يفضّل العديد من التّجار من أصحاب محلات الأكل السريع على عرض جزء مهم من الأطعمة الموجهة للمستهلك خارج المحل على غرار وجبة “الشوارمة”، والتي تباع وتطهى تقريبا على باب المحل، بالإضافة إلى ظاهرة تحضير الشواء سواء تعلق الأمر بالسمك أو اللحوم البيضاء والحمراء على الرصيف، بل صارت ظاهرة معمّمة تضع صحة المستهلك في خطر دون أن يتم الوقوف على آثارها. وأكيد أنّ الأرقام التي كشفت عنها وزارة التجارة خلال الأسابيع القليلة الماضية عن حجم التسممات الغذائية، نسبة كبيرة منها مصدرها من تلك المطاعم التي تقدّم سموما في خدماتها.
هل سأل أحدكم ما هي نتائج الإقدام على اقتناء “سندويش شوارمة” داخل محل للأكل الخفيف بينما طهيها يتم تقريبا خارج المحل؟ والجميع يتّفق أنّ هذا الطّبق يحضر في الخارج وعلى واجهة الطريق الذي تكتظ فيه السيارات، وبالتالي تتلقى الكثير من الغبار وكذا دخان السيارات بالإضافة إلى الذباب الذي يدور حولها، ناهيك عن تلك المطاعم والتي تكتب على مداخلها “مخصّصة للعائلات”، غير أنّك وبمجرد أن تطلب سلطة وبطاطا مقلية ثم “بروشات من المشويات” تلمح أنّ العامل يتجه إلى خارج المطعم ليحضر الشواء في ذلك الفضاء الرحب خارج المحل ليلبي ما طلبته. ورغم تلك التجاوزات لم نقف يوما على إقدام مصالح الرقابة لإنهاء ظاهرة طهي الوجبات خارج المحل التجاري.
وعلى سبيل المثال تركيا التي لديها تقاليد عريقة في طهي “الشورمة”، وقفنا على حرص أصحاب المحلات في اسطنبول على تقديم هذه الأخيرة في ظروف صحية تكتسيها النظافة، فلا يوجد محل تجاري يعرضها على الرصيف وعلى باب المطعم.
أرجع “هاني”، شاب في منتصف عقده الثاني لديه محل بيع “شوارمة” و”سندوشات” رفقة شقيقه، إقدامهما على عرض هذه “الوجبة الخفيفة” عند باب المحل إلى ضيق المطعم الذي لا يتّسع للزبائن وكذا المشويات، ونفى أي خطورة على صحة المستهلك فيما يحضّرونه من وجبات خفيفة كون الشوارمة مباشرة أمام باب المحل ويفصلها عن طريق السيارات الرئيسي الرصيف الشاسع، وقال أن الذين يضعونها فوق الرصيف هم الذين يعرضون زبائنهم للخطر.
غير بعيد عن هذا المحل المخصص للأكل الخفيف بالعاصمة، يوجد مطعم للسيد “مرزاق”، تاجر خمسيني يحترف المهنة منذ أزيد من عقدين فقط يغيّر من محلاته عندما ينتهي عقد إيجاره، ويقدم الشواء والشوارمة، وجدناه يستولي على الرصيف، فحسبه يضطر إلى إخراج الشوارمة من أجل استقطاب شهية الأطفال والشباب بينما الشواء بالنسبة للكبار. ولم يكترث للخطورة قائلا أن هذه التجارة “شطارة” وبما أنّه قديم في المهنة لم يحدث أن تسمّم زبون تناول وجبة لدى مطعمه.
حاولنا التحدث إلى سيدة كانت تهمّ بطلب “الشوارمة” لطفليها اللّذين لا يتجاوزان سن العاشرة، فعندما لفتنا انتباهها للظروف التي تطهى وتعرض فيها تلك الشورمة، تساءلت عن دور الرقابة وغياب التحسيس في وسائل الإعلام، ولم تخف أنها لا يمكن أن تتنصّل من رغبة طفليها في تناول ما طلبناه لأنّهما شاهدا الجميع يقبل في طابور لتناول “الشوارمة” في حدود منتصف النهار.
من جهته السيد “موسى” نفى أنه موجود أمام المطعم لطلب “سندويتشا” لأنّه أوقف الأكل في الخارج منذ إصابته بقرحة المعدة وقبلها بتسمم غذائي بسبب تناوله لحساء في مطعم، بل يرافق صديقه الذي رغب في تناول وجبة خفيفة من الشواء بعد أن شعر بالجوع.