، وسط تنديدات دولية واسعة باستمرار الكيان الغاصب في هجماته التي تستهدف هذه القوة الأممية.
وأعلنت الخارجية اللبنانية، أمس، أن هجوما صهيونيا جديدا على مقر الكتيبة السريلانكية في اليونيفيل بجنوب لبنان، أسفر عن سقوط جرحى، غداة هجوم مماثل أدى إلى إصابة جنديين إندونيسيين من القبعات الزرق بجروح.
وطالبت الوزارة في بيان، مجلس الأمن والمجتمع الدولي، بالتحقيق في استهداف اليونيفيل واتخاذ موقف حازم إزاء ذلك.
إدانـات واسعــة
وأثارت الهجمات الصهيونية على اليونيفيل قلقا دوليا، حيث قال البيت الأبيض، الخميس، “نشعر بقلق شديد إزاء التقارير عن إطلاق الكيان الصهيوني النار على مواقع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان”. وأكد أنه “من الضروري ألا تهدد القوات الصهيونية سلامة وأمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة”.
كما قال وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، إن “الأعمال العدائية المتكررة التي ترتكبها القوات الصهيونية ضد مقر اليونيفيل، يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وتمثل بالتأكيد انتهاكات خطرة للغاية لقواعد القانون الإنساني الدولي”.
بدورها، قالت الخارجية الفرنسية في بيان، “ننتظر إيضاحات من الكيان”. مشددة على أن “حماية القبعات الزرق هي واجب على كل الأطراف في نزاع”، معبرة عن إدانتها “أي تعدٍّ على سلامة قوة اليونيفيل”.
ورأت وزارة الخارجية الإسبانية، أن إطلاق النار “انتهاك خطر للقانون الدولي”، مطالبة الاحتلال “بضمان” أمن القبعات الزرق.
كما نددت إيرلندا، التي تشارك بنحو 370 جنديا في البعثة الأممية، بالهجوم واصفة إياه بإجراء “متهور” تجاه اليونفيل.
وأدانت وزارة الخارجية الصينية، الهجوم الصهيوني على مواقع اليونيفيل وأبراج الحراسة في لبنان. وحثت الأطراف المعنية، خاصة الكيان الصهيوني، على اتخاذ تدابير فورية لتهدئة الوضع وضمان سلامة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مطالبة بمنع الصراع في الشرق الأوسط من التوسع أو حتى الخروج عن نطاق السيطرة.
بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، أنّ على الاحتلال عدم تكرار إطلاق النار على قوة اليونيفيل في جنوب لبنان، مشدّدا على أنّه أمر “غير مقبول”.
لبنان يدعو إلى وقف الاحتلال
في الأثناء، دعا مندوب بيروت الدائم لدى الأمم المتحدة هادي هاشم، مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات لوقف الاحتلال الصهيوني للبنان “فورا”.
وأشار هاشم في كلمته بمجلس الأمن الدولي، الذي اجتمع، الخميس، لبحث التطورات في لبنان، إلى أن القوات الصهيونية تحاول غزو لبنان في انتهاك للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
تطبيـق القرار الأممي “1701”
في السياق، قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أمس الجمعة، إن “حزب الله” “شريك في حكومة البلاد وهو موافق على تطبيق القرار الأممي 1701”. كلام ميقاتي في كلمة بختام اجتماع مجلس الوزراء بالعاصمة بيروت، قال فيه إنهم طلبوا من وزارة خارجيته، تقديم طلب إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار بوقف تام وفوري لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701 الصادر في 11 أوت 2006.
وأكد ميقاتي، “التزام حكومة بيروت بتنفيذ القرار الأممي، لاسيما فيما يتعلق بنشر الجيش جنوب البلاد وتعزيز حضوره على الحدود، بما من شأنه أن يضمن تنفيذ ذلك القرار”.
وعن الحرب المتواصلة التي يتعرض لها بلده، ذكر ميقاتي أن لبنان “ضحية للغطرسة الصهيونية التي لا ترتدع وتنتهك سيادته أمام عيون العالم مستقويةً بالصمت المريب عن مجازرها”.
آلة القتل والدمار والتهجير.. مستمرة
تأتي هذه التطورات فيما تواصل القوات الصهيونية منذ 23 سبتمبر الماضي، عدوانها الشامل على لبنان والعاصمة بيروت، بشن غارات جوية غير مسبوقة. واستشهد، أمس، 11 لبنانيا بغارات استهدفت مبانيَ سكنيةً في محافظات بعلبك، الهرمل والنبطية والجنوب والبقاع شرق لبنان.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان منذ 8 أكتوبر من العام الماضي إلى 2169 شهيدا و10 آلاف و212 جريحا.
ويرد حزب الله يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات. وقد قتل صهيونيان، أمس، جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه مستوطنة يرؤون شمال فلسطين المحتلة، وفقاً لما أفادت به إذاعة جيش الاحتلال.