طباعة هذه الصفحة

الخبير الإقتصادي بوشيخـي بوحوص لــ “الشعـب”:

جهود حثيثة لاسترداد الأموال والممتلكات المنهوبة

خالدة بن تركي

استعـادة الأمـوال المهرّبـة دعـم إضافـي للإقتـصـاد الوطنـي

 تواصل الجزائر جهودها نحو استرجاع عدد أكبر من الأموال المنهوبة والأملاك العقارية والمنقولة المصادرة في إطار مكافحة الفساد، وهذا لتحقيق مداخيل إضافية تدعم الخزينة العمومية من جهة، وتساهم في النهوض بالاقتصاد الوطني.

 أوضح الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص في تصريح لـ “الشعب”، أن استرداد الأموال المنهوبة في إطار مكافحة الفساد والتي تقدر بملايير الدولات، يعتبر من بين التزامات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون التي أكّد عليها في العديد من المرات، مشيرا إلى أن هذه المبالغ استنتجت من خلال القروض المبرمة من رجال الأعمال المفسدين مع البنوك العمومية والتي حوّلت بالطرق الملتوية.
أكّد الخبير أنّ الدولة تحرص على متابعة الأمر لاسترداد كل الأموال، وأكّدت في عدة مناسبات “أنّها لن تتنازل عن دينار واحد سرق أو اختلس أو عن شبر من العقار نهب أو حول عن وجهته على اعتبار أنّها أمانة يسهرون عليها جميعا” .
وبخصوص الأموال المسترجعة، أكّد بوحوص أن رئيس الجمهورية أعلن في نهاية ديسمبر 2023 أنّ الجزائر تمكّنت من استرجاع أكثر من 30 مليار دولار تم نهبها من المال العام وفي عمليات فساد، ما يعني أن الجزائر استرجعت نحو 40 بالمائة من هذه الأموال، أي 30 مليار دولار من ضمن 80 مليار دولار - يضيف الخبير - وكل المؤشرات تدل على أن بلادنا سوف تسترجع كل المبالغ، وخاصة مع التعاون القضائي الدولي والإنابات القضائية مع دول إسبانيا، فرنسا، ايطاليا، لبنان، وكذلك كندا سويسرا.
وصرّح في ذات الشأن، أنّ الأملاك المسترجعة أو العقارات من شأنها أن تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية في مختلف القطاعات سياحة صناعة وفلاحة، حيث تمّ في الجانب الفلاحي استفادة القطاع من ثلاث مؤسسات في إطار عملية استرجاع الأملاك العقارية والمنقولة المصادرة في إطار مكافحة الفساد تتعلق بشركة إنتاج اللحوم البيضاء والبيض الموجه للاستهلاك، التي أسندت إلى مجمّع الصناعات الغذائية واللوجيستيك “اغرولوغ” والشركة المتخصصة في إنتاج الأجبان، تم اسنادها إلى مجمع الحليب ومشتقاته “جيبلي” وشركة إنتاج زيت الزيتون المسندة لشركة تطوير الزراعات الإستراتيجية” ديكاس”.
وأضاف المحلّل الاقتصادي، أنّ استرداد الأملاك العقارية في إطار مكافحة الفساد من شأنه توسيع النشاطات في مختلف المجالات خاصة الفلاحة، التي تعد قطاعا رئيسيا في الجزائر وعمودا أساسيا في الاقتصاد الوطني بسبب مساهمتها في التوظيف والناتج المحلي الإجمالي، كما أنّها تضمن الأمن الغذائي للبلاد.
وعن الآليات المعتمدة، أشار الخبير بوشيخي إلى تحديد مدونة إيرادات ونفقات الصندوق الخاص بالأموال والأملاك المصادرة أو المسترجعة في إطار قضايا مكافحة الفساد وكذا كيفيات متابعته وتقييمه، وهذا بموجب قرارين لوزارة المالية صدرا في الجريدة الرسمية رقم 96.
ووفقا للقرار الأول - يوضح المتحدّث - فإن إيرادات هذا الصندوق تتضمن على وجه الخصوص الأموال المصادرة بناء على أحكام قضائية نهائية، وهو ما يشمل الأرصدة الدائنة للحسابات البنكية بالدينار الجزائري، وبالعملة الصعبة مقيدة بالدينار الجزائري، كما يتضمّن الأموال المسترجعة من الخارج، مقيدة بالدينار الجزائري.
