أكّد أمس الدكتور جهاد خليل الوزير محافظ السلطة النقدية المالية الفلسطينية، أن الجزائر تقدم سنويا في إطار الجامعة العربية وبشكل منتظم مساعدات مالية لفلسطين تناهز 26.5 مليون دولار، وقامت مؤخرا بعد العدوان الذي مسّ غزة من طرف الاحتلال الصهيوني بمنح مساعدات إضافية قدرت بـ 25 مليون دولار، تنفق في دعم الموازنة الفلسطينية، كاشفا أن جزء أساسي من هذه الموازنة يوجه إلى غزة. واستعرض تجربة بلاده المصرفية التي وصفها بالناجحة والنموذجية بشهادة دولية في تطوير إدارة وتسيير مركزية المخاطر.
وقف محافظ سلطة النقد الفلسطينية الدكتور جهاد خليل الوزير بعرفان على قوة الدعم الجزائري لفلسطين، واعتبر في نفس المقام أن تضحيات الثورة الجزائرية كانت ملهمة للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى قوله أن الجزائر احتضنت الخلايا الأولى للكفاح الفلسطيني واليوم يوجد شعبه على حد اعترافه أمام معركة كرامة جديدة مع غزة.
وصف الدكتور جهاد خليل الجهاز المصرفي الفلسطيني بالقوي، حيث اعتمد على تطوير أنظمته الداخلية، ويرى أن التحدي الأكبر يكمن في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ولم يخف أن هذا الجهاز المصرفي يتوفر على أصول بقيمة لا تقل عن 11 مليار دولار موزعة على 17 بنكا والتي تعد مزيجا بين بنوك فلسطينية وأردنية بالإضافة إلى بنك مصري وآخر أروروبي.
وتحدث الدكتور المحافظ عن إسفار التسهيلات المدرجة منذ سنة 2006 بشكل مستمر عن ارتفاع نسبة الإقراض من حدود 28 بالمائة إلى 56 بالمائة، وأرجع متحدثنا الأسباب الكامنة قبل الرفع من الإقتراض إلى مخاطر الاحتلال وجرف الطرقات واستحالة الحركة التجارية، وكل ذلك لم يثن إرادتهم في وضع جهاز مصرفي وسط الاحتلال ورغم أن 70 بالمائة من الضفة الغربية ليس تحت سيطرتهم ولا يمكنهم بناء الطرقات أو شبكة الاتصالات، حيث وصل عدد الحواجز في الضفة الغربية إلى نحو 600 حاجز بينما حصار غزة استمر لعدة سنوات وسجلت صعوبة كبيرة في حركة التصدير نحو بلدان العالم العربي واستحالة إدخال مواد البناء لأنه يعتقد أن الاقتصاد مبني على مدى حركية الأسمنت، لأنه في حالة منع دخول الأسمنت ترتفع حدة البطالة.
ومن بين الحلول والحيل التي استعان بها الجهاز المصرفي لاختراق الحصار استعمال سيارات الإسعاف لنقل السيولة النقدية حتى يتمكّن المواطن من الوصول إلى أمواله. علما أن العملة المتداولة في الأراضي الفلسطينية تشمل كلا من الدينار الأردني والدولار و»الشيكل» عملة كيان الاحتلال الصهيوني، وينتظرون كما قال الوقت المناسب على الصعيد الاقتصادي للتخلص من التبعية النقدية لعملة الاحتلال، وذكر أن سلطة الضبط تعكف على تقييم المخاطر في الإقراض الحكومي الذي يتم من البنوك الفلسطينية.
واستعرض الدكتور أولى خطوات إصلاح الجهاز المصرفي سنة 2006 موضحا أن سلطة النقد هيئة مستقلة لا تتأثر بأي تحدّ أو انقسام سياسي داخلي كونها مؤسسة موحدة.
ويذكر أنه تم إدخال المزيد من الشفافية، وتوجت الجهود بديوان للتظلمات ويعد مكتبا مستقلا يشرف على مراجعة التظلمات مرتين في الأسبوع إلى جانب استحداث مكتب أخلاقيات العمل ويحفظ الالتزام بالقانون ومراعاة السرعة المصرفية إلى جانب مكتب تدقيق مستقل لتقييم المخاطر علما أنه كان له أثر في تعزيز سلطة النقد وسط المواطنين واستفاد الجهاز كذلك من الأزمة المالية العالمية حيث ركز على ترقية الموارد البشرية والإصلاح القانوني على غرار قانون مكافحة غسل الأموال.
وتوّج العمل الإصلاحي حسب الدكتور محافظ سلطة النقد بإصدار قانون المصارف الجديد مستفيدين من التجربة المالية مع إعادة ترتيب آليات العمل في الجهاز المصرفي، حيث من بين 21 بنكا تم تأهيل البنوك الضعيفة بينما 3 بنوك لم تكن تقبل الإنقاذ شملتها عملية التصفية وانتقل إلى إنشاء رقم ائتمان لكل مقترض، معلنا في سياق متصل أن 65٪ من الاحتياطات المالية تستثمر في الخارج، وبعد ذلك تم الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في العمل بقاعدة البيانات وتم التمكن من الرفع من دقة الجهاز وتوحيد المعلومات، معترفا أنه بفضل قاعدة الائتمان انتقل سقف الإقراض من 28 إلى 56٪، وصار الجهاز المصرفي بعد سنوات يساهم أكثر في الاقتصاد.
