تابع الجزائريّون أمس باهتمام بالغ إعلان المحكمة الدستورية للنتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي جاءت لتكرّس مساراً ديمقراطياً حافلاً في تاريخ الجزائر، لما تمثل من أهمية كونها - أي النتائج - تأتي في سياق سياسي استثنائي ناتج عن انتخابات رئاسية مُسبقة شهدت تنافس ثلاثة مرشّحين يمثلون ثلاثة تيارات سياسية مختلفة.
الظرفية السياسية الخاصة للإعلان عن النتائج، تأتي من منطلق تسجيل مؤشرات إيجابية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وعلى رأسها ظهور أولى بوادر الإقلاع الاقتصادي الذي نظّر له ووضع أسسه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وصولاً إلى إصلاحات اقتصادية بالجُملة، مروراً بـ «حراك دبلوماسي» غير مسبوق، وعودة الجزائر إلى واجهة الدول الفاعلية في المنطقة.
المنافسة الحرة التي شهدها يوم الاقتراع، ونزاهة الحملة الانتخابية سواءً من خلال الفضاءات الإعلامية أو التجمعات الشعبية، جعلت الجزائريين يتوجّسون خيفةً من نتائج الانتخابات، فالشعب الجزائري الذي عبّر عن التمسّك بالمسار الديمقراطي كحق وواجب لا تنازل عنهما، لا يرغب في فقدان المكاسب التي تحقّقت خلال العهدة الرئاسية السابقة.
في هذا الصدد، قال أستاذ القانون بالمركز الجامعي علي كافي بتندوف، علي سالم نور الدين لـ «الشعب»، إنّ النتائج التي أعلنته المحكمة الدستورية، يوم أمس، تعتبر فيصلاً في الانتخابات الرئاسية التي شكّلت محطةً هامة في المشهد السياسي الوطني لاعتبارات عدّة، أبرزها كون هذه الانتخابات هي الأولى في تاريخ الجزائر الجديدة.
وأضاف المتحدث فإنّ الالتزام بالمواعيد الخاصة بانطلاق الحملة ثم فتح أبواب المراكز أمام الناخبين، وصولاً إلى مواعيد تقديم الطعون والإعلان عن النتائج، يُسجّل كموقف قانوني وتاريخي لنزاهة العملية الانتخابية، ويُحدث «قطيعة أبدية» مع أي إخلال مستقبلي بحقوق الناخبين أو المترشّحين.
وتابع الأستاذ قائلاً إن إعلان المحكمة الدستورية عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية يمثّل قرينة أخرى على قوة مؤسسات الدولة والتزامها بالنصوص القانونية المعمول بها، مؤكّداً بأن نجاح الانتخابات الرئاسية كما كان متوقّعاً، هو حتمية ونتيجة منتظرة نظراً للمجهودات والإمكانات البشرية، المادية واللوجيستية الهائلة التي سخّرتها السلطة المستقلة للانتخابات لتسيير هذا الحدث كما يليق به.
وأردف محدثنا إنّ إعلان المحكمة الدستورية عن النتائج هو تأكيد على المسار الديمقراطي للدولة الجزائرية، وضمانها لحرية الترشّح والتنافس، حيث تكون للصندوق الكلمة العليا، وللشعب حرية اختيار المرشّح الذي يلبّي تطلعاته.
ولفت نور الدين إلى أنّ نجاح الرّئاسيات، انتصار للديمقراطية في الجزائر، وتجسيدٌ واضح لقاعدة الشعب يختار من يمثله، وأن هذا النجاح الديمقراطي ورسالة واضحة المعالم تبعث بها بلادنا إلى الخارج، مفادها أن الجزائر تسير في الطريق الصحيح، وعلى أسس ديمقراطية متينة قِوامها الصندوق وتفاصيلها أرادة الشعب.