أكدت بعض نقابات التربية رغبتها في أن يعرف الدخول المدرسي المقبل هدوءا و استقرارا، و أن مصلحة التلميذ الجزائري خط أحمر، غير أنها لم تخف بأن هناك نقاطا عالقة على الوزارة أن تتعامل معها بعيدا عن سياسة التسويف و الوعود لأن الوضع لم يعد يحتمل في ظلّ تسجيل الكثير من الاختلالات و الخروقات المتراكمة نتيجة لسياسات متعاقبة .
في هذا الإطار أوضح قويدر يحياوي المكلف بالتنظيم على مستوى النقابة الوطنية للتربية « الأسنتيو» أن جلسة عمل جمعتهم بالوزارة الوصية بتاريخ 16 أوت الجاري، و كانت جلسة استماع للمطالب المرفوعة، و التي وعدت خلالها الوزيرة بجلسة أخرى للرد على المطالب العالقة من الوزير السابق بابا أحمد.
و من بين النقاط العالقة تحدث يحياوي عن مصير الآيلين للزوال حيث تم إقصاء شريحة فاعلة من المعلمين بالمدارس الابتدائية، أساتذة التعليم الأساسي المنخرطين أو المكونين بعد تاريخ 03 جوان 2012 في الرتب المستحدثة كأستاذ رئيسي و مكون، بالرغم من صدور التعليمة رقم 004 المؤرخة في جويلية 2014 خاصة بتطبيق بعض الأحكام المتعلقة بإدماج بعض الموظفين في إطار القانون الأساسي 315-08 المعدل و المتمم بـ 12-240، متسائلا ما ذنب هذه الفئة في عدم إدماجها في الرتب المستحدثة.
و إلى جانب الآيلين للزوال أشار ذات المتحدث إلى نقاط عالقة تتعلق بفئات أخرى كالمساعدين التربويين، المصالح الاقتصادية، أساتذة التعليم الثانوي و التقني مستشارو التوجيه المدرسي و المهني، المخبريون، كل هؤلاء لم يتم إدراجهم بل تم إبقاء وضعيتهم مبهمة بمشاركتهم في عملية التأهيل و الترقية .
و أعاب يحياوي على الوزارة الوصاية في اقتصارها بالنظر إلى المنظومة التربوية نظرة أكاديمية كون الوزراء المتعاقبين على هذه الحقيبة الوزارية لاسيما الأخيرين من أكاديميي التعليم العالي، و من ثمّ فهم مطالبون بالتعامل مع مشاكل موظفي القطاع، وحلّها مهنيا و بيداغوجيا و اجتماعيا، ولن ينجح أي إصلاح دون ذلك، مطالبا إياها بتطبيق القانون لاسيما القانون التوجيهي للتربية الصادر في 2008 الذي يعتبر بمثابة دستور للمنظومة التربوية تعاقب عليه ثلاثة وزراء إلا أنه لحد الساعة لم يتم تطبيق بنوده على أرض ،إلى جانب ذلك لم يتم لحد الآن تنصيب المجلس الأعلى للتربية و المرصد الوطني للتربية و التكوين اللذين يحددان السياسة العامة للمنظومة التربوية و دراسة البرامج و المناهج و الكتب المدرسية .
و قال المكلف بالتنظيم على مستوى «الأسنتيو» :» نحن ندرك أن المشاكل المتراكمة بالقطاع تشكل إرثا ثقيلا، و الوزارة لا تملك خاتم سليمان ...لكن هذا لا يمنع من حل المشاكل الآنية، كما هناك مشاكل يتجاوز حلّها مستواها وإنما على مستوى الحكومة» ، مطالبا بإبعاد المنظومة التربوية عن التجاذبات السياسية، وكذا التحلي بالجرأة لإلغاء عتبة الدروس بالنسبة لشهادة البكالوريا و تطبيق الوضعية الإدماجية عند إعداد الأسئلة، مشيرا إلى أنه منذ 2006 يتم التدريس عن طريق المقاربة بالكفاءة التي تنجر عنها فيما بعد الوضعية الإدماجية إلا أنه لحد الساعة لم يتم تطبيقها ما يجعل شهادة البكالوريا منقوصة علميا و وظيفيا.
من جهتها تعيش جمعيات أولياء التلاميذ حالة من الترقب حول ما سيشوب الدخول المدرسي 2014/2015 من هزات، و تساؤلات حول مدى استقراره و تميزه بالهدوء من عدمه في ظلّ تلويح النقابات بالاحتجاج رغم اللقاءات التي جمعتها بالوزارة الوصية، حيث لم تكف عن الإعلان في حال استمرار ساسة الوعود و التسويف و عدم الاستجابة للمطالب بمنهجية واقعية بتصعيد لهجة الاحتجاجات.
و في هذا الإطار أكد بنونة عبد الغني رئيس جمعية أولياء التلاميذ بسيدي موسى في تصريح لـ «الشعب» على أن مخاوفهم ما تزال قائمة سواء للإضرابات الملوح بها أو للمستوى التعليمي الحالي، في ظلّ انصراف بعض المعلمين لنشاطات أخرى غير التعليم لتحصيل الأموال ما أثر على مردودهم أثناء الوقت الرسمي، سواء عبر إعطاء دروس خصوصية، أو حتى العمل كسائق لسيارات «الكلوندستان».
و أوضح بنونة أن الوصاية مطالبة بأن تكون أكثر مرونة في التعامل مع الشركاء الاجتماعيين و تتجاوب مع المطالب المرفوعة و لو الأساسية منها كون أن المتضرر الأول و الأخير هم التلاميذ، من خلال تحسين الظروف الإجتماعية و المهنية لموظفي القطاع بمختلف أسلاك التربية، واللجوء إلى بدائل ناجعة و تجديد الكوادر لكن ليس دون تكوين بيداغوجي للرفع من المستوى التعليمي و الإلمام بكيفية التعامل مع الطفل التلميذ.
و في المقابل أوضح ذات المتحدث أن المنظومة التربوية تحتاج إلى تجديد و تكييف حسب مقومات المجتمع الجزائري، داعيا إلى العودة إلى التعليم الأساسي الذي يعتمد على التدريس في المدرسة و عدم الاتكال على الدروس الخصوصية، مشيرا إلى المناهج القديمة كانت أكثر نجاعة و ثراء سواء من حيث المحتوى أو المستوى، في حين اليوم يتم تحديد ذكاء الطفل بالبرامج الجديدة و هي النقطة التي تستدعي إعادة النظر فيها .
كما دعا إلى عدم إسقاط القرارات السياسية على المنظومة التربوية و تركها لأصحاب الاختصاص من أساتذة و أخصائيين و شركاء اجتماعيين لأنهم الأدرى بمستوى التلاميذ و الأكثر احتكاكا بهم ، و بالتالي هم الأقدر على تشريح وضعية المدرسة الجزائرية .