طباعة هذه الصفحة

الانفتاح على مختلف الأطياف والفواعل الوطنية

لبنة صلبة في البناء الديمقراطي وترسيخ التنافس النظيف

آسيا قبلي

تبادل الأفكار والآراء وتقديم المقترحات بموضوعية لمعالجة القضايا والمشكلات

 تعكس دعوة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون لحوار وطني إرادة ورغبة في إعادة الاعتبار للعمل السياسي، وتجسيد الديمقراطية الحقيقية إشراك جميع المكونات الفاعلة في المجتمع للقيام بعمل تنسيقي يثمّن ما تمّ إنجازه خلال السنوات الخمس من العهدة الأولى، ويرقى إلى تطلعات الطبقة السياسية والشعب الجزائري عموما.

 تعبّر الدعوة إلى حوار وطني مفتوح التي أطلقها رئيس الجمهورية في خطابه عقب أداء اليمين الدستورية، عن رغبته في إشراك جميع الفاعلين السياسيين، وفواعل مجتمعية أخرى، ورغبة عدم انفراده بالحكم من أجل ما وصفه بتجسيد الديمقراطية الحقيقية، وتأتي هذه الدعوة من موقع قوة، كونه المنتخب بأغلبية ساحقة.
وتسمح هذه الفرصة التي يقدمها السيد الرئيس لمختلف الأطياف السياسية بتقديم اقتراحاتها ورؤاها حول ما يمكن فعله في السنوات الخمس المقبلة، وذلك انطلاقا لما لمسه من إرادة لدى الأحزاب السياسية سواء المنافسة له في الانتخابات أو تلك الداعمة له. واتّضح ذلك من خلال البرامج الانتخابية المطروحة، والتي اتفقت كلها على عدم تخطي الحدود الحمراء سيما المتعلقة بالثوابت الوطنية.

أخلقة الحياة السّياسية

 فتح حوار وطني هو فرصة أيضا للمضي قدما نحو أخلقة الحياة السياسية التي طالما نشدها السيد الرئيس في مختلف المناسبات، وذلك لضمان عدم الخروج عن العمل النظيف، وتجنب انحرافات العمل السياسي التي شهدتها فترات سابقة، وتسبّبت في فقدان ثقة المواطن بالأحزاب، وبالتالي، هو فرصة أيضا لاسترجاع هذه الثقة، ومن ثم إبداء الآراء بحرية من أجل الاستجابة للانشغالات المطروحة، سواء تعلقت بالعمل السياسي أو المطالب الاجتماعية.
كما تندرج دعوة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى حوار وطني، في إطار تعزيز التواصل والتوافق بين مختلف تلك الفواعل. وتصحيح المواقف السلبية من طرف تجاه طرف آخر، إذ يسمح تبادل الأفكار والآراء وتقديم المقترحات بموضوعية بمعالجة القضايا والمشكلات التي أدت إلى تلك المواقف، وهو ما يساهم بالمحصلة في بناء مجتمع أكثر تماسكاً وتعاوناً، ممّا يعزّز الاستقرار والتنمية.

تقليد حسن

 ليست هذه هي المرة الأولى التي يفتح فيها السيد الرئيس باب الحوار، حيث سبق وأن سنّ هذه الممارسة الديمقراطية من خلال عقد اجتماعات مع مختلف رؤساء وممثلي الأحزاب السياسية في لقاءات ثنائية، أو في شكل لقاءات جماعية على غرار اللقاء الذي دعا إليه نهاية ماي من السنة الجارية، وحضرته التشكيلات السياسية الممثّلة في غرفتي البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة، وذلك في إطار التزام رئيس الجمهورية بتكريس سنّة الحوار والتشاور مع الطبقة السياسية، تجسيدا للديمقراطية التشاركية. وانعكست نتائج تلك اللقاءات في الخطابات السياسية لقادة الأحزاب، وخاصة في برنامجي المترشّحين لرئاسيات السابع سبتمبر المسبقة، حيث لمس المتتبّعون للحملة الانتخابية التزام كل المترشحين بالثوابت الوطنية، وإعلاء مصلحة البلاد وجعلها فوق كل اعتبار، إلى جانب نبذ الفرقة والتأكيد على تعزيز اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد وإحباط كل محاولات التشويش، وكل هذا كما أشرنا لم يكن سوى نتاج المشاورات التي سبقت التحضير للرئاسيات.
الأمر نفسه برز في خطابات المترشحين الثلاث الذي تميز بالرقي واحترام المنافس، ما ينبئ بمستقبل سياسي مستقر قائم على التشارك والتنافس النزيه من أجل الوصول إلى السلطة وهو هدف أي حزب سياسي، مع ضمان الهدف الأسمى وهو بقاء الدولة، وليس هذا غريبا عن الجزائر التي طالما دعت إلى الحوار في سياستها الخارجية لرأب الصدع، وحل الأزمات الداخلية للبلدان التي عانت منها.