طباعة هذه الصفحة

زوجة الشهيدين “غادة الهندي”

.. وكــأنّ الحُزن يـعـرف أهلــه!

شيماء ناصر الدرة

وحدها بالجنوب فطر الموت قلبها للمرة الثانية، بعدما عوّضها الله خيرا بموت ياسر الذي قنصه الاحتلال بمسيرات العودة في عام 2018 وهو يرصد بعدسته جرائمهم بحقّ المدنيين والعزّل، واليوم اغتيال حمزة بنفس الجزم بعينهم يوثق هموم النازحين في مراكز الإيواء لم يكن بيد بندقية بل كاميرا ليشاهد العالم زيف الاحتلال الصهيوني وأنصاره.

تزوّج حمزة (أخ الشهيد ياسر مرتجى) غادة.. هذا العُرف يعرفه أهل الشهداء جيداً إذ يتزوّج الأخوة زوجة أخيهم حفاظاً على “العائلة والأبناء”. استشهد حمزة مرتجى رفقة ثلاثة من أصدقائه أثناء نزوحهم ولجوئهم لمدرسة مصطفى حافظ في مدينة غزّة، في واحدة من المجازر التي بات صعبًا أن تعدّ في ظلّ ازدحام القتل الذي تمارسه آلة العنصرية الصهيونية على قطاع غزّة منذ عشرة أشهر.

 وُلد ياسر وغادر حمزة

وبالانتقال إلى غادة الهندي زوجة حمزة، فهي الآن حزينة في الجنوب تتجرّع مرارة فقد الزوج للمرة الثانية بعد أن فقدت ياسر قبل سنوات، وها هو ابن ياسر عبد الرحمن يقاسي آلام اليتم للمرة الثانية، بعد أن فقد والده ياسر، ثم فقد عمه ووالده الثاني حمزة، بعيدون عنه في الجنوب لا يستطيعون وداعه، وهما اللذان تفصل بينهما وبين جثمانه مسير نصف ساعة لا أكثر!!.
 لم يكتب لحمزة رؤية صغيره ياسر، وتنفّست ثم سرد لنا “لم يكن الأمر هيّن المخاض تحت النيران وحدي دون أن يكن معي حمزة، صرخ صغيري صرخة الحياة في 6 من أفريل نفس يوم ارتقى فقيدنا ياسر وأسميناه ياسر دون أن يعلم أنّه سوف يشاطر عبد الرحمن اليتم وكان حمزة نعم الأب كان يتلهف لرؤيته كان لدينا أمل بالهدنة ولكن أمر الله نافذ”.  

 حمزة يلحق ياسر

أكمل حمزة مسيرة ياسر بكلّ تفاصيلها، ربّى ابنه عبد الرحمن، وأنجب طفلين، كان آخرهما ياسر الذي ولد قبل أيام، واجتمع الحزن على قلبه في جنوب القطاع بشكل مضاعف، حزن الأب الذي غادر دون أن يرى طفه الجديد” ياسر” ودون أن يودع زوجته التي تذوق وجع فقدان الزوج دون وداع. كان حمزة مرتجى يعمل مصوراً وصحافياً مع وسائل إعلام عدّة، وهو خريج العلاقات العامة من الجامعة الإسلامية، كما هو شقيق الصحافي ياسر مرتجى الذي استشهد فجر السابع من أفريل 2018 بعدما استهدفه جيش الاحتلال الصهيوني خلال تغطيته لفعّاليات مسيرة العودة وكسر الحصار شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزّة. ترك حمزة شقيقين من بعد ليكملان الرسالة (بلال ومعتصم)، وقد تعلم كلاهما كما حمزة حب الإعلام وإيصال الرسالة الإعلامية من شقيقهم الأكبر الشهيد ياسر.

الاحتلال يواصل قتل الصحافيين الفلسطينيين

وأدانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين جريمة الاحتلال رقم 162 التي اغتال فيها الصحفي حمزة مرتجى في مدرسة مصطفى حافظ بمدينة غزّة. فيما حمل المكتب الإعلامي الحكومي الاحتلال مسؤولية ارتكاب الجريمة، وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات العلاقة بالعمل الصحافي وحقوق الصحافيين بردع الاحتلال الصهيوني وملاحقته في المحاكم الدولية والضغط لوقف جريمة الإبادة المستمرة لشعبنا وخاصة استهداف الصحافيين المتعمّد.
ولعلّ المثير للأسى والقهر في قصص الموت أنّ قضية المرحوم الشهيد ياسر مرتجى قد قدّمت من قبل الاتحاد الدولي للصحافيين لمحكمة الجنايات الدولية، ولا زالت في أدراج المكتبات، لم ينظر في أمرها ولم يصل عنها خبر، تماما ككلّ قصص القتل والإبادة التي يراها العالم اليوم، ولا زال يسخر منا ويدّعي أنه يبحث عن الدلائل!