طباعة هذه الصفحة

الخبير في الماليـة والجباية بوبكـر سلامـي لــ «الشعـب»:

استكمـال الإصلاحات ينعـش قيمـة الديـــنار

هيام لعيون

 تحسّـن مؤشــّرات الاقتصـاد الكلـي ينعكس علـى تحسّـن قيمـة العملــة

 الجزائـر الجديــدة تتطلّـــع لاقتصــاد قــوي مستحــق


  يراهن الرئيس المنتخب لعهدة ثانية، السيد عبد المجيد تبون، على تقوية الاقتصاد الوطني ومن خلاله إعادة الاعتبار للعملة الوطنية، بالتركيز على تقوية المؤشرات الاقتصادية الكلية، يساعده في ذلك الأرضية الصلبة التي وضعها خلال عهدته الانتخابية الأولى، حيث حقّق مكاسب اقتصادية هامة، كما عمل الرئيس على تحسين النمو، وسعى إلى رفع احتياطي الصرف، مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة وتكريس حق المواطن في العيش الكريم.

في ظل وجود إرادة سياسية قوية رافقت النهضة الاقتصادية التي باشرتها الجزائر خلال الخمس سنوات الأخيرة، بالإصلاحات الكبرى للحوكمة المالية، والحفاظ على السيادة الوطنية، سجّلت خلال السنة الماضية 2023 «التعافي التاريخي» للدينار الجزائري أمام العملات الرئيسية للمرة الأولى منذ عقد كامل.
وقال الخبير المالي والجبائي بوبكر سلامي، في حديث مع «الشعب»، إنّ ارتفاع سعر صرف الدينار الجزائري في مقابل العملات الأجنبية، خلال السنوات القليلة المقبلة، مرتبط بتقوية الاقتصاد الوطني، وهو ما حرصت عليه الإصلاحات والورشات الكبرى في هذا الإطار، مثلما وعد به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وحقّقه على أرض الواقع.

مؤشّرات الاقتصاد الكلي..خضراء

 يتوقع سلامي أن تحقّق العملة الوطنية خلال السنوات المقبلة استقرارا تدريجيا، مع توفّر شروط اقتصادية تتميز «بارتفاع وتيرة النمو الاقتصادي، رفع الصادرات خارج المحروقات، تعزيز الإنتاج الوطني والتوجه نحو تقليل الاستيراد، رفع قيمة احتياطي الصرف من العملة الصعبة، والسعي نحو الرفع من قيمة الناتج الداخلي الخام، هذا دون الاعتماد على مؤشرات أسعار النفط في السوق العالمية، بشكل مستمر للرفع من قيمة سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية.
وشدّد المختص المالي على أنّ برنامج الرئيس تبون الذي يستعد لمباشرة مهامه كرئيس للجمهورية لعهدة ثانية، سيعطي نتائج ايجابية على المستوى الاقتصادي، تنعكس بالتأكيد على قيمة الدينار المرتبط بتحسن الأداء الاقتصادي خلال السنتين المقبلتين، أو الثلاث سنوات على أقصى تقدير، حيث من المنتظر أن يشهد الدينار ارتفاعا في قيمته مقارنة بالعملات الأخرى، خاصة إذا ما تم تحقيق نتائج على مستوى المؤشرات الكبرى للاقتصاد الوطني التي تنعكس إيجابا على تحسن قيمة الدينار الجزائري.
وأبرز سلامي أن «قيمة الدينار الجزائري تتماشى مع قوة الاقتصاد الوطني»، مبرزا أن «قيمة العملة الوطنية تعكس الطلب على المنتجات الجزائرية من سلع وخدمات، فكلما ارتفع الطلب على المنتجات الجزائرية، وكلما ارتفع الناتج الداخلي الخام، وكذا ارتفاع احتياطي العملة الصعبة ومعه احتياطي الذهب وارتفاع نسبة النمو، إلى جانب انخفاض نسبة البطالة ونسبة التضخم، كلها عوامل تجعل الدينار يكتسب قوة كبيرة  في سوق أسعار الصرف العالمية».
وكان الرئيس عبد المجيد تبون، قد وعد برفع من الناتج الداخلي الخام إلى 400 مليار دولار، والتركيز على تعزيز المنتوج الوطني، والرفع من قيمة الصادرات خارج المحروقات، التي بلغت أرقاما قياسية خلال السنوات الماضية، حيث انتقلت إلى أكثر من 7 ملايير دولار عام 2022، وارتفعت أكثر في 2023، مقابل مبالغ لم تكن تصل عتبة 2 مليار دولار قبل سنوات، فضلا عن ذلك، فقد ارتفع معدل النمو بالجزائر إلى معدل متوسط تجاوز 4 بالمائة على الرغم من السياق العالمي الصعب، وبشهادة هيئات مالية دولية، على غرار البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، حيث أشادا في أحدث تقاريرهما بنمو الاقتصاد الوطني، وتوقعا استمرار هذا النمو خلال السنة الجارية.
في هذا الإطار، أوضح سلامي أنّ «رفع قيمة العملة الوطنية، لا يعتمد على أي إجراء إداري، بل هو متعلق بتحقيق «معادلة اقتصاد قوي يساوي دينار قوي»، بقوة قواعد السوق، وذلك من خلال توفير شروط عديدة على غرار تحقيق إنتاج متنوع وتصدير مختلف السلع والخدمات، فكلما كانت هناك فرص عمل، ومستوى تعليم عال، يتقوّى اقتصاد البلاد، وينعكس إيجابا على العملة الوطنية في أسواق الصرف العالمية، حتى يكون قابلا للصرف مقارنة بالعملات الأخرى، وهي ضمانات اقتصادية تقدمها الدولة الجزائرية من خلال هذه المؤشرات للاقتصاد الكلي».