وأضاف أستاذ الاقتصاد “تتضمّن الإيرادات أيضا ناتج بيع الممتلكات المصادرة بناء على أحكام قضائية نهائية أو المسترجعة، ويشمل ذلك الأموال المقابلة لناتج بيع الممتلكات المملوكة للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، والأموال المقابلة لناتج بيع الممتلكات المنقولة المملوكة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين، وناتج بيع الحصص الاجتماعية والأسهم المملوكة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين، وكذا الأموال المقابلة لفائض القيمة الناتجة عن استغلال الممتلكات والقيم المصادرة”.أما فيما يخص النفقات، فإنّ موارد الصندوق توجّه لتسديد المصاريف المتعلقة بتنفيذ إجراءات المصادرة والاسترجاع والبيع، وهو ما يشمل المصاريف القضائية، ومستحقات المتصرفين والمصاريف والأتعاب المرتبطة بالإجراءات القضائية المتخذة أمام الجهات القضائية الأجنبية، ومصاريف إدارة وتسيير الأملاك المصادرة أو المسترجعة، ومصاريف حراسة وتقييم الأملاك العقارية والمنقولة المصادرة أو المسترجعة، ومصاريف نقل الممتلكات المنقولة المصادرة أو المسترجعة، وكذا المصاريف المترتبة عن عمليات البيع المقررة.
وسمحت عمليات استرداد الممتلكات المنهوبة باسترجاع أكثر من 23 مصنعا عبر كامل التراب الوطني مختص في الاشغال العمومية، وتم استدعاء العمال وسوف يتم اعادة بعث نشاطها لاستيعاب خريجي الجامعات والمعاهد، والتي من المتوقع أن تصل الى 50 ألف منصب عمل، وكذلك استرجاع المزارع الفلاحية وحظائر تربية الدواجن وإنتاج تغذية الأنعام وإلحاقها بالديوان الوطني لتغذية الأنعام “أوناب”، في إطار رؤية رئيس الجمهورية لإنشاء المزارع النموذجية، كما توجّه موارد الصندوق أيضا لتسديد المبالغ المستحقة بعنوان تصفية الديون المثقلة على الأملاك المصادرة أو المسترجعة، “لصالح الدائنين بحسن نية”.
وأشار الخبير إلى قرار وزارة المالية المتعلق بكيفية متابعة وتقييم هذا الصندوق، وبموجب هذا القرار يتم إنشاء لجنة تتكفل بضمان المتابعة والتقييم، وبإعداد حصيلة سنوية لسير هذا الصندوق، وبحسب القرار تخضع الالتزامات والمدفوعات المستحقة من الصندوق لرقابة هيئات الدولة المؤهلة.
تطرّق أيضا إلى مجلس مساهمات الدولة في دورته 187 التي عقدت أشغالها الإثنين 5 أوت 2024 لاستكمال الإجراءات القانونية الخاصة بالتسوية النهائية لملف الأملاك العقارية والمنقولة المصادرة بموجب أحكام قضائية نهائية في إطار قضايا مكافحة الفساد، ونقل ملكيتها بمقابل ذي قيمة إلى المؤسسات العمومية الاقتصادية.
وفي إطار تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية بالمعالجة النهائية لهذا الملف من خلال إيجاد الصيغ الملائمة لتوجيه الأموال المنهوبة المسترجعة لصالح المجموعة الوطنية، وضمان الاستغلال الأمثل لوحدات الإنتاج المعنية - يقول الأستاذ - تمّ رسميا اعتماد “مشروع إنشاء مجمع للأشغال البحرية -GTM” باعتباره أداة فعالة لتنفيذ الاستثمارات المزمع إطلاقها في مجال تطوير المنشآت والبنية التحتية البحرية التي من شأنها مرافقة الحركية التي يشهدها الاقتصاد الوطني، لاسيما في جانبها المتعلق بترقية الصادرات خارج المحروقات، ويكون لدينا أسطول بحري لنقل مختلف السلع والمعدات الجزائرية الموجهة للتصدير، وتحقيق على الأقل 29 مليار دولار خارج المحروقات في آفاق 2030.
وعليه، أكّد الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص أنّ الدولة تعمل على استرجاع كل الأموال المنهوبة الممثلة في مبالغ مالية، عقارات ووحدات صناعية لأجل استغلالها في تطوير الاقتصاد الوطني.