ضمـان أكــثر مـن 70 في المائة مـن الاحتياجـات الوطنيـة للغـذاء
تحيل قراءة مؤشرات واقع قطاع الفلاحة اقتصاديا، وما يسجله من تطورات بالجزائر، إلى أنّ البلاد ماضية - فعلا لا قولا - نحو تحول اقتصادي هام في تاريخها، وهو ما أسّست له الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية التي قام بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وأولاها بعناية خاصة منذ وصوله إلى سدة الحكم، فتجسدت على أرض الواقع بفضل التركيز على تنمية الفلاحة الصحراوية، وزيادة المساحات الصالحة للزراعة عبر مجال جغرافي شاسع.
أكّد المختص في الاقتصاد، الدكتور جمال جعفري، أنّ قطاع الفلاحة يعتبر قطاعا رئيسيا في الجزائر وعمودا أساسيا في الاقتصاد الوطني، بسبب مساهمته في التوظيف والناتج المحلي الإجمالي، فهو يوظف حوالي 2.6 مليون شخص، كعمال زراعيين يمثلون أكثر من 74 في المائة من اليد العاملة في قطاع الزراعة الريفية، و24 في المائة من القوى العاملة الوطنية.
وذكر محدّثنا أنّ هذا القطاع الاقتصادي المهم، يساهم بنسبة 18 في المائة من الناتج الداخلي العام، بقيمة تفوق 4747 مليار دج، حيث أنه يضمن الأمن الغذائي للبلاد، وذلك من خلال تغطية أكثر من 70 في المائة من الاحتياجات الوطنية من الغذاء خاصة من المنتجات الفلاحية.
وأوضح محدّثنا - في هذا الشأن - أنّ الحكومة الجزائرية ركّزت خلال السنوات الأخيرة على القطاع الفلاحي بما هو قطاع استراتيجي يعول عليه في تحقيق الأمن الغذائي، وهو التصور الذي جاء به رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في برنامجه الانتخابي، وذلك من خلال مسعى مهيكل واندماجي قائم على بنية متناسقة مع السياسات القطاعية الأخرى، ما من شأنه تطوير القطاع الفلاحي، ويجعله رافدا من روافد التنوع والنمو الاقتصادي.
وقال جعفري إنّ توجه الحكومة الجزائرية نحو الاستثمار في قطاع الفلاحة، خاصة في المناطق الصحراوية ومناطق الهضاب العليا، من خلال التركيز على إنتاج الحبوب وخاصة منها القمح بنوعيه، والذي يعتبر غذاءً أساسيا في النمط الغذائي للفرد الجزائري، وكذا الصناعات الزراعية الغذائية، حيث أنّها اعتمدت على تعبئة أكبر لرؤوس الأموال، وهذا ما تطمح إليه الدولة الجزائرية من خلال تغطية الاحتياجات الغذائية الأساسية، وزيادة الإنتاج والإنتاجية الزراعية، وتطوير نموذج زراعي ريفي جديد مدفوع بالاستثمار الخاص، بالإضافة إلى تحسين القدرة التنافسية للمنتجات الغذائية الزراعية، وكذا تحديث الزراعة من خلال دمج المنتجات ذات الصلة بالمعرفة والرقمنة.
وقال الدكتور جعفري إنّ الدولة الجزائرية تركز على مساهمتها واستمرارها في بذل الجهود دوما لترقية الاقتصاد بالقارة الإفريقية، لاسيما في مجال الأمن الغذائي من خلال تعزيز الزراعات الصحراوية، وتطوير الاستثمار في إطار التعاون جنوب-جنوب.
وبالنظر إلى إمكاناتها الهائلة في مجال الفلاحة، سواء من توفر الثروة المائية والمساحة الجغرافية عبر المناطق الصحراوية، فإنّ رهان تحقيق الأمن الغذائي في الجزائر يعد طموحا ممكنا وقريبا، وينبغي العمل عليه أكثر خلال المرحلة القادمة، من أجل بلوغه على مدى أقرب من المتوقع، بالإضافة إلى أن توفر الإرادة السياسية يعد داعما أساسيا ومهما لتحقيق هذا الرهان، ومواجهة مختلف التحديات في هذا المجال.
واعتبر محدّثنا أنّ ما تحقّق للقطاع الفلاحي خلال السنوات الأخيرة، يؤكّد أنه يعد قطاعا استراتيجيا يمكن للدولة الجزائرية الرهان عليه في تحقيق أمنها الغذائي، خاصة في ظل التقلبات التي تشهدها سوق النفط العالمية، والتي تؤكّد ضرورة العمل من أجل تنويع الاقتصاد الوطني وتحريره من عباءة قطاع المحروقات، بالعمل على تنويع مجالات الاستثمار الاقتصادي.
من جهة أخرى، أكّد جعفري أن تنويع الاقتصاد الوطني يعد رهانا يتطلب تطوير قطاع الفلاحة، كما يستدعي تحقيق رهان الأمن الغذائي تطوير هذا القطاع، مشيرا إلى أنّ تطوير قطاع الفلاحة في مجال الاستثمارات الفلاحية الضخمة، من شأنه أن يساهم في تغيير كثير من المؤشرات الاقتصادية نحو الأفضل، بالإضافة إلى تخفيض قيمة فاتورة الاستيراد، والمساهمة في رفع معدل الصادرات، وغيرها من الأمور التي ستساهم في تهيئة الأرضية الاقتصادية لضمان تعزيز قوة الاقتصاد الوطني، وذلك بالاعتماد على توفر الكثير من المقدرات والمؤهّلات التي تعد أساسية في تحقيق هذا الرهان.