الدّينار الجزائري..آفاق واعدة

 أمّا عن المجهودات التي ترفع من قيمة الدينار، فقد تحدث الخبير إلى السنوات القليلة المقبلة التي ستكون حاسمة بالنسبة للاقتصاد الوطني، من خلال «تحقيق نتائج ايجابية بتجاوز عتبة رقم 400 مليار دولار كناتج داخلي خام، يتبعها تحقيق صادرات خارج المحروقات بـ30 مليار دولار في العام تكون متنوعة، سواء للمواد المصنعة للمنتوجات الفلاحية، خاصة أن أهم عملية ترفع من قيمةِ العملة، هي قيمة الصادرات لأي بلد، حيث ترتفع عندما يكون الطلب مرتفعا على منتجات البلد.

تعديلات تشريعية

 وكانت الجزائر بقيادة الرئيس تبون، قد أجرت تعديلات قانونية في هذا الإطار، على غرار صدور قوانين الاستثمار، المحاسبة، القانون النقدي والمصرفي وقانون الصفقات العمومية، كلّها نصوص ملائمة مع الإنعاش والنهوض بالاقتصاد، وهي تعديلات جاءت بفوائدها للاقتصاد الوطني، وكان لها أثرها في تعافي العملة الوطنية، خاصة وأن الرئيس تبون التزم بالحفاظ على السيادة الوطنية التي تعني استقرار العملة الوطنية، في وقت فتحت السوق الجزائرية أبوابها للاستثمار الأجنبي، ومن بين هذه الإصلاحات، التعديلات التشريعية، إذ تمّ إنشاء لجنة الاستقرار المالي لدى البنك المركزي، تتولّى مراقبة العملة الجزائرية، وتقييم المخاطر التي تهدّد الاستقرار المالي، ودراسة الإجراءات التي يجب اتخاذها للتخفيف منها.
في السياق، أكّد الخبير الاقتصادي تحقيق المؤشرات الاقتصادية الكلية، من خلال المجهودات المبذولة من قبل المسؤولين في البلاد، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي يستعد لتسلّم مهامه كرئيس للجمهورية لعهدة ثانية.
وقال سلامي إذا تمّ تسجيل إقبال على السياحة، وتحقيق معاملات اقتصادية بالجزائر سيجبر الطرف الأجنبي على التعامل بالدينار، وإجراء معاملات اقتصادية بالعملة الوطنية.
وكان الدينار قد شهد خلال السنة المنصرمة تعافيه التاريخي، في مستوى صرف العملة الوطنية لدى البنوك الرسمية، بفضل مؤشرات خضراء حققها اقتصاد البلاد، تحقيق نمو الاقتصاد، التنافسية الاقتصادية مع دول حوض المتوسط والدول الإفريقية، بالإضافة إلى المؤشرات المالية العالية، منها ميزانية المدفوعات.