دعـوات لتوسيــع النقـاش إلى الاقتصاديين لتدقيـــق التحديـات الراهنة
التحصين من كافة التهديدات والمخاطر التي تستهدف اختراق سيادتنا ومصالحنا الحيويـة
يعكس الحوار الوطني الشامل الذي أعلنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بعد فوزه بعهدة ثانية، آمال وتطلعات الأحزاب السياسية، إذ تراه فرصة لتعزيز الديمقراطية وتحقيق الاستقرار، عن طريق معالجة جدية لجميع القضايا الأساسية المطروحة للنقاش، سواء السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية أو الأمنية، ومناسبة لالتفاف جميع القوى والأطياف حول قيادة رشيدة تؤسس لمرحلة جديدة من العمل السياسي، يضمن مصلحة الجزائر وشعبها ويحصنها من كافة التهديدات والمخاطر التي تستهدف اختراق السيادة أو محاولات النيل من المصالح الحيوية للأمة الجزائرية.
تَعهُّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإجراء حوار وطني شامل مع جميع القوى الوطنية في البلاد، بعد تنصيبه رئيسا للبلاد، مازال يستدعي اهتماما واسعا من قبل الأحزاب السياسية ويشكل محورا هاما ضمن نشاطاتها، وهو ما ظهر جليا في جميع لقاءات وأنشطة مختلف التشكيلات السياسية المبرمجة، نهاية الأسبوع. ويعكس هذا الاهتمام رغبة قوية من طرف الأحزاب المساهمة في إنجاح هذا المسعى، الذي يرمي إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في البلاد ويستجيب لمطالب متزايدة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية ووضع رؤية مشتركة لمستقبل الجزائر، تنطلق من تخطيط سليم للخيارات المستقبلية في كافة المجالات.
نواة مركزية صلبة لجزائر حديثة وناشئة
في هذا الصدد، صرحت رئيسة حزب تجمع أمل الجزائر فاطمة الزهراء زرواطي لـ «الشعب»، أن حزبها يعتبر نفسه جزءاً من الحوار الوطني الشامل الذي أعلنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من باب المسؤولية الوطنية والسياسية. وقد باشر في تنظيم لقاء الإطارات الولائية، بهدف إطلاق استشارة واسعة على مستوى القواعد المحلية، تكون مفيدة لتعزيز اللحمة الوطنية وصناعة أرضية توافقية لحاضر ومستقبل الجزائر.
وقالت المتحدثة، «إن حزب تاج يرى مقترح رئيس الجمهورية لإجراء حوار وطني شامل ذو أهمية قصوى وضروري في هذه المرحلة المفتوحة على الكثير من التحديات الداخلية والخارجية وتحتاج إلى صناعة نظرة توافقية وطنية للحفاظ على مناعة الوطن واستشراف مستقبل أجياله».
وعن تصور «تاج» للحوار، أوضحت زرواطي أنه يرتكز على عنصرين يراهما ضروريين لإنجاح الحوار الشامل؛ الأول يتعلق بتحضير البيئة المناسبة للانطلاق فيه بجمع كل العناصر الضرورية التي تمثل الأرضية الصلبة التي يقوم عليها الحوار والتي تشكل نقاط إجماع الجزائريين باختلافهم. والثاني، يتعلق بإشراك واسع وشامل لإثراء الحوار وتقريب الرؤى وصناعة نواة مركزية صلبة لجزائر حديثة وناشئة.
خطوة مهمة نحو تكريس الديمقراطية
من جهته، جدد حزب التجمع الوطني الديمقراطي «الأرندي»، دعمه لمبادرة الحوار الوطني الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية، واصفا إياه «خطوة مهمة» نحو تكريس الديمقراطية الحقة في الجزائر.
وفي بيان توج اجتماع مكتبه الوطني برئاسة أمينه العام، مصطفى ياحي، اعتبر التجمع الوطني الديمقراطي أن مبادرة الحوار الوطني التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة أدائه اليمين الدستورية، تعد «خطوة مهمة نحو تكريس الديمقراطية الحقة في الجزائر، بعدما نجحت بلادنا، مرة أخرى، في صون الإرادة الشعبية المعبر عنها في صناديق الاقتراع بانتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية لعهدة ثانية بكل ديمقراطية ونزاهة».
وأكد الأرندي، أن «السياقات والرهانات الحالية تتطلب حوارا مفتوحا وصريحا بين كل القوى الفاعلة والمؤثرة، لاسيما المؤسسات السياسية ذات التمثيل الشعبي الواسع، لمناقشة مختلف الملفات والمسائل الوطنية من أجل التوافق حول رؤية مشتركة، تعزيزا للفعل الديمقراطي وصونا للحريات الفردية والجماعية وحفاظا على المكتسبات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والمضي قدما نحو استكمال تجسيد دولة الحق والقانون».
