طباعة هذه الصفحة

صحافيون مغاربة يدينون اعتقالهم والتشهير بهم:

نعيش نسخة رديئة من سنوات الجمر والرصاص

ندّد الصحافيون توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي، المفرج عنهم بعفو ملكي قبل نحو أسبوعين، باعتقالهم لسنوات في قضايا اعتداءات جنسية ملفقة، وطالبوا بالإفراج عما تبقى من «معتقلين سياسيين” في المغرب.
قضى الصحافيون الثلاثة المعروفون بانتقاداتهم للسلطات المغربية ما بين أربعة وستة أعوام في السجن قبل الإفراج عنهم بعفو ملكي في 30 جويلية الماضي.
وجدّدوا في المهرجان الذي نظمته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (همم)، وجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان (أصدوم) على شرفهم تحت شعار “لنضال مستمر من أجل مغرب خال من الاعتقال السياسي”، بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، رفض للتهم التي دينوا بها. وقد ظلّت السلطات المخزنية تزعم بأنهم حوكموا في قضايا حق عام “لا علاقة لها” بحرية التعبير.

الراضـــي: الاعتقـال يتـمّ بطـرق قــذرة

قال الصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي (38 عاما) الذي اعتقل في عام 2020 ليحكم عليه بالسجن ستة أعوام في قضيتي “اعتداء جنسي” و«تجسس” مزعومتين، أن” اعتقاله والصحفيين والنشطاء الذين تمّ الإفراج عنهم مؤخرا تمّ بطرق قذرة.”
ونوّه الراضي بالدور المحوري للعائلات أثناء الاعتقال، مشيرا إلى أنه كان دائما يسمع عن الدور الذي لعبته العائلات خلال سنوات الرصاص، لكنه لمسه عن قرب خلال تجربته في السجن.
وأضاف “كنت أقول ربما لن يكون هناك تضامن؛ لأن الهدف كان تكسير التضامن، لكنني فوجئت جدا”.
وأضاف: “لم أشعر أبدا بالعزلة؛ لأنني كنت أعرف أن هناك وسطا كبيرا، محركه والدتي ووالدي، اللذان رفضا جميع الضغوطات والمضايقات”، مردفا: “اعتقالي فضيحة صادمة وغير مقبولة، يجب مواجهتها”، متابعا: “اعتقلنا باستعمال طرق قذرة”.

نسخـة مـن سنـوات الجمــر والرصـــاص

واعتبر الراضي أن التضييق والاعتقال اللذان مورسا في السنوات الأخيرة ما هما إلا نسخة رديئة من سنوات الجمر والرصاص الحالكة.
وأكد أنه بدون عائلته كان من الممكن أن يجنّ في السجن، موضحا أنه كان يظن أنه لن يحظى بأي تضامن بالنظر للتهمة التي لفقت له، لكن تفاجأ بزخم التضامن وطنيا ودوليا، لافتا أن حجم التضامن سيعطي فكرة لمن فبرك هذه الملفات، متسائلا عن قيمة جهاز قضائي لا أحد يثق فيه.
وتابع “نعيش مشكلة حقيقية بسبب تعاظم أدوات السلطوية، كنا نحلم دائما بأجهزة مستقلة، لكن ما نعيشه اليوم هو تغول المخابرات والأمن الذي وصل لمستوى خطير جدا”.
وزاد: “اعتقالنا يمثل 1 في المائة من الاضطهاد الموجود في المغرب لأن هناك أشكال أخرى من الاضطهاد غير مرئية”.

الريسوني: الطريق إلى دولة الحق بعيدة

بدوره، ندّد سليمان الريسوني (52 عاما) باعتقاله الذي تمّ في 2020 ليحكم عليه بالسجن خمسة أعوام في قضية “اعتداء جنسي” ملفقة، وقال “للأسف لا يزال الطريق أمامنا طويلا، ليس فقط للإفراج عن المعتقلين السياسيين، ولكن لبناء أسس الدولة التي تضمن الحدّ الأدنى من الحق والقانون ولا يتكرّر فيها هذا التعسف القاسي والظالم”.
وقال الريسوني “فرحتنا ناقصة بدون إطلاق جميع معتقلي الحركات الاجتماعية، ومعتقلي الرأي، ما يؤكد أن نضالاتنا يجب أن تستمر من أجل إطلاق سراح الجميع”. وتساءل هل هذا العفو يطوي ما جرى”.
واعتبر أن العفو عنه إلى جانب الصحفيين والنشطاء الآخرين ليس بتصحيح لخطأ، لأن العفو نفسه لم يكتمل، فبمجرد الخروج من السجن بدأت حملة التشهير القذرة. ودعا إلى وضع حدّ لصحافة التشهير التي تمو]ل من المال العام، وهي أموال الفقراء والمهمشين من هذا الشعب.

بوعشريـن: فرحتنـا ناقصــة

من جهته، قال توفيق بوعشرين (55 عاما) “ليس السجن، على هوله، أسوأ ما تعرضنا له لسنوات، بل التشهير اليومي بنا في إعلام وصحافة ومواقع وإذاعات وتلفزات رسمية، لا تشبه في شيء الإعلام والصحافة التي تعرفها المجتمعات المتحضرة”.
وأضاف، “كل شيء كان جاهزا وكل الضربات كان مسموحا بها في انتظار ليلة شحذ السكاكين في الغرفة الشهيرة، غرفة الجنايات رقم ثمانية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء”.
وأكمل بالقول: “حتى القضاة على قسوة أحكامهم وهولها كانوا أحيانا أرحم من آلة التشهير، ومعاول الهدم وأوراش سلخ اللحم البشري حيا”.
وحيا بوعشرين “صمود” المتضامنين معه وقال، “إن فرحة الصحفيين والنشطاء المفرج عنهم لم تكتمل لأن عددا من المعتقلين السياسيين لم يعانقوا الحرية بعد”.
وأشار إلى أن معتقلي حراك الريف أبطال حقيقيون تحملوا الكثير من المعاناة والظلم، ومعهم النقيب محمد زيان، ومائة معتقل سياسي تحدث عنهم عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
وانتقد مدير نشر جريدة “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، تدمير كائنات هشّة وأناس عزل ذنبهم الوحيد أنهم اختاروا عكس التيار، وتشبثوا بحقهم البسيط في القول أو العمل والكتابة، أو الاحتجاج والمرافعة، أو إشعال شمعة في الظلام.