اتّصـالات ومشاورات مكثّفة..خطوة جبّارة في مقدّمـة الحزمـة الجديـدة من الالتزامات
أعلن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال خطاب ألقاه بمناسبة تأديته لليمين الدستورية، عن إطلاق حوار وطني مفتوح يجمع كل القوى الوطنية الحيّة، في خطوة تهدف الى تكريس الديمقراطية الحقيقية ببلادنا.
خطاب رئيس الجمهورية الذي كان - حسب متابعين - جامعاً مانعا، شمل كل القطاعات والميادين، وتضمّن حزمة جديدة من التعهدات التزم بالوفاء بها خلال العهدة الرئاسية الحالية، وُصف كذلك بأنه خطاب محكم دعا فيه رئيس الجمهورية الى الانخراط في حوار وطني مفتوح يُحسب لرئيس الجمهورية كونه شكّل أول قرار له في عهدته الثانية.
قرّر رئيس الجمهورية الذي يقف في موقع قوة ويحظى بالمشروعية وبثقة الشعب الجزائري، مباشرة عهدته الرئاسية الجديدة، بفتح باب الحوار أمام كل الأطياف التي تشكّل “القوى الحية” في البلاد، والانخراط في حوار وطني لوضع خارطة طريق للحياة السياسية والاقتصادية للبلاد، ووضع تصوّر لما يمكن القيام به خلال الخمس سنوات القادمة.
يشكّل الحوار الوطني المفتوح دعوة حقيقية من رجل صادق الى كل من يؤمن بالجزائر المنتصرة، فقد مرّت الجزائر بسنوات عصيبة عاش خلالها الشعب الجزائري مرارة الانحراف في العمل السياسي، الذي أدّى بدوره الى الانحراف الأخلاقي من انتشار الفساد الإداري والاقتصادي ومختلف المظاهر المُشينة التي لم تكُن لتخدم الجزائر.
وجّه الرئيس تبون دعوته الصريحة والمباشرة إلى حوار وطني يجمع كل القوى السياسية، مهما اختلفت آراؤها وتباينت إيديولوجياتها، من أجل البحث عما يخدم المصلحة الوطنية.
الجزائر الرائدة اليوم تُغلّب لغة الحوار من أجل التغلّب على العقبات التي قد تعترض المسار التنموي والاستقرار المجتمعي. ومن المنتظر أن تشكّل مبادرة الحوار الوطني المفتوح نقطة بداية حقيقية لحوار بنّاء يُفضي الى ديمقراطية حقّة، بدل ديمقراطية شعارات ووعود فارغة، وهي المبادرة التي ستكون لها مخرجات إيجابية بنّاءة، لأن كل طرف سيقدّم رؤيته لخدمة الوطن بعيداً عن السِجال السياسي، شريطة أن تكون النية صادقة لبناء الوطن وخدمة الشعب، وهو ما تحتاجه الجزائر في الوقت الحالي؛ لأنه سيمكّن من التغلّب على المحن، وسيقوّي اللحمة بين الشعب والطبقة السياسية ويعيد ثقة المواطن في طبقته السياسية.
نبنــي الجزائـــر معاً
تحمل مبادرة فتح حوار وطني في طيّاتها معانٍ سياسية عميقة ومدلولات اجتماعية أعمق، فرئيس الجمهورية الذي انفتح من خلال هذه المبادرة على كافة الأطياف السياسية من خلال عبارة “نبني الجزائر معاً”، يدرك جيداً بأن هناك العديد من القوى السياسية الفاعلة في الساحة الوطنية تهدف بصدق الى خدمة الجزائر والرقي باقتصادها، وبأنّ لكل طرف رؤيته وتصوّره للمشهد السياسي سيعمل رئيس الجمهورية على جمعها في بوتقة واحدة للخروج بتصور شامل يُرضي جميع الأطراف المشاركة في الحوار.
رئيس الجمهورية، ومن خلال ما جاء في برنامجه الانتخابي، مدرك لمكامن الخلل ومفاتيح الحل، وهو الآن يُعرب عن رغبته في توسعة حقل المساهمين في بناء الجزائر المنتصرة، لتشمل أطرافاً سياسية أخرى من أجل المشاركة في الحياة السياسية ووضع تصوّر لبرنامج متكامل يشمل الجميع في بناء الاقتصادي الوطني.
الدعوة موجّهة كذلك إلى المرشّحين الآخرَين اللّذان نالت برامجهما الانتخابية نصيبها من الإشادة والثناء من طرف رئيس الجمهورية، حيث سيكون لأوشيش وحساني لمسة خاصة في تصورهما ونظرتهما في بناء الاقتصاد الجزائري الذي يطمح إليه الجميع، وهي الدعوة التي ستسهم دون شك في وضع تصور متكامل ومتجانس يأخذ بعين الاعتبار كل مجالات الحياة التي تهم المواطن.
دعوة رئيس الجمهورية الى حوار وطني مفتوح، هو تكريس لتقليد آخر في العمل السياسي، يضاف الى خطابه الموجه للشعب أمام ممثليه في قبة البرلمان، وهو إيذانٌ بتغيّر المعادلة وقواعد اللعبة السياسية ببلادنا.
فهذا الحوار السياسي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، ليس وعداً انتخابياً أو التزاماً ضمن قائمة الالتزامات، بل هو قرار صادر عن أعلى هيئة في الدولة، وليس أمامه سوى التجسيد على أرض الواقع.
ويرى متابعون أن الهدف من هذه المبادرة هو تنظيف الساحة السياسية من الطفيليين، وممّن يتجرأون على المتاجرة بمآسي الشعب، فالحوار مخصّص لكل النزهاء والشرفاء، حيث سيتمخّض عنه إطلاق الخطوط العريضة لما يُراد أن يكون للجزائر في المستقبل، وكيفية الوصول الى تجسيد الديمقراطية الحقيقية التي يطمح إليها الجميع تجسيداً لمبدأ الديمقراطية التشاركية التي تفضي الى المشاركة الشعبية في العمل السياسي.ومن خلال مبادرة الحوار الوطني المفتوح، يكون رئيس الجمهورية قد رفع سقف التحدي ورمى بالكرة في ملعب القوى السياسية الوطنية، فهو قد مدّ يده للحوار كأول خطوة في عهدته الرئاسية الثانية، وما على المخلصين سوى الانخراط في هذا المسعى والمعاملة بالمثل، والانخراط بقوة في هذا المسعى خدمةً للوطن.
الديمقراطية التي يرغب فيها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، برأي مراقبين، هي ديمقراطية حقيقية على أُسسٍ سليمة، وليست ديمقراطية الشعارات التي نخرت عظم الحياة السياسية وجعلت منها هيكلاً بلا روح، والمنتظر اليوم من الطبقة السياسية بعد هذا النداء، هو أن تكون على قدر التحدي، وأن ترقى لطموحات وآمال الشعب.
السيد عبد المجيد تبون، كرئيس للجمهورية، قام بواجبه تجاه الشعب وتجاه الطبقة السياسية، بأن فتح الباب على مصراعيه للانخراط في حوار وطني مفتوح، وما على الطبقة السياسية إلا أن تأخذ بزمام هذه المبادرة والانخراط بكل قوة في هذا الحوار الذي يعزّز الديمقراطية في بلادنا ويؤسس لحياة سياسية سليمة وراسخة لا تتغير بتغير الأشخاص.