وبرّر مواجهة الجهاز المصرفي الفلسطيني بعد تسلم حركة حماس السلطة في غزة لبعض المشاكل كون هذه الأخيرة تسببت في امتناع عدة بنوك أجنبية عن التعامل معه وتحويل الأموال من مختلف البنوك العالمية كون التحويلات تمر على نيويورك وفي ظل وجود قضايا مع المحاكم وصودرت أموال فلسطينية بسبب التهديد السياسي بما فيه الاحتلال الصهيوني.
وكشف المسؤول الأول في سلطة النقد الفلسطينية أن نسبة عدم تسديد القروض بفضل قواعد بيانات الائتمان انتقلت من 23٪ سنة 2006 إلى 2.9٪، وأسفر كل ذلك عن ملائمة مالية بنسبة 20٪. وعلى ضوء الاستفادة من التجارب الأوروبية وضعوا 11 سيناريو يتم تطبيقه في حالة المخاطر، ووضعت البنوك الصغيرة قيد الإصلاح ورفع رأسمال البنوك كحد أقصى إلى 150 مليون دولار.
وبخصوص إدارة المخاطر ومعالجة الأزمات والحرب على غزة، توجد خلية أزمة منبثقة من جمعية المصارف بالإضافة إلى اجتماع المدراء في الأزمات.
وتحسبا للآثار التي يحتمل أن تترتب عن ما يسمى بالربيع العربي تم التخطيط لمختلف الاحتمالات بتبني أربع مخططات وقائية ذات رمزية مصرفية، ويتعلق الأمر حسبه بـ «سيناريو السلحفاة» أي الحركة البطيئة، إلى جانب السيناريو الأخطر والراهن وهو سيناريو»مالطا» أو «الخراب»، وسيناريو «علامات الساعة» في حالة فقدان السيطرة الأمنية وفقدان الأموال أو في حالة انقطاع التيار الكهربائي.
وفيما يتعلق بغزة حقق التحدي الذي رفعوه وهو استمرار الجهاز المصرفي في تقديم الخدمات وتوفير السيولة رغم تضرر عائلات الموظفين وفقدان 7 من العمال على اعتبار وجود 75 ألف موظف في غزة يسحبون رواتبهم من المؤسسات المالية. وأعلن أنهم منذ 2006 يفكرون في إنشاء بنك مركزي وعملة وطنية وعن قريب سيرى هذا البنك النور مثمّنا الترسانة القانونية وقوة الجهاز المصرفي الفلسطيني.
وفي رده على سؤال يتعلق بمدى تطبيق برنامج بال 2 وقانون «الفاكتا» أوضح الدكتور جهاد خليل الوزير يقول لم نكن متساهلين حيث نسبة 8٪ حسبه لم تكن كافية نظرا للمخاطر التي يمرون بها وتم الإبقاء على 15٪ من أرباح البنوك كاحتياطي وفي بداية 2013 تمت إضافة احتياطي جديد من 1.5٪ إلى 2٪ ويتواجدون في مرحلة تطبيق بال 2 و3 حيث لديهم خطة قيد التجسيد مع الجهاز المصرفي.
أما حول «الفاكتا» وصف السياسة الأمريكية بالمجحفة في حق جميع البلدان العربية كونها تتعامل بالدولار وفي ظل وجود عدد معتبر من الفلسطنيين يحملون الجنسية الأمريكية وتم تطبيق التعديل عليهم بعد تحسيس واسع في رام الله وأبدى استيائه من استغلال أمريكا لهم كموظفين لتحصيل ضرائبها.
لكصاسي محافظ بنك الجزائر يكشف
تشغيل منظومة تسيير مركزية المخاطر في السداسي الأول 2015
كشف أمس محمد لكصاسي محافظ بنك الجزائر عن الانتهاء من تحديث وتطوير تسيير مركزية المخاطر ودخوله حيّز السريان خلال السداسي الأول من سنة 2015، حيث تجري عملية التحديث الداخلي وينتظر أن يتم الاستفادة من التجربة الفلسطينية التي حققت نجاحا محسوسا.
اعتبر محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي على هامش استعراض محافظ سلطة النقد المالية الفلسطينية لتجربة بلده، أنه بعد تحضير مكثّف سيتم الانطلاق عن قريب في عملية تحديث تسيير مركزية المخاطر التي يشرف عليها بنك الجزائر، ولم يخف محافظ بنك الجزائر أنه سيتم الاستفادة من التجربة الفلسطينية من خلال تحويل الخبرة الفنية لتجربة وخبراء سلطة النقد الفلسطينية.
وأعطى لكصاسي موعدا للانتهاء من تحديث تسير مركزية المخاطر وجعله عملياتيا بالسداسي الثاني لسنة 2015. وفي رده على سؤال يتعلق بوضعية الدينار الجزائري أكد المسؤول الأول في بنك الجزائر أنه يعرف استقرارا.
وبخصوص قانون «الفاتكا» الخاص بالحسابات الأجنبية للحاملين للجنسية الأمريكية إذا زادت حساباتهم عن سقف معين أوضح أن الجزائر معنية بقانون «الفاتكا» على غرار جميع الدول.
فضيلة/ب