طباعة هذه الصفحة

الجريح مجاهد بلاص

ضحية لسياسة الـدروع الـبشرية الـصهيونـية

محمد بلاص

ساعات عصيبة تلك عاشها الشاب مجاهد رائد بلاص (24 عاماً) من مخيم جنين، وهو مكبّل اليدين ومثبت على مقدّمة آلية عسكرية صهيونية وينزف دماً بعد إصابته بالرصاص، حتى شعر بأنّه سيلفظ أنفاسه الأخيرة جراء الدماء الغزيرة التي سالت منه ودرجة الحرارة العالية التي كانت تنبعث من محرك الآلية العسكرية وتسببت بإصابته بحروق من الدرجة الأولى.

كان مجاهدا في منزل عم والده أبو إياد العزمي في منطقة الجابريات المطلّة على المخيم من الجهة الجنوبية منه، أول من أمس، عندما كان المنزل هدفاً لإطلاق نار كثيف من قوات صهيونية خاصة، فأصيب بالرصاصة الأولى دون أن يعلم مصير من كان برفقتهم من أقاربه داخل المنزل الذي سرعان ما حاصرته قوات الاحتلال، وطالبت عبر مكبرات الصوت جميع الموجودين بداخله بالخروج منه.
ولجأ ذلك الشاب إلى محاولة الاحتماء من رصاص القوات الخاصة و«القنّاصة” أسفل مركبة كانت متوقفة بجوار المنزل، إلا أنّه كان هدفاً لإطلاق النار من جديد فأصيب برصاصة ثانية في ساقه جعلته غير قادر على الحركة. في تلك الأثناء، طالب جنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت الشاب مجاهد بالسير ببطء نحوهم، دون أن يكترثوا لإصابته وعدم قدرته على الحركة جرّاء إصابته. ولم يكن هذا الشاب يستطيع السير على رجليه من شدّة الألم الناجم عن إصابته، لكن لم يكن أمامه من خيار آخر فسار بصعوبة نحو جنود الاحتلال، اعتقاداً منه أنه سيكون إمّا هدفاً للاعتقال أو تسليمه لطاقم الإسعاف الذي كان على بعد أمتار قليلة، دون أن يخطر بباله أنّ الجنود سيكبلونه وهو مصاب ويضعونه على مقدّمة الآلية العسكرية التي تجوّلت في الشوارع تحت أشعة الشمس الحارقة، وهو ينزف، قبل تسليمه إلى طاقم الإسعاف.
وأكّدت عائلة الشاب الجريح، أنّ نجلها لم يكن مطلوباً لقوات الاحتلال، ونجا من الموت بأعجوبة، بعد أن أصيب برصاص الاحتلال خلال اقتحام منزل ابن عمومته المواطن رأفت عزمي حسينية في حي الجابريات، خلال عملية أسفرت عن إصابة أربعة شبان من بينهم ابن عمومته مجد حسينية والذي نقلته قوات الاحتلال بمروحية إلى أحد المستشفيات الصهيونية. ووفق الشاب رأفت عزمي حسينية، فإنّه وأفراد عائلته استيقظوا صباحاً على دويّ رصاص كثيف في محيط منزله حيث كان معه إضافة إلى أسرته، شقيقاه مجد وحمودة وعدد من أقاربه وأصدقائه الذين كانوا في ضيافته.
وأضاف: “ما زاد من قلقنا اتصال هاتفي من صديق أبلغني بوجود القوات الصهيونية الخاصة في ساحة منزلنا، وعندما خرجت من غرفتي للاطمئنان على أسرتي وضيوفي، شاهدت شقيقي مجد ملقى على الأرض مضرجاً بالدماء، بسبب إصابته برصاصتين في يده وخاصرته، وأبلغني أنّه عندما فتح مع ابن عمي مجاهد باب المنزل الخارجي، لمعرفة ما يجري، تعرضا لإطلاق نار مباشر من القوات الخاصة والقنّاصة، وسحبت قوّة أخرى الجريح مجاهد، وصلبته على مقدّمة الآلية العسكرية، بعدما منعت مركبات الإسعاف من إسعافه”.
وقال شاهد عيان: “كانت لحظات مروّعة ومرعبة، عندما ألقى جنود الاحتلال الشاب مجاهد على مقدّمة الآلية العسكرية، وهو ينزف ويصرخ طلباً للإغاثة، لكنهم لم يهتموا لحالته ووضعه، وتعمّدوا التجوّل في الشوارع، وهو بهذه الحالة، ثم سلّموه لطاقم إسعاف الهلال الأحمر مع اثنين من الجرحى إلى مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي في جنين”. واقتادت قوات الاحتلال أفراد عائلة العزمي إلى العراء، وبعد التفتيش والتحقيق نقلوهم إلى منزل مجاور حيث احتجزوهم ساعات حتى انتهت العملية، وخلال ذلك، اقتحموا منزلها وسط إطلاق نار كثيف.
وروى أحد أفراد العائلة “تعاملوا معنا بحقد ووحشية، واقتحموا المنزل بطريقة همجية وأطلقوا النار دون سبب، رغم عدم وجود مطلوبين بيننا، واستمروا باحتجاز شقيقي الجريح مجد دون علاج نحو ساعتين، ثم اعتقلوه مع شقيقي أحمد وشابين آخرين، وجميعهم ليسوا مطلوبين، وأحرق الجنود مركبتنا ومركبة الشهيد بهاء أبو الهيجاء، دون أيّ مبرر”.
وبحسب عائلة الجريح مجاهد، تم تحويله إلى مستشفى “ابن سينا” الحكومي التخصّصي حيث خضع لعملية جراحية معقّدة استمرت أكثر من ثلاث ساعات متواصلة، وأبلغ الأطباء بعدها العائلة أنّ نجلها يعاني من إصابتين بالرصاص الحي إحداهما في ذراعه، حيث تسبب الرصاص بكسر في العظم فيما أصابت الثانية ساقه وتسببت بكسر في العظم، وسط مخاوف من الأطباء بتضرّر العصبين الرئيسين للذراع والساق.