وضمن هذا السياق، عبر الحزب عن استعداده للمشاركة في هذا الحوار الوطني، مبرزا أهميته «لاسيما في ظل التحديات والرهانات التي تواجه بلادنا، والتي تستدعي رصّ الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية».
توسيع الحوار إلى الاقتصاد لنهضة الجزائر
بدورها عقدت حركة البناء الوطني، اجتماعا استثنائيا لمجلس الشورى خصص لدراسة القضايا الوطنية، لاسيما تقييم العملية الانتخابية الأخيرة (رئاسيات 7 سبتمبر) إلى جانب ملفات دولية وإقليمية.
في كلمة ألقاها خلال إشرافه على افتتاح أشغال هذا المجلس، أكد رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة، أن الجزائر الجديدة والمنتصرة التي يتطلع إليها اليوم الشعب الجزائري، بعد أن أنجز الاستحقاق الانتخابي، قد دخلت منذ اليوم الأول لخطاب اليمين الدستورية مرحلة جديدة في مسار استكمال بناء الجزائر وذلك على أصعدة كثيرة، من أهمها الصعيد السياسي الذي بدأه رئيس الجمهورية بالدعوة إلى إجراء حوار وطني عميق ومثمر، يسع جميع المكونات السياسية من أجل التخطيط للجزائر، ومن أجل ترقية ديمقراطيتها لتكون ديمقراطية حقة تبسط الحريات وتبني المؤسسات بعيدا عن الشعارات.
وبمناسبة هذه الدعوة للحوار الوطني، جدد بن قرينة تأكيد حركته في العمل بكل إخلاص وتفان على إنجاحه، والتطلع إلى أن تشكل مخرجاته حزاما وطنيا يعزز به الصف الداخلي، ويجسد من خلاله التلاحم مع مؤسسات الدولة، ويقوي الالتفاف حول مشروع تحصين الجزائر أمام التهديدات والمخاطر التي تستهدف اختراق السيادة أو محاولات النيل من المصالح الحيوية للأمة الجزائرية ومبادئها السامية.
ودعت حركة البناء الوطني، إلى توسيع دائرة الحوار الوطني ليشمل الحوار الاقتصادي، يشارك فيه جميع الفاعلين الاقتصاديين، بسبب ما تمر به الجزائر من ظروف اقتصادية دقيقة، لطرح المشكلات وتدقيق التحديات الاقتصادية الراهنة واقتراح الحلول والأفكار الكفيلة بدعم الحركية الاقتصادية في الوطن، وإسناد الرؤية التراكمية الواضحة لنهضة الجزائر التي طرحها رئيس الجمهورية، وتعهد بمواصلة العمل على تحقيق مسارها التنموي بتعهدات انتخابية جديدة كفيلة بأن تنقل الجزائر، بعد انتهاء عهدته الثانية، إلى مصاف الدول المتقدمة.
وقالت، «بات ضروريا تجميع كل الإمكانات التي لها علاقة بالنشاط الاقتصادي والاستثماري وتوحيد كل الإرادات الوطنية في القطاعين العام والخاص، وتحفيزها وتوجيهها نحو تكثيف الجهود من أجل جعل الجزائر قوة اقتصادية، من خلال الحفاظ على نسبة نموها والتحكم في نسبة التضخم وتخفيضه والحرص على إرساء قواعد الحوكمة وترشيد سياسات استكمال المشاريع الكبرى وتقوية أداء القطاعات الحيوية كالفلاحة والصناعة والأشغال العمومية والخدمات ومواصلة الجهود الرامية لتنويع الاقتصاد وتطوير قدرتنا على جذب الاستثمار الخاص، بالداخل والخارج، وتنويع المشاريع الاستثمارية في إطار الشراكة «رابح –رابح» مع المستثمرين الأجانب».
عقد وطني واجتماعي
أما جبهة القوى الاشتراكية، فلم تفوت هي الأخرى الفرصة بمناسبة احتفالها بالذكرى 61 لتأسيسها، للتعبير عن موقفها من الحوار الوطني الشامل الذي أعلنه الرئيس تبون، وأبرزت الأهمية التي يكتسيها الحوار الوطني «الجاد والمفتوح والشامل» والذي «يجمع كل القوى السياسية».
وذكر نائب الأمين الوطني الأول للحزب، عزالدين عيساوي، في كلمته خلال الحفل الذي نظم بمدوحة (تيزي وزو)، بالالتزامات الماضية والراهنة للحزب منذ تأسيسه عام 1963 من أجل، كما قال، «حوار وطني بين كل القوى السياسية بهدف تحقيق عقد سياسي وطني واجتماعي كفيل بتحصين الدولة والمؤسسات وبتعزيز الديمقراطية الحقة ورسم خريطة جديدة»، موضحا أنه بإمكان هذا العقد أيضا، «أن يشجع المواطنين على الممارسة السياسية».