طباعة هذه الصفحة

أطبّـاء ومختصون فـي الأمـراض المعدية لـ “الشعـب”:

اطمئنوا.. لا خطـر على الجزائـريين من الملاريا والدفتيريا

خالدة بن تركي

جميع الحالات المسجلة في الجنوب الكبير.. وافدة من بلدان موبوءة

نموذج ناجح وخبرة جزائرية طويلة في القضاء على أخطر الأوبئة

أكد أطباء ومختصون في الأمراض المعدية، أن الإعلان عن تسجيل حالات إصابة بالملاريا والدفتيريا في جنوب البلاد لا يدعو إلى الخوف والفزع، لأن الجزائر ورغم خطورة المرض، فلها خبرة كبيرة في مواجهته، واتخذت كافة إجراءات التكفل وفق المخطط الوطني الوقائي لمنع انتشاره، مع توفير كافة العلاجات المضادة للملاريا والمتابعة اليومية تحسبا لأي طارئ.

أوضح أخصائي الفيروسات عبد الحفيظ قايدي في تصريح لـ “الشعب”، أن جميع الحالات المسجلة من الملاريا في الجنوب الكبير مستوردة، وما هو مسجل مصدره مغتربين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، لأن المنطقة تعرف حركية دخول وخروج يومية عبر حدود البلاد في أقصى الصحراء، فضلا عن تدفق الهجرة السرّية وحركة التجارة البينية من طرف الجزائريين أدت إلى تسجيل هذه الحالات.

عدوى غير مباشرة

صرّح الدكتور قايدي الملاريا مرض غير معد مباشرة وإنما ينتقل عبر شروط ممثلة في بعوضة “انوفال فمال “ التي تقوم بنقله من شخص مريض إلى شخص سليم والدواء موجود ومتوفر هو هدروكسيل كلوروكين الذي استعمل في علاج كوفيد - 19- والأصل هو مخصص لمرض الملاريا، غير أن الشرط الأساسي للانتقال يكون البعوض الذي يتواجد في بيئة خاصة تعتمد أساسا على”برك الماء” والتجمعات المائية الكبرى.
وأكد الدكتور، أن الملاريا تنتقل بفعل الانتشار الواسع للمساحات المائية القذرة في بعض مناطق الجنوب مثلما أثارت الإصابات المعلن عنها الخوف في أوساط المواطنين، في وقت أكدت التحقيقات الوبائية للوفد الطبي المتواجد بعين المكان، أن جميع الحالات المسجلة موفدة وليست محلية.
أوضح في ذات السياق، أن شروط تواجد هذا النوع من البعوض غير متوفرة في الجزائر، ومع ذلك تقوم السلطات باتخاذ كافة الإجراءات لمحاربة الوباء منها إرسال فرق طبية للقيام بالتحقيق الوبائي الذي يتم على أساسه تحديد الوضع الصّحي في المناطق المنتشرة “تمنراست وإن قزام وبرج باجي مختار”.
ودعا الدكتور قايدي جميع المواطنين إلى الابتعاد على الخوف، لأن السلطات تجندّت سابقا لمخاطر انتشار الملاريا، مؤكدا أن ولاية تمنراست على حدود مالي تضم مركزا متقدما ومرجعيا لمتابعة مختلف الأمراض المعدية، مما يسهل عملية محاربة الداء، كونه مرتبطا بالأشخاص الوافدين وليس محلي المصدر.

وضع وبائي حذر

من جهته المختص في الصحة العمومية الدكتور امحمد كواش قال في تصريح لـ “الشعب”، أن الجزائر تعيش وضع وبائي حذر في الخانة البرتقالية خاصة في مناطق الجنوب وهذا لاجتماع مرضين” الملاريا والدفتيريا الخناق” حيث أن الأول مرض طفيلي ينتشر أكثر في جنوب شرق آسيا، افريقيا الاستوائية وأمريكا اللاتينية” ، لكن انتقاله مرتبط بوجود حشرة انوفال فومال” تنقل الطفيليات من الشخص المصاب إلى شخص مصاب ثاني.
وأضاف المتحدث، أن البعوض يتكاثر في وجود البرك المائية والمساحات الملوثة مع الأمطار الخريفية الأخيرة ساهمت في انتشاره بشكل كبير، مؤكدا انه مرض خطير جاء من المهاجرين الأفارقة القادمون من الدول المهاجرة وكذا بعض الذين يعيشون في المناطق الجنوبية الذين يوجهون إلى تلك المناطق للقيام بتجارة المقايضة، حيث تكون العدوى نتيجة البعوض الذي يقوم بطرح طفيليات من نوع “بلاصوديوم” في الدم وتخرب الكريات الحمراء وتظهر علامات الإصابة من ثمانية أيام إلى أسابيع بعد لدغ الحشرة، ويمكن إن تظهر الأعراض بعد سنة في حال كانت الطفيليات خاملة.
وتتمثل أعراض الوباء في الإصابة بآلام في الرأس، حمى رعشة قشعريرة، تقيؤ وآلام في الظهر إسهال مع وجود دم في البراز، تعرق شديد، صداع، آلام العضلات صعوبة في التنفس، سعال جاف، تضخم الطحال نتيجة تخريب الكريات الحمراء، ويكون أكثر خطورة عند الأطفال دون خمس سنوات والنساء الحوامل، ويسبب فقر الدم والملاريا الدماغية والقصور الكلوي والكبدي.
أما عن طرق العلاج، أكد المختص في الصحة العمومية أن الجزائر تتوفر على جميع الأدوية لمحاربة الوباء والمتمثلة أساسا في “كرولوكين” المستعمل في علاج كوفيد 19 والموضوع خصيصا لمعالجة هذا المرض، إلى جانب بعض الإجراءات الوقائية الممثلة في القضاء على المساحات المائية الملوثة، استعمال النموسيات عند النوم في أماكن توجد فيها الملاريا، استخدام المواد الطاردة للبعوض التي تحتوي على ثنائي إيثيل صولواميد أو المواد الطاردة للحشرات، استخدام المبخرات، ارتداء ملابس وقائية وعدم التعامل مع الأشخاص المصابين.

مرض فيروسي

أما بالنسبة للدفتيريا أو “الخناق”، فهو مرض تسببه بكتيريا سامة خارجية تنتشر بشكل أساسي عبر الاتصال المباشر أو من خلال الرذاذ التنفسي وتتم الوقاية منه عن طريق التلقيح، أدوية، مصل مضاد للدفتيريا، لقاح أدوات أخذ العينات وغيرها، يصيب أكثر كبار السن، ضعيفي المناعة والأطفال على وجه الخصوص، من أعراضه السعال، ظهور غشاء سميك رمادي اللّون يغطي الحلق واللّوزتين، التهاب الحلق وبحة الصوت تورم الغدد تضخم العقد اللمفية في الرقبة، صعوبة التنفس أو سرعته، الإفرازات الأنفية، الحمى والقشعريرة.
ويمكن إن يتسبب هذا المرض في صعوبة التنفس الوفاة أو غيبوبة في حال لم يتلق الشخص اللقاح اللازم، مؤكدا أن الأشخاص الذين ينقلون المرض هم الأفارقة بسبب عدم تلقيهم اللقاح اللازم لعدم توفره في الدول الإفريقية، مما يؤدي إلى انتشار العدوى بشكل سريع، والهجرة الفوضوية ساهمت في دخول هذا النوع من الحالات إلى الجزائر.
وبشأن الإجراءات الوقائية من هذا المرض، أكد الطبيب على ضرورة التباعد المكاني، استعمال الكمامة، تنظيف الأيدي ومحاصرة الأشخاص المصابين مع وجوب تلقي العلاج بشكل سريع، الأدوية موجودة والعلاج المتمثل في اللّقاح متوفر، باعتباره الأكثر فعالية للوقاية من المرض.
أما بالنسبة لانتشاره في الجنوب، فإن هذه المنطقة تعتبر-يقول الطبيب- مفترق طرق لالتقاء العديد من الجنسيات، مما أدى إلى انتشار هذا النوع من الأمراض، ولكن رغم هذا الجزائر انتصرت على الدفتيريا والملاريا بفعل نظام الوقاية والتلقيح ولها الخبرة الكافية في مواجهة مثل هذه الأمراض، لكن الجزائر لها حدود مع دول افريقية تعاني ضعف في منظومتها الصحية مما جعلها عرضة لمثل هذه الأوبئ .
وطمأن الدكتور امحمد كواش جميع المواطنين، أن المرضين لهما علاج في حال التدخل السريع، فالنسبة للدفتيريا التي تسمى الخناق يقدم له العلاج قبل الوصول إلى مرحلة الاختناق والتي تكون بفعل الطبقة السميكة الرمادية التي تتشكل في الجزء الخلفي من الحلق وتؤدي إلى منع مرور الهواء ويحدث اختناق كلي، مما يستلزم أحذ البروتوكولات العلاجية الممثلة في المضادات والحساسية لتجنب الاختناق، بالاضافة الى عزل الأشخاص المصابين وضرورة أخذ اللقاحات، أما الملاريا فالدواء يتمثل في كلوروكين متوفر يأخذه الشخص ويتعافى نهائيا.
وعليه، فإن انتشار هذين الوبائين “الملاريا والدفتيريا” لا يشكلان خطورة على المنظومة الصحية، لأن بلادنا معتادة على حدوث حالات الملاريا، خاصة مع الأمطار الخريفية التي هطلت على الجنوب الجزائري والبلدان المجاورة في المدة الأخيرة شجعت على انتشار المرض، إلا أن السلطات عبر نظامها الوقائي أثبتت جاهزيتها للقضاء عليه في عديد المرات.
للإشارة، تم الجمعة، وبأمر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إرسال لجنة طبية، وطائرة محملة بالأدوية والأمصال ووسائل الحماية اللازمة إلى تمنراست وإن قزام وبرج باجي مختار التي شهدت ظهور حالات دفتيريا وملاريا، بحسب ما أفادت وزارة الصحة في بيان لها.
وجاء في البيان أنه “بأمر من السيد رئيس الجمهورية ونظرا للظرف الراهن، انطلقت الجمعة لجنة طبية متكونة من طاقم طبي مؤهل. كما تم إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا ووسائل الحماية اللازمة إلى كل من تمنراست وإن قزام وبرج باجي مختار”.